سوريا
تعرف سوريا رسمياً باسم الجمهورية العربية السورية، وهي دولة عربية لها أهمية خاصة وحساسية كبيرة. تقع سوريا في الجزء الآسيوي من الوطن العربي، ضمن منطقة بلاد الشام، وتحدها مجموعة من الدول المهمة. من الشمال تحدها تركيا، بينما يحدها الأردن من الجنوب، ويحدها العراق من الشرق، ومن الغرب تحدها لبنان وفلسطين، بالإضافة إلى الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط.
أدى موقعها الجغرافي الاستراتيجي إلى منح الأراضي السورية، وكذلك أراضي بلاد الشام، أهمية كبيرة، حيث أصبحت أرضاً لطالما استقرت فيها الحضارات والشعوب على مر العصور. تعتبر سوريا دولة حضارية رئيسية، وتاريخها يمتد لآلاف السنين، حيث يعود البعض من ذلك التاريخ إلى عصور سابقة على المناطق الأخرى في العالم.
تاريخ سوريا
فترة ما قبل الميلاد
تعود بعض الآثار المكتشفة في سوريا إلى أكثر من سبعمئة وخمسين ألف عام مضت، حيث وُجدت آثار للنياندرتال والأسترالوبيتين، كما اكتشف الإنسان العاقل الذي يعود تاريخه لأكثر من مئة وخمسين ألف عام.
أما الاستقرار البشري الأول في سوريا فقد بدأ قبل نحو اثني عشر ألف عام، حيث تم تأسيس مستوطنات بشرية في مناطق سورية لا تزال قائمة حتى اليوم. ومن أبرز هذه المستوطنات مدينتا دمشق وحلب، مما يجعل من سوريا مهد الحضارة.
قبل أكثر من ثلاثة آلاف عام، بدأت المجتمعات في سوريا تصبح أكثر تعقيداً مع ظهور الممالك القديمة مثل مملكة يمحاض، ماري، إيبلا، وأوغاريت. ثم جاء دور الإمبراطوريات الكبرى، بدءًا من عهد سرجون الأكادي، تلتها الحضارة الكنعانية، والبابلية مع حمورابي، قبل الدخول في فترة من العصور المظلمة التي شهدت ظهور الإمبراطورية الكاشية والحثية.
فيما بعد، برزت الحضارة الآرامية التي شملت مملكة بخياني وآرام دمشق. في القرن التاسع قبل الميلاد، قاد شلمنصر الثالث من الإمبراطورية الآشورية جهود توحيد منطقة الهلال الخصيب، تبعه نبوخذنصّر الذي عمل على الحفاظ على وحدة الأراضي. بعد حوالي ثلاثة قرون قبل الميلاد، تمكن الإسكندر المقدوني من فتح منطقة الهلال الخصيب، ولكن بعد وفاته، تفككت الأراضي تحت حكم سلوقس الأول الذي لقب نفسه بملك سوريا، إذ أسس مدينة أنطاكية كمركز للحكم.
تمكنت المملكة الأرمينية من السيطرة على بعض المناطق نتيجة ضعف السلوقيين قبل نحو سبعين عاماً من الميلاد. وفي وقت لاحق، وقبل أربعة وستين عاماً من الميلاد، دخل الرومان مناطق سوريا وقاموا بتقسيمها إلى أراضٍ صغيرة، منها الولاية العربية التي تمركزت حول بصرى، كما نشأت مملكتا حمص وتدمر في الإمبراطورية الرومانية، ونالتا بعض النفوذ السياسي قبل أن يتم تدميرهما لاحقاً على يد الرومان.
فترة ما بعد الميلاد
بعد ميلاد السيد المسيح، انتشرت المسيحية في الإمبراطورية الرومانية، مما أحدث تحولاً كبيراً على مختلف الأصعدة. ثم جاء الإسلام ليغير معالم المنطقة والعالم بأسره بإحلال مرحلة جديدة على الساحة العالمية.
في عهد الخليفة عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قام المسلمون بفتح سوريا، حيث تم الدخول إلى معظم المدن بشكل سلمي تحت راية الدولة الإسلامية الناشئة. تلت ذلك الدولة الأموية التي اتخذت من دمشق عاصمة لها في وقت لاحق، ثم جاءت الدولة العباسية، حيث شهدت المنطقة العديد من النزاعات والصراعات. في عصر الدولة العباسية، دخلت القوات العثمانية إلى سوريا بقيادة السلطان سليم الأول بعد انتصارهم في معركة مرج دابق على المماليك.
سوريا في العصر الحديث
بعد حكم العثمانيين لفترة طويلة، انطلقت الثورة العربية الكبرى، ودخل المستعمرون إلى المنطقة، مما جعل سوريا تحت الاحتلال الفرنسي. في النصف الثاني من القرن العشرين، تم تأسيس الجمهورية العربية السورية بعد أحداث سياسية هامة شهدتها المنطقة. وفي الآونة الأخيرة، اشتعلت الأوضاع السياسية في سوريا، ولا تزال نتائج هذه الأحداث غير واضحة، بينما يبقى مستقبل سوريا، التي تُعتبر من أعظم دول العالم تاريخياً وحضارياً، موضع تساؤل.