اختلافات الملحمة عن المسرحية

الاختلافات الأساسية بين الملحمة والمسرحية

تتباين الملحمتان المسرحيات في العديد من الجوانب، لكن يجمع بينهما أنهما ينتميان إلى كيان أدبي واحد، إذ يمكن أن تضم الملحمة عناصر المسرحية في تركيبها، مما يؤدي إلى إبداعات مثل الكتابة المسرحية الملحمية. على الرغم من ذلك، يبقى الحوار هو العنصر الفارق بين النوعين، حيث تعتمد المسرحية في إيصال أفكارها على التفاعلات الحوارية بين الشخصيات على خشبة المسرح، بينما يندرج الحوار في الملحمة كعنصر ثانوي يقوم على السرد والوصف في المقام الأول.

تعريف الملحمة والمسرحية

الملحمة: تُعتبر الملحمة نوعًا أدبيًا قريبًا من الأسطورة، حيث يقوم الشاعر البطولي بنقل ما يتمتع به تاريخ المجتمع البشري من تمثيلات اجتماعية وسياسية ودينية. تُظهر الملحمة من خلال قصص التجارب التي يمر بها الأبطال نقاط الرؤية لدى المجموعة البشرية التي ينتمون إليها.

المسرحية: هي شكل من أشكال النصوص الأدبية التي يتم تمثيلها على خشبة المسرح، وهي عبارة عن عمل درامي يتألف من عناصر متباينة تشمل الفكاهة والجد، مع إبراز الواقع والخوف والحزن.

الملحمة والمسرحية من حيث طول النص

يتميز النص الملحمي بعدد كبير من الأبيات، الذي يتراوح عادة بين مئات وآلاف الأبيات، مما يشكل عملاً أدبيًا مستفيضًا.

في المقابل، تختلف نصوص المسرحيات في طول النص وعدد فصولها، ويعود ذلك إلى قصة المسرحية وحبكتها الداخلية وطبيعة الحوارات الموجودة فيها وعدد مشاهدها.

الملحمة والمسرحية من حيث طبيعة النص

الملحمة: تعد الملحمة قصة طويلة، وغالبًا ما تكون شعرية، حيث تتضمن أناشيد تتناول رحلة الأبطال أو مجموعة الأبطال في مغامراتهم. تُكتب بلغة رفيعة وبتقنيات متقدمة، مع إدماج العناصر الغنائية والدرامية.

المسرحية: هي نص أدبي يضم عناصر متكاملة تتوزع وفق قواعد معينة ومزاج خاص تهدف إلى التأثير في الجمهور. تتكون من ثلاثة عناصر رئيسية: الحدث الدرامي، والصراع، والحوار، وتستند نصوصها على التفاعل بين الشخصيات.

الملحمة والمسرحية من حيث الواقعية

بينما تعبر الملحمة عن أحداث الأمة والمآسي والحروب التي خاضتها، فإنها تتضمن في طبيعتها عناصر أسطورية غير واقعية. يتسم بطل الملحمة بصفات وقدرات خارقة تفوق صفة بشرية عادية، مما يجعل أحداث الملحمة متشابكة مع التاريخ والواقع لكن بعيدة عن الواقعية الفعلية.

عندما نشأ المسرح في اليونان القديمة، كانت مهمته محاكاة واقع الناس ومشاعرهم تجاه حياتهم وصعوباتها. كان المسرح يمثل الناس وأفكارهم، حتى أن أرسطو اعتبر أنه لا يقتصر فقط على محاكاة الواقع بل يمكن أن يتنبأ بالمستقبل، وأن الحقيقة تشكل أساس التطور الدرامي.

الملحمة والمسرحية من حيث السمات

تتميز كل نوع أدبي بعدد من السمات التي تميزه عن الآخر، ومن أبرز سمات الملحمة والمسرحية:

سمات الملحمة

  • يتمتع الإنسان في الملحمة بصوت عالٍ، محاولًا بناء عالم جديد رغم خضوعه لما قررته الآلهة.
  • ترتكز الملحمة حول الموضوع الرئيسي للصراع الإنساني مع القدر والمصير، مستعرضةً إنجازات الأبطال وظروف تاريخية موثوقة.
  • تسلط الملحمة الضوء على دور الفرد وتأثيره في صنع الأحداث، مما يؤدي إلى دوائر مفرغة بين الموت والحياة.
  • تتجاهل الملحمات في معظمها ذكر المرأة، حيث يكون معظم الأبطال من الرجال.

سمات المسرحية

  • الحوار هو العمود الفقري للمسرحية، حيث يتم توصيل الأفكار من خلال تفاعلات الشخصيات.
  • تجمع المسرحية بين الفكاهة والمأساة، عاكسةً مشاعر الحياة وتعكس صعوباتها.
  • يستهدف فن المسرح بكافة أشكاله إثارة القضايا الإنسانية، سواء كانت تساؤلات وجودية أو انتقادات اجتماعية أو سياسية، موجهةً الضوء على الواقع الذي يعيشه الناس.

أمثلة عالمية على المسرحيات والملاحم

توجد مجموعة من الأمثلة العالمية على المسرحيات والملاحم، منها:

  • الملحمة الهندية “فيداس” للشاعر فياسا، وهي تعتبر كتابًا مقدسًا لدى الهندوس وكتبت باللغة السنسكريتية.
  • الملحمة “الرامايانا”، قصيدة طويلة توضح مغامرات راما في حبه للجميلة سيتا.
  • مسرحية “تاجر البندقية” لشكسبير تتحدث عن الدين والمشاكل المالية.
  • مسرحية “أهل الكهف” لتوفيق الحكيم، وتتناول صراع الإنسان مع الزمن.
  • مسرحية “هاملت” لشكسبير التي تدور حول قضية موت الملك ومخططات الانتقام.

الخلاصة

فارق واضح بين الملحمة والمسرحية في تعريف كل منهما: حيث أن الملحمة تتضمن قصائد تُحكى عن أبطال وأمم معينة، مُعززة بالأساطير وصفات الأبطال خارقة، بينما المسرحية نص أدبي يعتمد على الحوار. تُظهر المسرحية مستوى أكبر من الواقعية لأنها لا تستند إلى الأساطير، وغالبًا ما تتمتع شخصياتها بقدرات بشرية طبيعية. كما أن النص المسرحي يكون عادة أقصر من النص الملحمي، الذي قد يتراوح طوله بين مئات وآلاف الأبيات، في حين تتميز المسرحيات بقصصها الطبيعية.

Scroll to Top