تعتبر اللغة العربية واحدة من أغنى لغات العالم من حيث التعبير، وهي تعتبر من بين أصعب وأقدم اللغات الحية المستخدمة حتى اليوم. وقد اختار الله عز وجل اللغة العربية لتكون لغة القرآن الكريم، وهذا المقال سيستعرض جماليات هذه اللغة في النص القرآني.
ثراء المعاني في اللغة العربية
- تعد اللغة العربية من أكثر اللغات ثراءً، حيث يمكن وصف الشيء الواحد بأكثر من كلمة.
- تتميز الكلمة الواحدة بتشكيلات مختلفة قد تحمل أكثر من معنى، فعلى سبيل المثال، للعسل ثمانون اسمًا.
- أما الثعلب، فلديه حوالي مئتين اسم، كما أن الأسد له خمسمائة اسم، والسيف مئة اسم، وتعتبر هذه الأمثلة جزءًا من إعجاز اللغة العربية.
- تم إنزال القرآن بكلمات معينة باللغة العربية، ومع ذلك يحوي الكثير من المعاني التي لا تجف حتى قيام الساعة، وهو ما يفسر تنوع الآراء حول تفسير آيات القرآن الكريم.
- وصف علي بن أبي طالب رضي الله عنه القرآن الكريم بأنه “لا يخلق من كثرة الرد”، مما يشير إلى أن ترديد الآيات وقراءتها لا يفسدها.
- كما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الإطالة في الكلمات، حيث إن الكلمات القليلة قد تحمل معانٍ كثيرة.
- جاء القرآن ليتحدث إلى أفصح الناس في اللغة العربية، الذين كانوا يتقنون اللغة إلى درجة جعلتهم ينظمون البطولات الشعرية.
- كان لديهم قدرة على نظم الشعر، وكان يتم تعليق معلقاتهم على الكعبة، وتُعقد الأسوأ الشعرية حيث يتبارز الشعراء، فإذا ألقى أحدهم بيت شعر، يأتي آخر ليرد عليه ببيت من الشعر.
الإعجاز اللغوي في القرآن الكريم
- نجحت تجربة الإسلام في شبه الجزيرة العربية لأن العرب كانوا على دراية تامة بالإعجاز اللغوي في القرآن الكريم.
- قال تعالى: {وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الأَعْجَمِينَ. فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ}[الشعراء:198-199]، حيث أن العرب أدركوا منذ الاستماع للآية الأولى أنها معجزة.
- لم ينتقد العرب الآيات، بل اجتمع حكماؤهم وشعراؤهم في محاولة لتقديم نص يعادل القرآن الكريم لكنهم عجزوا عن ذلك.
- لم يكن إعجاز القرآن مقصورًا على اللغة فقط، بل كان إعجازًا شاملاً يتطلب تفهمًا عميقًا لفهم معانيه.
- وحتى الترجمات الحالية للقرآن قد لا تكفي لتعبر عن جميع معاني اللغة العربية.
- لذا، يتحتم على من يريد أن يتأمل هذا الإعجاز أن يتعلم اللغة العربية لفهمها بشكل أعمق.
- على سبيل المثال، لا توجد لغة أخرى تستطيع منح الجمال البلاغي الضروري لترجمة مثل هذه الآية:{وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوَت عَلَى الجودي وقيل بعدًا للقوم الظالمين}[هود:44].
البلاغة في القرآن الكريم
- في قوله: {وأحل اللَّه البيع وحرم الربا} يظهر التضاد بين كلمتين {أحل} و {حرم}، وكذلك بين {يمحق} و {يربي}.
- أما في {كَفارٍ أثيمٍ}، فهي صيغة تعبر عن المبالغة في الكفر والإثم، مما يشير إلى عظيم الكفر وشدته.
- ثم يأتي التشبيه في {إِنما البيع مثل الربا}، مما يجعل الربا معيارًا يقاس عليه، ويعكس شدة اعتقادهم في حله.
- كما تبرز الآية {لا تظلمون ولا تظلمون} المحسنات البديعية بشكل واضح.
- في قوله {فأذنوا بحربٍ}، تم استخدام التنكير لتحقيق الهول والمهابة.
- أما في {وَاتَّقُواْ يَوْمًا}، فقد تم استخدام التنكير أيضاً للتفخيم.
الفوائد
- قوله {يأكلون الربا} يشير إلى الانتفاع به، حيث أن الأكل يُبرز أوجه المنفعة، سواء في المعطي أو الآخذ.
- وقال جابر في الحديث الشريف: “لعن رسول الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال: هم سواء”.
- مثل المرابين الذين تتخبطهم الشياطين، حيث إن ما أكلوا من الربا يثقلهم، مما يؤدي إلى حالة من التشتت، كما ذكر سعيد بن جبير.
- تصور هذه الحالة الموجعة تُعبر عن واقع البشرية التي تتخبط في نظام ربوياً فاسد، مما يُعبر عن القلق والاضطراب الحالي على الرغم من التقدم المادي.
- فالعالم مليء بالتهديدات والنزاعات، مما يعكس واقعًا مليئًا بالمخاوف والاضطرابات.
- ورد في البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “كان رجل يداين الناس، فكان يقول لفتاه: إذا أتيتَ معسرًا فتجاوز عنه، لعل الله أن يتجاوز عنا، فلقي الله فتجاوز عنه”.
حفظ اللغة العربية وجماليتها
- تناولنا جماليات اللغة العربية في القرآن الكريم، وثراء معاني اللغة.
- كما تم تسليط الضوء على الإعجاز اللغوي وبلاغته.
- من المهم الإشارة إلى أن الحفاظ على اللغة أمر ضروري للحفاظ على الهوية العربية وتراثها من الضياع.
- كون المتحدث باللغة العربية ليس بالأمر السهل، بل هو مسؤولية يجب على الجميع التحلي بها.
- إدخال لغات متعددة أثناء الحديث بالعربية لا يضيف إليك ثقافة، بل قد يقدمك كأحد المتجاهلين لجماليات اللغة العربية.
- لذا، يجب عليك تعزيز استخدامها والعمل على إتقانها.