اسم نوح عليه السلام ومولده
هو نبي الله نوح بن لمك بن متوشلخ بن خنوخ، حيث أن خنوخ هو نبي الله إدريس -عليه السلام-. وقد أشار ابن جرير إلى أن ولادة نوح -عليه السلام- كانت بعد مئة وست وعشرين عامًا من وفاة آدم -عليه السلام-.
بينما يُنقل عن أهل الكتاب أن ولادته كانت بعد مئة وست وأربعين سنة. وقد ورد في الحديث أن الفترة الزمنية بين آدم ونوح -عليهما السلام- هي عشرة قرون. كما روى ابن عباس: “كان بين نوح وآدم عشرة قرون كلهم على شريعة من الحق فاختلَفوا، فبعث الله النبيين مبشِّرين ومنذرين”، وجاء في قراءة عبد الله: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا}. وقد تناول المفسرون مسألة القرن، فقال البعض إنه يعادل مئة سنة، مما يعني أن الفترة بين آدم ونوح كانت ألف سنة.
أما بخصوص عمر نوح عند بعثه فقد اختلف المؤرخون. فقد رُوي عن ابن عباس أن عمره كان ثلاثمئة وخمسين سنة، بينما قيل أيضًا إنه كان خمسين عامًا. وذكر ابن جرير أنه كان ابن أربعمئة وثمانين سنة.
صفة نوح عليه السلام ومهنته
ذكر الله سبحانه وتعالى نوح -عليه السلام- في كتابه العظيم بأنه عبد شكور، حيث قال: “إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا”. وأشار أهل التفسير إلى أن صفته هذه جاءت لأنه كان يبتغي شكر الله في كل طعامٍ يأكله أو لباسٍ يرتديه. كما هو الحال مع باقي الأنبياء، كان نوح يعمل ويأكل من كسب يديه، وقد رُوِيَ أنه كان يتبع مهنة النسيج.
زوجة نوح عليه السلام وأبناؤه
توافق المؤرخون على أن أبناء نوح -عليه السلام- كانوا الذرية الوحيدة المتبقية بعد الطوفان. فقد قال الله تعالى: “وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ”، مما يعني أن جميع البشر يعود نسبهم إلى أبناء نوح الثلاثة: حام، وسام، ويافث. حيث أُشير إلى أن من نسل حام جاء أهل الحبشة، ومن نسل سام جاء العرب، في حين أن نسل يافث يشمل الروم.
وجدير بالذكر أن زوجته تُعرف بواعله، والتي تم اعتبارها مثالاً للزوجة المخلِّة، حيث رفضت أن تؤمن بالحق الذي جاء به من الله.
مدّة حياة نوح عليه السلام ومكان سكن قومه
عاش قوم نوح في منطقة جنوب العراق بالقرب من الكوفة. وقد اختلف المفسرون حول مدة حياة النبي نوح -عليه السلام- لعدم وجود نص صريح يحدد ذلك. وقد روى ابن كثير عن قتادة أن نوحًا عاش في قومه ثلاثمئة سنة قبل بعثته، وثلاثمئة سنة أخرى يدعوهم، وتبعه ثلاثمئة وخمسين عامًا بعد الطوفان، لتكون مدة حياته كاملاً ألف سنة إلا خمسين.
وذكر ابن أبي حاتم نقلًا عن كعب الأحبار أن نوحًا قضى ألف سنة إلا خمسين يدعو قومه، وبعد الطوفان عاش سبعين عامًا. كما ورد عن ابن عباس أنه عاش ألفًا وأربعمئة سنة، بينما أكّد عكرمة أن عمره الكامل كان ألفًا وسبعمئة سنة. أما عون بن أبي شداد، فقد ذكر أن نوحًا لبث في قومه ثلاثمئة وخمسين سنة، وعاش ألف سنة إلا خمسين ثم توفاه الله بعد الطوفان بثلاثمئة سنة، مما يجعله يبلغ من العمر ألفًا وستّمئة وخمسين سنة.
ورويت عن ابن عباس أن نوحًا بعثه الله وعمره أربعون سنة، ثم لبث بين قومه ألف سنة إلا خمسين، وتوفي بعد ستين سنة من الطوفان، مما يجعل عمره الإجمالي ألفًا وخمسين سنة.
مكان قبر نوح عليه السلام
لم يثبت مكان قبور الأنبياء -عليهم السلام- بدقة، بل تم الإشارة إلى المناطق العامة التي دُفِنوا فيها. اختلف العلماء حول مكان قبر نوح -عليه السلام- إلى رأيَين رئيسيين:
- الأول، هو أن قبره يقع بين الركن وزمزم في المسجد الحرام، وهو قول ابن سابط.
- الثاني، يذهب إلى أن قبر نوح -عليه السلام- موجود في قرية تُدعى (الكَرْك) عند سفح جبل يعرف ب(جبل الدير)، وهذا قول سبط ابن الجوزي.
دعوة نوح عليه السلام
يُعتبر نوح -عليه السلام- أول رسول يرسله الله إلى البشرية. بدأ دعوته بالتوحيد والإيمان بالله وحده، حيث قال: “فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ”.
خاطب نوح قومه انطلاقًا من كونهم أهله وعشيرته، وحرص على تحفيز مشاعرهم وعواطفهم بذكر صلة القرابة، ثم وضّح لهم مفهوم التوحيد بإثبات ألوهية الله -تعالى- ونفيها عمن سواه. فهو الإله الواحد المستحق للعبادة والإيمان، وهو الذي يستجيب لدعاء المضطرين.
ثم ذكّر نوح قومه بالعذاب الذي أعده الله لمن يكفر برسالته، ودعاهم للإيمان باليوم الآخر، وأورد الأدلة على ذلك بذكر حال الناس قبل البعث، وكيف يُبعَثون من قبورهم للحساب، مضيفًا أن الجنة ستكون مصير المؤمنين، بينما النار ستكون حال غير المؤمنين.
إلا أن قومه ردوا على دعوته باتهامه بأنه في ضلالٍ واضح، كما قال: “قَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ”.
مرتبة نوح عليه السلام بين الأنبياء
ذُكرت قصة نوح -عليه السلام- في عدة سور من القرآن الكريم، حيث تحكي سورة نوح قصته بإسهاب، بالإضافة إلى ذكرها في سور أخرى مثل سورة الشعراء، والمؤمنين، وهود، والأنبياء، ويونس، والصافات، والعنكبوت، والأعراف، وسورة القمر.
ويمكن القول إن سيدنا نوح -عليه السلام- يتمتع بصفات وخصائص عدة، جعلته من أولي العزم من الرسل. فقد تحمّل الأذى لفترة طويلة أثناء دعوته لقومه إلى دين الله، مستخدمًا كافة الأساليب الممكنة، داعيًا إياهم سرًا وجهرًا ليلاً ونهارًا، ولم تؤثر الظروف القاسية التي واجهها في مسار دعوته.
للمزيد من المعلومات حول قصة سيدنا نوح -عليه السلام- يُمكنكم الاطلاع على المقالة: ((قصة سيدنا نوح عليه السلام)).