صفات الله تعالى
الله -سبحانه وتعالى- هو خالق الكون، ويملك الأسماء الحسنى والصفات العُليا، وهذه الصفات تجسد كمال ربوبيته وعظمة ألوهيته. إن الصفات التي يتمتع بها الخالق لا يمكن لأحد أن يشاركه فيها.
قبل التطرق لتفاصيل صفات الله تعالى، يجدر الإشارة إلى بعض القواعد الأساسية التي يجب أن يفهمها الجميع. ينبغي تأكيد الصفات بالإثبات اللفظي والمعنوي، وترك علم ذلك لله وحده. كما أنه يجب تجنب أي تشبيه بين صفاته وصفات المخلوقين. فيما يلي نستعرض بعض هذه الصفات:
الوجود
يشير مفهوم الوجود إلى أن الله -تعالى- موجود بلا مكان، وليس له بداية ولا يخضع للزمان. قال -تعالى-: (هو الأوَّلُ)، مما يعني أن وجود الله كان في الأزل منذ الأوقات التي لا بداية لها. وأيضاً قال: (وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ)؛ أي أن الدليل على وجود الله يتواجد في أنفس البشر.
يقول بعض علماء العقيدة: “كنتُ بعد أن لم أكن، وما كان بعد أن لم يكن، فلا بد له من مُكوِّن، وهذا المكوِّن هو الله الذي لا يُشبه شيئًا من الحوادث.”
القدم
تأتي صفة القدم بمعنى الأزلية التي يتمتع بها الله -تعالى-، فلا بداية لوجوده ولا نهاية. وبالرغم من عدم ورود هذه الكلمة تحديداً في القرآن، إلا أن معناها قد ذكر، كما في قوله: (هو الأوَّلُ). ولذلك، فإنه من غير الصحيح تفسير هذه الآية كصفة قديمة مثل صفات المخلوقات، فالله -تعالى- كان موجودًا قبل الزمان.
البقاء
تدل صفة البقاء على اللانهاية، وتعتبر من صفات وجود الله -تعالى-، حيث إن الازلي يستحيل عليه العدم. الله أبدي، لا نهاية لوجوده، ولا يفنى. لو لم يكن الله بهذه الهيئة، لما استمر الكون في الوجود. قال -تعالى-: (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام)؛ أي أن ذاته هي الباقية.
الوحدانية
تشير الوحدانية إلى أن الله -سبحانه وتعالى- واحد لا شريك له، ولا يقبل الانقسام في ذاته وصفاته وأفعاله. يستحيل على الله أن يكون له مناسبة مع المخلوقات مثل الأجسام، كالعروش والسماوات والجنة وغير ذلك. لو كان الله متعدداً، لما كان العالم منظمًا ودقيقًا. كما قال -تعالى-: (قل هو الله أحد).
القيام بنفسه تعالى
هذا يعني أن الله -سبحانه وتعالى- ليس بحاجة إلى أحد، وهو غني عن كل شيء. الله -تعالى- لا ينتفع بعبادة خلقه، ولا يتأثر بخطاياهم، بل إن المخلوقات هي التي تحتاج إليه. قال -تعالى-: (وَالله الغني وأنتم الفقراء).
الحياة
الحياة صفة أزلية أبدية في حق الله، وهي ليست كحياة المخلوقات؛ حيث لا تضاهيها أي حياة من روح أو لحم أو دم. الله -تعالى- حي لا يموت، ولو لم يكن حياً لما اتصف بالعلم والقدرة والإرادة. قال -تعالى-: (الله لا إله إلا هو الحي القيوم).
القدرة
القدرة تعد صفة قائمة بذات الله -تعالى-، فهو قادر على كل شيء، ولا يعجزه شيء. من أوجد الكون والمخلوقات، ويستطيع من خلال قدرته إحداث العدم أو العكس. العجز والنقص مستحيلان على الله؛ فالكمال من شروطه الألوهية. قال -تعالى-: (وهو على كل شيء قدير)، وأيضًا: (إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين)، فالقوة هنا تعني القدرة.
تجدر الإشارة إلى أن القدرة تتعلق بالجائزات العقلية فقط، فهي لا تشمل الأمور التي لا تقبل الوجود، لذا لا يجوز القول إن الله قادر على خلق مثله أو إعدام نفسه، ومع ذلك لا يقال إنه عاجز عن ذلك.
الإرادة
الإرادة صفة أزلية ثابتة تُعبر عن مشيئة الله، حيث يتعلق كل شيء بمشيئته -تعالى-. الله -سبحانه- يُحدّد كل شيء في الوجود وفق ما يراه مناسباً. مما يوضح ذلك أن الإنسان يمكن أن يكون على شكل آخر في زمن مختلف. قال -تعالى-: (فعال لما يريد)، أي أن الله -سبحانه وتعالى- يُوجد المكونات ويُحيي الفعاليات بإرادته.
العلم
العلم هنا هو صفة أزلية وثابتة لدى الله -تعالى-، حيث إنه يعلم بكل شيء قبل وقوعه، ولا يتجدد له علم، فكله شامل. لو لم يكن الله عالماً، لكان جاهلاً، وهو منزه عن كل نقص. كما قال -تعالى-: (وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً)، وأيضًا: (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)، أي لو لم يكن عالماً، لما خلق هذا الكون.
السمع
الله -سبحانه- يسمع بسمع أزلي فريد، ولا يحتاج إلى أذن أو آلات؛ لو لم يكن لديه سمع، لكان مُتصِفًا بالصمم، وهو نقص لا يتماشى مع صفات الله. دلائل ذلك موجودة في قوله -تعالى-: (وهو السميع العليم).
البصر
الله -تعالى- يرى رؤية لا تشبه رؤية أي مخلوق؛ فهو يدرك الحوادث بدون حاجة إلى أدوات. إذا تم نفي هذه الصفة، لكان مُتصِفًا بالعمى، وهو نقص يتنافى مع صفات الله. قال -تعالى-: (وهو السميع البصير).
الكلام
الكلام هو صفة أزلية أبدي، يتحدث الله -تعالى- بكلام لا يشبه كلام البشر، فهو يتكلم بلا لسان أو صوت أو لغة، وهو خالق الحروف والأصوات. وقد جاء في القرآن الكريم منظمات لكلامه. إذا لم يكن لله كلام، لكان أبكماً، والبكم هو نقص. الله -سبحانه وتعالى- منزه عن كل نقص. قال -تعالى-: (وكلم الله موسى تكليماً)، أي أن الله أسمعه كلماته الأزلية.
المخالفة للحوادث
تشير هذه الصفة إلى أن الله تعالى لا يشبه أي مخلوق، فإذا كان يشبههم لكان عرضة للتطور والتغيير والفناء، ولحتاج إلى غيره. الله -سبحانه- منزه عن ذلك. قال -تعالى-: (ليس كمثله شيء)، أي أنه ينفي مشابهته لأي شيء سواء كان أجسامًا أو أجرامًا، لأنه يتنافى مع صفات الألوهية.