دراسة شاملة عن الديدان وآثارها البيئية والصحية

مفهوم الديدان

تُعرف الديدان (بالإنجليزية: worms) بأنها كائنات حيوانية لا فقارية، تتسم بأجسامها الرفيعة والمطولة والناعمة، حيث تفتقر إلى الزوائد، باستثناء نوع واحد وهو الديدان متعددة الشعيرات. يُطلق كذلك مصطلح الديدان على الحيوانات المئوية والألفية، ويفتقر على يرقات بعض الحيوانات اللافقارية، بما في ذلك الحشرات، وكذلك بعض الأنواع من الفقاريات كالسحالي التي تُعرف بسحلية الدودة العمياء، التي تشبه الأفعى.

تمتلك الديدان أبسط أنواع الأدمغة في عالم الحيوانات، إذ تتكون أدمغتها من الأنسجة العصبية الموجودة في مقدمة رأسها، والتي ترتبط بالحبل العصبي الذي يمتد على طول جسمها. وهذا يمكنها من اكتشاف الغذاء والتفاعل مع المفترسات بسهولة، فضلاً عن استجابتها السريعة للضوء من خلال الحبل العصبي وأعضائها الحسية مثل اللمس.

عند ملاحظة وجود حيوان مفترس على السطح، يُرسل دماغها إشارات لتوجيهها نحو الهروب تحت التربة. وفيما يلي جدول يوضح التصنيف العلمي للديدان:

أنواع الديدان

الديدان تُصنَّف إلى ثلاثة أنواع رئيسية بناءً على شكلها، على النحو التالي:

الديدان المسطحة

تنتمي الديدان المسطحة (بالإنجليزية: Flatworms) إلى فصيلة الديدان المفلطحة (Platyhelminthes)، وتتميز بأجسام طرية وناعمة شبيهة بالهلام. تُعتبر معظم أفراد هذه المجموعة كائنات طفيلية تعيش على كائن مضيف للحصول على غذائها.

تتواجد الديدان المسطحة عادة داخل الكائن المضيف أو على سطحه، وغالبًا ما يبقى المضيف على قيد الحياة، إلا في بعض الحالات التي تُفضي فيها الديدان إلى موته. من الأمثلة على ذلك: المستورقات، والديدان الشريطية، والديدان المثقوبة.

الديدان الأسطوانية

الديدان الأسطوانية (بالإنجليزية: Roundworms) تصنف ضمن فصيلة النيماتودا (Nematoda)، وهي ديدان تمتاز بشكلها الأسطواني. تُعرف بأنها من أكثر الكائنات وفرةً على وجه الأرض، حيث يمكن أن تحتوي أمتار من التربة الرملية أو الرطبة على ما يُقارب مليون دودة.

تُقسم الديدان الأسطوانية إلى أنواع تتغذى على اللحوم، وأخرى تتغذى على النباتات، إلى جانب الأنواع الطفيلية. تمتلك هذه الديدان جهازًا هضميًا معقدًا يتضمن أنبوبًا يحتوي على فتحة للفم لإدخال الطعام، وفتحة إخراج في الطرف الآخر لإخراج الفضلات.

الديدان الحلقية

تندرج الديدان الحلقية (بالإنجليزية: Segmented worms) تحت فصيلة الحلقيات (Annelida). تتواجد هذه الديدان في جميع البيئات المختلفة، وتتميز بجسمها المكون من عدة أقسام، مما يجعلها تُعرف أيضًا بالديدان المقسمة.

يمتاز جهازها الهضمي بوجود فتحتين، ويتميز أيضًا بجهاز دوري مغلق يضخ الدم من القلب إلى الأوعية الدموية، كما تحمل مجموعة من الأعضاء الحيوية الأخرى مثل الدماغ، والحبل العصبي، والأعضاء التناسلية، وأعضاء إخراج الفضلات، بالإضافة إلى العضلات.

تستخدم الديدان الحلقيّة عضلاتها المطورة للزحف داخل التربة أو على سطحها، حيث تلتصق شعيراتها الموجودة على كل قسم تربة، ما يساعدها في الحركة أو سحب جسمها تحت التربة.

تكاثر الديدان

تعتبر الديدان حيوانات خنثيّة، مما يعني أن لها أعضاء تناسلية ذكرية وأنثوية دون تفضيل لجنس معين. يتكون عضو البظر لديها في نهاية رأسها الأمامي عندما تبلغ من العمر 4-6 أسابيع.

تتزاوج الديدان في وضعية متقابلة بحيث يكون كلا الرأسين في اتجاهين مختلفين، مما يسمح لهما بنقل الحيوانات المنوية وتخزينها في أكياس، مما يؤدي إلى تشكل شرنقة فوق عضو البظر لكل دودة. عند الابتعاد عن بعضها، تنتقل البيوض والحيوانات المنوية إلى داخل الشرنقة، وبعد ذلك تُغلق الشرنقة لتبدأ عملية الإخصاب.

تحتوي كل شرنقة على من 1 إلى 5 ديدان صغيرة، تكون بحجم صغير جداً وأصغر من حبة الأرز، ولونها أصفر. لا تفقس البيوض داخل الشرنقة إلا تحت ظروف ملائمة، حيث تبقى في حالة سبات لعدة سنوات في حالة الجفاف، منتظرة الظروف المناسبة للفقس.

تفقس البيوض عندما تكون الظروف ملائمة خلال 2-3 أسابيع، وتظهر الصغار باللون الأبيض وطولها بين 1.27 سم و2.54 سم، حيث تستقل الصغار بمجرد ولادتها. وعند بلوغها 6 أسابيع من العمر، يمكنها التكاثر وبدء دورة حياة جديدة.

تغذية الديدان

يشمل النظام الغذائي للديدان مجموعة متنوعة من العناصر الغذائية مثل:

• البكتيريا، والطحالب، والديدان المجهرية مثل الديدان الخيطيّة.
• الحيوانات الصغيرة التي تعيش في التربة.
• الحيوانات المتحللة.
• النباتات المتحللة.
• بعض أجزاء النباتات المتساقطة، مثل الأوراق.
• بعض أنواع النباتات الحية.
• فضلات الحيوانات.

موطن الديدان

تعيش الديدان في التربة وأي سطح يتوفر فيه شروط ملائمة مثل الغذاء والأكسجين ودرجة الحرارة المناسبة والرطوبة، وإذا لم تتوفر هذه الشروط، فإنها تنتقل إلى أماكن أخرى.

يمكن أن توجد داخل فدان واحد من الأرض أكثر من مليون دودة، حيث تحفر الديدان أنفاقًا عميقة في التربة لخلط التربة السطحية مع التربة السفلية. تُعتبر أكبر دودة أرضية في العالم موجودة في جنوب إفريقيا، حيث يبلغ طولها نحو 6.7 متر.

أهمية الديدان

تتولى الديدان دورًا حيويًا في البيئة، إذ تساهم في تحسين جودة التربة وجعلها صالحة للزراعة ونمو النباتات. تبرز فوائد الديدان كما يلي:

• تصريف المياه داخل التربة

تساعد الديدان التي تحفر أنفاقًا في التربة على تدفق الماء والهواء عبر هذه الأنفاق وزيادة كميتها بداخلها، إذ قد تتمكن الديدان من إنشاء نظام تصريف بطول 609 متر وعرض 15 سم.

• توفير المواد العضوية للتربة

تقوم الديدان بتحليل الأوراق والأعشاب وتحويلها إلى مواد عضوية تستفيد منها النباتات، كما إنها تنقل المواد العضوية من التربة السطحية وتخلطها مع التربة السفلية، مما يزوّد النباتات بالنيتروجين اللازم، والذي يتواجد داخل مادة تُسمى الوحل التي تُفرزها الديدان في التربة السفلية.

• إنتاج الأسمدة

تساعد الديدان في إنتاج نوع ذو جودة عالية من الأسمدة الناتجة عن فضلاتها بعد تناول غذائها، حيث يمكن لـ 500 ألف دودة تعيش في فدان واحد أن تنتج نحو 50 ألف كيلوجرام من الأسمدة.