تفسير الآية: “اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم” قد تم تحليله من قبل العديد من العلماء الذين بذلوا جهداً كبيراً في فحص معاني كل كلمة في القرآن الكريم، وتوصلوا إلى دلالات عميقة ودقيقة من خلال دراساتهم المتفانية.
تفسير الآية: اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم
تُعتبر هذه الآية من الأجزاء المعروفة في القرآن، والتي يتساءل عنها الكثيرون. وفيما يلي شرح الآية: “اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم”:
- تشير الآية إلى أن الله تعالى يختار ختم أفواه المشركين).
- يُذكر أن هذا سيحدث يوم القيامة، حيث سيكون لكل فرد شهود على أفعاله.
- ستكون اليدين والأرجل شاهدة على ما قام الشخص بفعله في الحياة الدنيا.
- سوف تقر أقدامهم سواء من الفخذ أو غيره بما اقترفته أيديهم من ذنوب.
- ختامًا جاء في الآية عبارة “بما كانوا يكسبون” دلالة على أن الأعمال قد تمت في الدنيا.
- للصلاحاء أثر كبير في تفسير هذه الروايات.
- قال يعقوب عن حميد بن هلال أن الله سيحاسب المؤمنين في يوم القيامة.
- حيث يُعرض على كل فرد ما قام به، فيعترف العبد بحرية.
- عندها يستر الله هذا العبد وينسخ ذنوبه.
- لن يفضح الله عبده يوم القيامة كما ستره في الدنيا.
- أما الكفار والمنافقون، فسوف ينكرون ذنوبهم ويحاولون الكذب.
- حيث يتهمون الملائكة بكتابة ما لم يفعله، فيسألهم رب العالمين ألم تفعلوا كذا وكذا في ذلك اليوم، فيبقى ردهم بالنفي.
- بهذه الطريقة، يقوم الله بختم قلوبهم.
- ذكر الأشعري في مؤلفه أن أول ما ينطق به العبد هو فخذه الأيمن.
- وقد قال الأعمش عن الشعبي أنه في يوم القيامة، على العباد عدم الإنكار.
- عندما ينكر العبد فعلته، يختتم الله على فمه وتبدأ الأجزاء الأخرى بالنطق والإقرار.
- لذا يقول الكافر والمنافق لجوارحه أبعدكن الله عني، فلم أكن أعاين إلا بسببتكم.
- وقد رأى قتادة أن الآية تشير إلى الخصومات، وقد نُهيت بختم الجوارح.
تفسير ابن كثير
فسر ابن كثير الآية: “اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم” كالتالي:
- تصف هذه الآية حالة الكافرين والمنافقين في الآخرة يوم القيامة.
- حيث لا يعترفون بما ارتكبوه من ذنوب في حياتهم، ويستمرون في الإنكار.
- كما يقرّون بأيمانهم أنهم لم يفعلوا ما هو كاذب، فيأتي ختم على جوارحهم.
- فيكون كل جزءٍ من الجوارح شهيدًا على ما قام به العبد من أفعال.
- ويذكر مالك ابن أنس أنهم كانوا يجلسون مع النبي ﷺ، فضحك النبي كثيرًا.
- فسألهم رسول الله إن كانوا يعرفون سبب ضحكه، فقالوا: الله ورسوله أعلم.
- فقال النبي ﷺ إنه يضحك من مجادلة العباد مع الله تعالى في يوم القيامة.
- فيقول العبد لربه: ربي، ألم تُجرني وتمنع عني الظلم؟ فيجيب: بلى.
- فيطلب العبد الشهادة من نفسه في ذلك اليوم.
- ثم يُختم على جوارحه ويطلب منها النطق فيذكر كل جزء ما فعله العبد.
- ويخبر الله أن الكرام الكاتبين سيكونون شاهدين، وكذلك نفس العبد ستكون شاهدة عليه.
- بعد ذلك، يتحدث العبد إلى جوارحه: أبعدكن الله، فقد كنت أقاوم لأجلكم.
معاني الكلمات في الآية: اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم
لكي يتمكن المرء من فهم معاني الآية بشكل دقيق، يجب التعرف على معاني الكلمات الواردة فيها:
- كلمة “نختم” تأتي من الفعل العربي الذي يعني غلق الشيء بإحكام، والفعل هنا من فاعل يطلق عليه “خاتم”.
- أما المفعول به في هذه الحالة هو “مختم” أو “مختوم”، بمعنى تغطية شيء بشكل جيد.
- هذا يضمن عدم دخول أي شيء آخر.
- استُخدمت دلالة التغطية أيضًا في قوله: “أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها”.
- والران المذكور في سورة المطففين يُستخدم كغطاء على قلب الكافر.
- أما “أفواههم” فإنها تشير إلى الفم، والمفرد من الكلمة هو “فوه”.
- كلمة “يكسبون” تعني أنه أصاب شيئاً بحسب سيبويه، و”اكتسب” يعني اجتهد وتحرك.
- وبذلك، تشير المعاني إلى أن أجزاء العبد سوف تُشاهد وتُذكر ما فعله في الحياة الدنيا.
إعراب الآية: اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم
لنستعرض الإعراب الخاص بالآية: “اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم” كما يلي:
- “اليوم” ظرف زمان منصوب بالفتحة الظاهرة على آخر الكلمة.
- “نختم” فعل مضارع مرفوع بالضمة.
- فاعل “نختم” ضمير مستتر تقديره “نحن”.
- “على أفواههم”، “على” حرف جر، و”أفواههم” اسم مجرور بعلامة الجر الكسرة.
- الهاء في “أفواههم” ضمير متصل مبني في محل الجر.
- الميم في “أفواههم” تدل على الجمع.
- “وتكلمنا” الواو حرف عطف، و”تكلمنا” فعل مضارع مرفوع بالضمة.
- نا في “تكلمنا” ضمير متصل منصوب على أنه مفعول به.
- “أيديهم” فاعل مؤخر مرفوع بالضمة.
- الهاء في “أيديهم” ضمير متصل مبني في محل الجر.
- الميم في “أيديهم” تدل على الجمع.
- و”تشهد” فعل مضارع مرفوع بالضمة.
- “أرجلهم” فاعل مرفوع بالضمة.
- الهاء في “أرجلهم” ضمير متصل مبني في محل الجر.
- الميم في “أرجلهم” تدل على الجمع.
- و”بما” الباء حرف جر، و”ما” اسم موصول مبني على السكون.
- الجار والمجرور متعلقان بالفعل “تشهد”.
- “كانوا” فعل ماضٍ ناقص و”الواو” ضمير متصل مبني في محل رفع اسم كان.
- الألف في “كانوا” تدل على التفريق.
- “يكسبون” فعل مضارع مرفوع بالنون لأنه من الأفعال الخمسة.
- الواو في “يكسبون” ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل.
- جملة “نختم” هي جملة استئنافية ولا محل لها من الإعراب.
- جملة “تكلمنا أيديهم” معطوفة على الجملة السابقة ولا محل لها من الإعراب.
- وجملة “تشهد أرجلهم” عُطفت على الجملة الأولى ولا محل لها من الإعراب أيضاً.
- أما جملة “كانوا يكسبون” فهي صلة الموصول ولا محل لها من الإعراب.
ما يمكن استخلاصه من الآية: اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم
في سياق شرح الآية، يمكن الخروج ببعض النقاط الهامة:
- يجب على الإنسان العمل على الأعمال الصالحة في حياته لكي ينال ما ينفعه يوم القيامة.
- إن الله سبحانه وتعالى لن يظلم أحداً من عباده، حتى الكافرين والمنافقين.
- إن أعمالنا في الدنيا هي طريقنا للنجاة أو الهلاك في الآخرة.
- من اعتاد على شيء فإنه سيبقى عليه، ولهذا سيكذب الكافرون على ما جاء في كتبهم.