تحفة المودود في الأحكام المتعلقة بالمولود

مقدمة حول كتاب “تحفة المودود بأحكام المولود”

ألف هذا الكتاب الإمام ابن قيم الجوزية، وهو الفقيه الحنبلي المعروف، محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي ثم الدمشقي، الذي وُلِدَ في عام 691هـ وتوفي في عام 751هـ. تمت كتابة هذا المؤلف بوحي من تجربته الشخصية عندما وُهِبَ ولداً ولم يكن لديه ما يهديه إليه، فاتجه إلى تأليف هذا الكتاب كهدية لمولوده.

يتناول الكتاب موضوع أحكام المولود منذ ولادته وهو في مرحلة الطفولة، ويشمل مجموعة من القضايا المهمة مثل: التسمية، الختان، العقيقة، وحلق الرأس، بالإضافة إلى تربية الطفل ومبادئها. يستعرض المؤلف تطور الإنسان منذ كونه نطفة وصولاً إلى موته ودخوله إلى مسكنه النهائي في الجنة أو النار. وقد تم نشر الكتاب في عام 2010م.

يختلف عدد صفحات الكتاب باختلاف الطباعة، حيث تشير النسخ المخطوطة إلى أن بعضها يتكون من 91 ورقة بينما الأخرى تحتوي على 132 ورقة. أما النسخ المطبوعة، فقد أصدرت دار عالم الفوائد في مكة المكرمة نسخة تتكون من حوالي 588 صفحة بتحقيق عثمان بن جمعة ضميرية، خالية من مقدمة المحقق.

يمكن للقارئ استكمال قراءة الكتاب في ما يقرب من 59 يوماً إذا قرأ يومياً 10 صفحات فقط. أما إذا قرأ أكثر، فمن الممكن إنهاؤه في فترة زمنية أقصر؛ حيث إن الكتاب شيق يمكن إنهاؤه في أقل من أسبوع عند قراءة 100 صفحة يومياً، وهو ما يعد رقماً معقولاً في عالم القراءة، ويمكن إتمامه في نحو ساعتين.

منهج المؤلف في “تحفة المودود بأحكام المولود”

لم تكن المناهج التحليلية سائرة في زمن الإمام ابن قيم؛ إذ ظهرت في وقت لاحق في القرون المتأخرة. ومع ذلك، فإن من يتأمل كتاب ابن قيم يلاحظ اعتماده على منهج الاستقراء والتحليل والمقارنة بشكل واضح في تأليفه.

جمع المؤلف المعلومات، وقام بتحليلها ثم صنفها وفق المنهج العصري، واستنتج فرضياته حول التربية التي اقترحها للمولود وأجزاء أخرى تحتوي على توصيات ونتائج مشابهة تعكس منهجية البحث في العصر الحديث.

الجدير بالذكر أن ابن القيّم يُعتبر من أبرز العلماء في الإسلام، وقد اشتهر في المذهب الحنبلي بفضل غزارة علمه ومهارته اللغوية والمعرفية، مما ساعده في تأليف العديد من الكتب بلغة سهلة تُتيح للقارئ الاستمتاع بالقراءة دون شعور بالملل.

محتويات كتاب “تحفة المودود بأحكام المولود”

قسّم الإمام ابن القيّم الكتاب إلى سبعة عشر بابًا، وكل باب يحتوي على عدة فصول أو أقسام، ومن أهم الأبواب في الكتاب:

الباب الأول

يحمل هذا الباب عنوان “استحباب طلب الولد”، ويتضمن عدة فصول مثل: “الحث على طلب الأولاد في آية البقرة”، و”أحاديث في الترغيب بالزواج وطلب الأولاد”، و”أحاديث حول فقد الولد وشفاعته لوالديه”، و”تفسير آية النساء {ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا}”.

الباب الثاني

يتمحور تحت عنوان “كراهية تسخيط البنات”، وفيه عدة فصول تشمل: “أقسام الأولاد بحسب القرآن”، و”أحاديث في فضل البنات والإحسان إليهن”، و”تفسير كان بدايته بذكر الإناث في آية الشورى”.

الباب الثالث

سُميَّ هذا الباب “استحباب البشارة بالولد والتهنئة”، ويحتوي على فصول تتناول “الآيات المعبرة في بشارة إبراهيم بالولد”، و”الفرق بين البشارة والتهنئة”.

الباب الرابع

في هذا الباب، “التأذين في أذنه اليمنى والإقامة في اليسرى”، يتناول المؤلف فصولاً تتعلق بسر التأذين وتأثيره الروحي.

الباب الخامس

يحمل عنوان “استحباب تحنيكه”، مما يتناول أحاديث تتعلق بتحنيك الطفل وآثاره.

الباب السادس

هذا الباب يعد الأوسع في الكتاب ويبحث في موضوع العقيقة وأحكامها، حيث يتناول المؤلف تفاصيل عديدة حول مشروعيتها وفوائدها.

الباب السابع

عنوانه “حلق رأسه والتصدق بوزن شعره”، حيث يتعرض لأحكام الحلق ومواقعه الاجتماعية.

الباب الثامن

تناول موضوع “تسمية المولود وأحكامها ووقتها”، حيث يحتوي هذا الباب على فصول مليئة بالتوجيهات المتعلقة بتسمية الأطفال.

الباب التاسع

هذا الباب بعنوان “ختان المولود وأحكامه”، وقد تناول تفصيلات عديدة تتعلق بالختان وفوائده. كما يمتد إلى جوانب حكمه ومشروعيته.

الباب العاشر

عنوانه “حكم ثقب أذن الصبي والبنت”، حيث يمتد إلى فصول تصف الآراء حول جواز هذا الأمر.

المصادر التي اعتمد عليها المؤلف

استند المؤلف إلى عدد من المصادر في تأليف الكتاب، ومنها:

  • السنّة النبويّة.

اعتمد المؤلف في المقام الأول على السنة النبوية التي وضحت أحكام المواليد بشكل مفصل في الأحاديث.

  • القرآن الكريم.

يتضمن القرآن الكريم آيات صريحة تتعلق بأحكام المولود والرعاية الخاصة به.

  • كتب الفقه الإسلامي.

علاوة على ذلك، استفاد ابن القيم من كتب الفقه في المذاهب الأربعة، حيث برع في هذا المجال واستند إلى الأحاديث النبوية.

اهتمام العلماء بكتاب “تحفة المودود بأحكام المولود”

أظهرت مجموعة من العلماء اهتماماً ملموساً بكتاب “تحفة المودود بأحكام المولود”، ومن الأعمال المرتبطة به ما يلي:

  • “المقصود من تحفة المودود لابن قيم الجوزية”، للشيخ تقي الدين يحيى بن محمد.

هذا الكتاب هو مختصر من “تحفة المودود” ويعكس فكر ابن القيّم.

  • “تعليقات الملتاني الهندي”، وهي مجموعة من التعليقات على نسخة الشيخ الهندي.

وضعت هذه التعليقات من قبل الحافظ الهندي، لتقديم توضيحات إضافية على النص الأصلي.

  • “مختصر تحفة المودود لابن القيم: اختصار وتخريج”، للشيخ محمد ناصر الدين الألباني.

بهدف المحافظة على محتوى الكتاب الأصلي مع تخريج الأحاديث، قام الشيخ الألباني باختصاره.

اقتباسات من كتاب “تحفة المودود بأحكام المولود”

من الاقتباسات البارزة في كتاب “تحفة المودود”:

  • “إن التسمية لما كانت حقيقتُها تعريفَ الشيء المسمَّى، جاز تعريفُه يوم وجوده وتأخيره لجَيل أو لثلاثة أيام، أو حتى يوم العقيقة”.
  • “مَنْ تأمَّلَ السنَّةَ وجدَ معاني الأسماء مرتبطةً بها، وكأنَّ الأسماءَ مشتقَّةٌ من معانِيها”.
  • “من أهمل تعليم ولده ما ينفعه، وتركه سُدًى، فقد أساء إليه غاية الإساءة”.
Scroll to Top