التماس بين المادة والفضاء
فيما يلي استعراض مفصل للتماس بين المادة والفضاء:
مكونات الكون على الصعيد العياني
يتكون الكون الذي نعيش فيه من عدد لامتناهٍ من الأجسام المعروفة وغير المعروفة، التي تتباين في أحجامها من الكيانات الدقيقة إلى الكيانات العملاقة. وتتكون مكونات الكون على المستوى العياني من ثلاثة عناصر رئيسية، كما يلي:
- المجموعة الشمسية: تشمل النجم الشمسي، بالإضافة إلى عدد من الأجرام التي تدور حوله مثل الكواكب والمذنبات والشهب، حيث تشكلت منذ حوالي 4.6 مليار سنة تقريباً.
- الشمس: تعتبر نجمًا متوسط الحجم، حيث تبلغ كتلته 33 ألف ضعف كتلة الأرض، بينما يصل حجمه إلى 3.1 مليون ضعف حجم الأرض، ويبعد عن كوكب الأرض بمقدار 150 مليون كيلومتر. الشمس هي مركز مجرة درب التبانة وتعتبر من النجوم المتوسطة الحجم بالمقارنة مع النجوم في مجرات أخرى.
- المجرة: يُقدّر عدد المجرات على مستوى الكون بحوالي 521 مجرة، وتعتبر مجرتنا جزءًا من مجموعة مجرات تُعرف بالعذراء، وتبعد أبعد مجرة عن مجرتنا نحو 90 ألف مليار كيلومتر.
مكونات الكون على المستوى المجهري
يتكون الكون من عدد لامتناهٍ من الوقائع (بنية المادة) المتزايدة والمتنوعة، التي تشكل الأجسام الميكروسكوبية، وينقسم المستوى القابل للملاحظة إلى مستويات مختلفة على النحو التالي:
- الفيروسات: يصل حجمها إلى 10-7 م3.
- الجزيئات: وحجمها 10-9 م3.
- الذرة: وحجمها 10-10 م3.
- نواة الذرة: وحجمها 10-14 م3.
- نوية الذرة (البروتون والنيترون): وحجمها 10-15 م3.
- الكواركات: وحجمها 10-18 م3.
القوى الكونية
تم تصنيف الكون إلى أربع قوى رئيسية، والتي تتحكم في تماسك المادة على المستويين العياني والمجهري:
- القوى النووية القوية: تؤثر بشكل كبير على مكونات نواة الذرة، وشدتها تساوي 1، بينما مدى تأثيرها يصل إلى 10−15 م.
- القوى النووية الضعيفة: تؤثر على نوى الذرات، وتبلغ شدتها 10-6، مع مدى يصل إلى 10-17 م.
- القوى الكهرومغناطيسية: تؤثر على الجزيئات والذرات داخل المادة من خلال قوى التجاذب والتنافر، وشدتها تبلغ 0.01، ومدى تأثيرها لا نهائي.
- قوة الجاذبية العامة: تمثل التجاذب بين النجوم والمجرات في الكون، وشدتها تصل إلى 10-40، ومدى تأثيرها لا نهائي.
القوة النووية القوية
تعتبر القوة النووية القوية (بالإنجليزية: Strong nuclear force) أساس التفاعلات الطبيعية التي تتفاعل بين الجسيمات الأولية للمادة، المعروفة بالكواركات، التي تُشكل معًا مكونات نواة الذرة وهي البروتونات والنيترونات. تُعد هذه القوة من أقوى القوى الطبيعية، حيث تتزايد شدتها داخل النواة وتتناقص مع زيادة المسافة بين النوى في الذرات.
تنشأ هذه القوى من خاصية تُعرف باللون، وهي خاصية لا تمثل معناها الحقيقي بل تقترب من مفهوم الشحنة الكهربائية، وتعمل كمصدر للقوى النووية القوية. مثال على هذه القوة المثيرة هو ما يحدث خلال عملية الاندماج النووي في الشمس، وكذلك الانشطار النووي في الأسلحة النووية.
القوة النووية الضعيفة
تعرف القوة النووية الضعيفة (بالإنجليزية: Weak nuclear force) بأنها القوة التي تتحكم في النشاط الإشعاعي نسبيًا. هي قوة ضعيفة ومداها لا يتجاوز حدود الذرة، حيث تعمل على تحليل الجسيمات المكونة للذرات مثل الميزونات، مما يفسر سلوك العناصر المشعة بشكل طبيعي.
تم اكتشاف هذه القوة على يد الكيميائي الفرنسي هنري بيكريل في عام 1896 أثناء دراسته لبلورات عنصر اليورانيوم والتي تتوهج في الظلام بعد تعرضها لأشعة الشمس. وعلى الرغم من ضعف هذه القوة، فإن لها دورًا حاسمًا في تعزيز إشعاع النجوم وضمان استمرار التفاعلات النووية فيها، كما تسهم في توليد الطاقة في النجوم، وتساعد في تكوين العناصر، وبهذا يمكن اعتبارها مقارنة بقوة الجاذبية أقوى منها.
القوة الجاذبة
تعد القوة الجاذبة، المعروفة أيضًا بقوة الجاذبية (بالإنجليزية: Gravitational Force)، من السمات الأساسية في الكون. تلعب دورًا حاسمًا في منع الأجرام السماوية من التصادم مع بعضها البعض وتساعد في الحفاظ على حركتها في مدارات منظمة. وهذه القوة التي تسحب جميع الأجسام الموجودة في الكون، فعندما تزداد كتلة الجرم السماوي أو تزداد المسافة بين الأجرام، تزداد قوة الجاذبية بينهما، كما يحدث مع جاذبية الكرة الأرضية تجاه الأجسام المحيطة بها.
كان العالم الفيزيائي إسحاق نيوتن هو أول من أدرك هذه القوى، حيث قدم العديد من القوانين ذات الصلة بقوة الجاذبية، ويمكن قياس قوة الجاذبية من خلال قياس تسارع الجسم في السقوط الحر في إطار قانون نيوتن الثاني.
القوة الكهرومغناطيسية
تُعرف القوة الكهرومغناطيسية (بالإنجليزية: Electromagnetic force) أيضًا بقوة لورنتز، وهي المسؤولة عن الروابط بين الذرات داخل المادة اعتمادًا على خصائصها الفيزيائية والكيميائية. تتكون هذه القوة من مزيج من القوى المغناطيسية والكهربائية، حيث تظهر القوى الكهربائية بين الجسيمات المشحونة سواء كانت متحركة أو ثابتة، بينما تؤثر القوى المغناطيسية في حركة الشحنات، مما يؤدي إلى تشكيل مجالات كهربائية.
تشمل جميع أشعة الشمس والضوء والأجسام المشعة الأخرى الفوتونات، التي تُعتبر الجسيم المسؤولة عن نقل القوة الكهرومغناطيسية. ومن الأمثلة على أهمية القوة الكهرومغناطيسية ما يلي:
- يسهم إشعاع غاما في تخفيف الطاقة للنواة تحت تأثير القوة الكهرومغناطيسية.
- يعد المجال المغناطيسي المحيط بالأرض نتيجة للقوة الكهرومغناطيسية، ويساعد في حماية الأرض من الأشعة الضارة من الشمس.
- يمنع التنافر الإلكتروستاتيكي بين الشحنات المتشابهة في الشمس من دمج نويات الهيدروجين بسرعة عالية.
- تُستخدم القوة المغناطيسية في مولدات الكهرباء لتوليد مجالات مغناطيسية تدفع عملية الحث الكهرومغناطيسي، وكذلك في أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي والجرس الكهربائي.
تتعدد أنواع القوى على المستويين الذري والكوني إلى أربع قوى رئيسية، تعتبر من العناصر الأساسية التي تحافظ على توازن الكون بشكل مستمر، حيث تتفاعل هذه القوى معًا، وهي تمثل القوى النووية القوية، القوى النووية الضعيفة، قوة الجاذبية، والقوة الكهرومغناطيسية.