آلية تأثير فيروسات التهاب الكبد الوبائي على الجسم

التهاب الكبد الوبائي

يُعتبر الكبد واحداً من الأعضاء الأساسية في جسم الإنسان، حيث يؤدي عدة وظائف حيوية هامة. من بين هذه الوظائف، يقوم الكبد بتنقية الدم من المواد الضارة والسامة، وإنتاج مجموعة من البروتينات الضرورية، وتخزين السكريات والدهون والفيتامينات حتى يتم الاستفادة منها عند الحاجة. كما يشارك في بناء مركبات معقدة لها دور رئيسي في صحة الجسم. ومع ذلك، قد يتعرض الكبد لعدد من الأمراض، من بينها التهاب الكبد الفيروسي، الذي يحدث نتيجة تعرض الكبد لفيروسات معينة تتسبب في التهاب الأنسجة. جدير بالذكر أن التهاب الكبد الفيروسي يُعتبر من المشاكل الصحية الشائعة عالمياً. حيث يُقدّر عدد الأشخاص الذين يعانون من التهاب الكبد الفيروسي المزمن بحوالي ملياري شخص حول العالم.

آلية تأثير الفيروسات المسببة لالتهاب الكبد

تتشابه آلية تأثير الفيروسات المسببة لالتهاب الكبد مع وجود بعض الاختلافات الطفيفة بين الأنواع المختلفة. تعتمد شدة المرض والتلف الذي يلحق بالكبد على فترة الإصابة بالعدوى ونوع البروتينات التي يفرزها الفيروس. الآلية العامة التي تؤدي إلى إحداث الضرر في الكبد ليست نتيجة ضرر مباشر للفيروس على خلايا الكبد، بل تنجم عن الاستجابة المناعية للجسم تجاه الفيروس والبروتينات المفرزة. يتم تفعيل سلسلة من العمليات؛ مما يؤدي إلى موت الخلايا بشكل مبرمج (بالإنجليزية: Apoptosis)، وهو رد فعل مناعي يهدف للقضاء على الفيروس. يؤدي هذا الأمر، في حالات العدوى المزمنة، إلى التأثير السلبي على وظيفة الكبد، وزيادة خطر الإصابة بتليف الكبد (بالإنجليزية: Cirrhosis) وسرطان الكبد.

أنواع الفيروسات المسببة لالتهاب الكبد الوبائي

توجد أنواع عديدة من الفيروسات المسؤولة عن الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي، وتختلف هذه الفيروسات من حيث الخصائص وشدة الالتهاب الكبدي المصاحب لها. نستعرض فيما يلي بعض هذه الفيروسات.

التهاب الكبد أ

يصاحب التهاب الكبد أ (بالإنجليزية: Hepatitis A) الناجم عن فيروس الكبد أ ظهور مجموعة من الأعراض المرتبطة بالكبد، مثل اليرقان (بالإنجليزية: Jaundice)، والغثيان، والشعور بالتعب والإعياء. تتراوح فترة حضانة هذا الفيروس بين 15 إلى 45 يوماً، وغالباً لا تظهر أعراض على الأطفال الصغار عند الإصابة بهذا النوع. يعتبر التهاب الكبد أ الحاد أشد وطأة لدى البالغين، حيث تكون نسبة الوفيات بينهم أعلى مقارنةً بالأطفال. تُشير الإحصاءات إلى أن الحالات الجديدة سنويًا تصل إلى حوالي 4000 حالة، ويحدث انتقال العدوى بشكل أساسي من خلال ملامسة الأغراض أو تناول الأطعمة والمشروبات الملوثة ببراز شخص مصاب. عادةً ما تستمر العدوى لعدة أسابيع حتى عدة شهور.

التهاب الكبد ب

ينتج التهاب الكبد ب (بالإنجليزية: Hepatitis B) عن العدوى بفيروس الكبد ب. تتعدد طرق انتقال الفيروس، حيث يمكن أن تنتقل العدوى من سوائل الجسم مثل الدم والسائل المنوي، أو عبر استخدام معدات طبية ملوثة، أو من خلال تبادل الأدوات الشخصية كفرشاة الأسنان أو شفرات الحلاقة. يُقدّر عدد المصابين بهذا النوع بحوالي 850 ألف شخص حول العالم، فيما تكون الإصابات الجديدة السنوية في حدود 21 ألف حالة. يُعتقد أن شخصين من كل ثلاثة مصابين بهذا النوع غير مدركين للإصابة. يعتبر التهاب الكبد ب أحد الأسباب الرئيسية للإصابة بسرطان الكبد.

التهاب الكبد ج

يُحدث التهاب الكبد ج (بالإنجليزية: Hepatitis C) نتيجة الإصابة بفيروس الكبد ج، وتكون فترة حضانة الفيروس حوالي ثمانية أسابيع. غالباً ما تكون العدوى في حالات الإصابة الحادة بلا أعراض، وإذا ظهرت الأعراض تكون خفيفة. ينتقل الفيروس عبر الدم الملوث، كاستخدام أدوات ملوثة أو عمليات نقل الدم أو زراعة الأعضاء. يُقدر عدد الأشخاص الذين يعانون من هذا النوع بحوالي 3.5 مليون شخص، مع تسجيل حوالي 41 ألف حالة إصابة جديدة سنوياً. يعد التهاب الكبد ج سبباً رئيسياً للإصابة بسرطان الكبد ولجوء الأشخاص لعمليات زراعة الكبد.

التهاب الكبد د

ينجم التهاب الكبد د (بالإنجليزية: Hepatitis D) عن العدوى بفيروس الكبد د، وهو مشابه كثيراً للالتهاب الكبدي ب. قد يتعرض بعض الأشخاص للإصابة بكلا الفيروسين في ذات الوقت، مما يؤدي إلى سرعة تطور المرض إلى المرحلة المزمنة، وقد تتفاقم الأعراض بشكل سريع في حالة إصابة شخص بفيروس الكبد د إذا كان لديه التهاب الكبد ب.

التهاب الكبد هـ

يرتبط التهاب الكبد هـ (بالإنجليزية: Hepatitis E) بفيروس الكبد هـ، وتتراوح فترة حضانة هذا الفيروس بين أسبوعين إلى عشرة أسابيع. عادةً ما تكون الإصابة الحادة أقل حدة من النوع ب. تتأرجح مستويات إنزيم ناقلة الأمين (بالإنجليزية: Aminotransferase) في هذه الحالة. والجدير بالذكر أن خطر الوفاة المرتبط بالعدوى الحادة أعلى بشكل ملحوظ عند النساء الحوامل، حيث تصل النسبة إلى 25% خلال الثلث الأخير من الحمل. بعض حالات التهاب الكبد هـ قد تتطور لتؤدي إلى تليف الكبد أو فشل كبدي حاد.

Scroll to Top