النظرية القديمة للذرّة
يعتبر الفيلسوف اليوناني ديمقريطس واحدًا من روّاد الفلسفة العلمية، حيث كان أوّل من اقترح مفهوم الذرّة واطلق عليها هذا الاسم (باليونانية: atomas)، والذي يعني “غير قابل للتجزئة”. تتلخص نظریة ديمقريطس بالنقاط التالية:
- الذرّة تُعتبر أصغر وحدة في المادة، ولا يمكن تقسيمها.
- لكل مادة ذرّة فريدة من نوعها، ولا يمكن أن تتكون مواد مختلفة من ذرّات متشابهة.
- تختلف ذرّات المواد من حيث الحجم والشكل.
- تتحرّك الذرّات باستمرار في الفراغ، وتتفاعل مع بعضها البعض نتيجة تصادماتها، مما يُحدث تغييرات في خصائص المادة.
نظرية دالتون الذرية
بدأت النظرية الذرية الحديثة في عام 1805م، حيث قام الكيميائي جون دالتون بتطوير نموذج من عدة أبعاد ينص على أن نسب كتل العناصر في المركبات تتكون من أعداد صحيحة بسيطة، وأن كل عنصر كيميائي يتكوّن من نوع واحد من الذرّات التي لا يمكن تدميرها في أي تفاعلات كيميائية. اعتمد دالتون في بناء نظريته على مجموعة من القوانين، منها:
- قانون حفظ الكتلة: الذي ينص على أن كمية الكتلة في المواد المتفاعلة تساوي كمية الكتلة في المواد الناتجة.
- قانون النسب الثابتة: الذي ينص على أن نسبة كتل العناصر في مركب معين ثابتة.
تجدر الإشارة إلى أن أميديو أفوغادرو، في عام 1811م، تمكن من تصحيح أحد العيوب في نظرية دالتون، وهو قياس الكتلة الذرية بدقة، حيث اكتشف أنه عند وضع غازات بأحجام متساوية تحت نفس الظروف من الحرارة والضغط، فإن جميع هذه الغازات، مهما كانت طبيعتها، تحتوي على نفس عدد الجزيئات.
نموذجا طومسون ورذرفورد للذرّة
إليك عرض موجز لنموذجي طومسون ورذرفورد للذرّة:
اكتشاف طومسون
في عام 1897م، نجح الفيزيائي جون طومسون في اكتشاف الإلكترون، الذي يُعدّ أحد مكونات الذرّة ويحمل شحنة سالبة. أدى هذا الاكتشاف إلى تغيير المفهوم السابق الذي كان يفيد بأن الذرّة غير قابلة للتجزئة. بناءً عليه، اقترح طومسون نموذجًا للذرّة، والذي يُعرف بنموذج “الكعكة المحتوية على البرقوق” (Plum Pudding Model). ينص هذا النموذج على أن الذرّة تتكون من حقل من المادة الموجبة، مع وجود الإلكترونات سالبة الشحنة موزعة ضمن هذا الحقل بفعل القوى الكهربائية، مما يشير إلى أن الشحنة الكُلية للذرّة متعادلة وفقًا لهذا النموذج.
تطوير رذرفورد لنموذج الذرّة
عَززَت نظرية طومسون إلهام تلميذه إرنست رذرفورد للقيام بمزيد من التجارب، حيث افترض أنه إذا كان نموذج معلمه صحيحاً، فإن كتلة الذرّة يجب أن تكون موزعة بشكل متساوٍ. وبالتالي، عند إطلاق جسيمات ألفا باتجاه الذرّة، فإن جزءاً منها يجب أن ينحرف قليلاً. إلا أن النتائج كانت مذهلة، حيث انحرفت بعض جسيمات ألفا تماماً إلى الوراء، مما يدل على أن معظم كتلة الذرّة تتركز في نواتها. ومن ثم، استخلص رذرفورد نموذج “الكواكب” للذرّة، الذي ينص على وجود البروتونات في النواة بينما تدور الإلكترونات حولها.
نموذج بور للذرّة
على الرغم من صحة نموذج رذرفورد، إلا أنه لم يتمكن من تفسير بعض الظواهر مثل عدم اصطدام الإلكترونات بالنواة، بالإضافة إلى انبعاث أطياف الهيدروجين وتأثير الشحنات الكهروضوئية. ومن هنا، اقترح الفيزيائي الدنماركي نيلز بور نموذجًا جديدًا في عام 1915م، والذي ينص على أن الإلكترونات لا تفقد الطاقة أثناء دورانها حول النواة، بل تكون موجودة في مستويات طاقة مختلفة يُطلق عليها فيما بعد “المستويات المستقرة” (stationary states).
يعني هذا أن الإلكترونات تدور على مسافات ثابتة من النواة، وعند اكتساب الطاقة تنتقل إلى مستويات أعلى، وتفقد هذه الطاقة من خلال الإشعاع عندما تعود إلى مداراتها الأصلية. كذلك يُعرف نموذج بور بالنموذج الكوكبي للذرّة.