القوى المؤثرة في رواية اللص والكلاب

تعريف القوى الفاعلة

تُعدّ القوى الفاعلة من المفاهيم الأساسية في النص السردي، حيث تشمل عوامل متعددة تؤثر في تطور الأحداث، سواء كانت شخصيات بشرية أو عناصر غير بشرية أو مجردة. تلعب هذه القوى دورًا محوريًا في نماء النص وتقدمه.

أُطلق على هذه القوى مصطلح “الأدوار العامليّة”، حيث تتضمن كل عنصر يقوم بدور أو وظيفة في السرد. وقد حدد “غريماس” هذه الأدوار في ستة: المرسل، والمستقبل، والذات، والموضوع، والمساعد، والمعارض. تم توزيع هذه الأدوار على ثلاثة محاور: محور الاتصال (المرسل – المستقبل)، ومحور الرغبة (الذات – الموضوع)، ومحور الصراع (المساعد – المعارض).

القوى الفاعلة في رواية اللص والكلاب

تنقسم القوى الفاعلة في رواية “اللص والكلاب” إلى قوى إنسانية وأخرى غير إنسانية.

القوى الفاعلة الإنسانية

تتكون من ثلاث فئات كما يلي:

الفئة الأولى:

تشتمل على الشخصية المحورية، التي تمثل:

سعيد مهران: نشأ سعيد يتيمًا بعد أن فقد والديه في سن مبكرة بسبب الفقر والمرض. تعرف على “رؤوف علوان”، الذي ساعده لتحسين أوضاعه الحياتية، لكنه أقنعه بالانخراط في أعمال السّرقة. كما أحب خادمة تُدعى “نبويّة”، لكن لم يكن هناك خيار للزواج منها إلا عبر السرقات لتأمين احتياجاتهما. كان سعيد مدافعًا عن المظلومين ووُجد في صراع داخلي بسبب مشاعر الحقد والانتقام من نبويّة وعليش، الذين أدخلاوه السجن.

“نبويّة وعليش، كيف اجتمعت الأسماء في اسم واحد؟ لقد عشتما يومًا تخشيان فيه الإنفتاح على سجني، لكنني لن أكون ضحية لكم، بل سأنقض عليكم في الوقت المناسب.”.

الفئة الثانية:

تشمل الشخصيات المعادية في الرواية:

  • رؤوف علوان: كان محظوظًا أكثر من سعيد، حيث أكمل تعليمه الجامعي. تعرف على سعيد وعائلته وساعده في أكثر من مناسبة، مما جعله يتأثر بشخصيته وكفاءته. عمل في الصحافة وأساء استخدام سلطاته لتحقيق أغراضه الشخصية. تظاهر بالانتماء للطبقة الأرستقراطية وتجاهل جذوره الاجتماعية، مما أثر على رأي العامة ضد سعيد.

“تود أن تقتلني كما فعل الآخرون، وتريد قتل ضميرك. لكنني سأكون أول من يذهب قبل أن أراك تموت.”.

  • نبويّة: خادمة يتيمة جميلة، أحبها سعيد بعد أن أنجب منها ابنته سناء، لكنها خانته بعد دخوله السجن وتزوجت من عليش.”.
  • عليش: من أعداء سعيد الذي استغل ضعف سعيد في السجن، واستولى على زوجته وابنته. كان رمزًا للخيانة بين الأصدقاء..”لا تنظر من الشباك خائفًا كما تفعل النساء يا عليش!”.
  • سناء: عبرت عن حالة من الصراع بين والدها الحقيقي وزوج أمها، فقد عاشت بعيدًا عن أبيها… “ماذا تعرف الطفلة عن أبيها؟ لا شيء.”.

الفئة الثالثة:

تمثل الشخصيات المساندة:

  • الشيخ علي الجنيدي: يمثل الجانب الروحي والمعتزل الذي يحظى باحترام والد سعيد. حاول إقناع سعيد بالاهتمام بالذكر وقراءة القرآن، لكنه فشل في ذلك، ورغم ذلك كان مصدر أمان لسعيد في أوقات ضعفه…

“تزايد شعوره بالمعرفة عنه، حتى أنه قال: ليس بيتًا فقط، بل أكثر من ذلك.”.

  • المعلم طرزان: مالك مقهى كان يسهم في توعية سعيد بوجود المخبرين. جسد الأمانة والوفاء في صداقة سعيد…”.

“ذهب سعيد إليه همسًا: أحتاج مسدسًا جيدًا…” “فقال طرزان: تحت أمرك.”.

  • نور: عاشت ظروفًا اجتماعية صعبة، وكانت تسعى لمساعدة سعيد وتمكينه…”لا يعرفني أحد هناك، ولكنك ستكون الأول الذي يدخل منزلي.”.

القوى الفاعلة غير الإنسانية

في الرواية تكمن عناصر غير إنسانية لعبت دورًا هامًا، ومنها:

المؤسسات:

تعددت المؤسسات المؤثرة على شخصيات الرواية، ومن أبرزها السجن، الذي كان له دور كبير في تطور الأحداث. خُنت فيه الزوجة، وتحققت أهداف الانتهازيين، كما كانت للصحافة تأثير كبير على الرأي العام.

الجمادات

الأماكن مثل الحارة، المقهى، منزل نور، فيلا رؤوف علوان، الجبل، المقبرة، وعمارات الطلبة تركت تأثيرات نفسية عميقة على الشخصيات.

القيم والمشاعر

تنوعت ما بين الزهد والقناعة التي جسدها الشيخ الجنيدي، والانحراف كما في شخصية نور. عاش سعيد مهران معاناة الخيانات المختلفة والتي شكلت دراماتورجيا بعالمه الداخلي.

وظائف القوى الفاعلة

تتباين وظائف القوى الفاعلة حسب الأفعال والتصرفات. الشخصية الرئيسية، سعيد مهران، تمتلك دوافع عميقة مرتبطة بالانتقام والشعور بالخيانة المزدوجة. بينما تتحد الشخصيات المساندة لتصبح عوامل مساعدة في قصته، في مواجهة المعارضين والخصوم.

إن القوى الفاعلة تتجسد في الفعل والتفاعل، حيث تعمل هذه العناصر على تشكيل النص وخلق التوتر والصراع، مما يثري السرد بشكل شامل.

Scroll to Top