تعريف الحركة الوطنية المغربية
تعتبر الحركة الوطنية المغربية تجسيدًا طبيعيًا لمختلف حركات الجهاد التي ظهرت في بلاد المغرب بهدف مقاومة الغزو الإسباني والبرتغالي الذي كان يستهدف سواحل البلاد. وقد بدأت هذه الحركات في المساجد والزوايا، لتنتشر فيما بعد في جميع أرجاء المغرب.
الحركة الوطنية المغربية هي حركة اجتماعية سياسية تأسست في عام 1930، وتهدف إلى مقاومة سيطرة الاستعمار الفرنسي والإسباني على المغرب. وقد تركزت مطالب الحركة على ضرورة إجراء إصلاحات داخل الدولة والمساواة بين المواطنين المغاربة والفرنسيين الموجودين في المغرب.
على الرغم من مشروعية المطالب التي طرحتها الحركة الوطنية، إلا أن السلطات الفرنسية رفضت الاستجابة لها. هذا الرفض دفع الحركة إلى إصدار وثيقة الاستقلال عام 1944، والتي كانت بداية انطلاقة المقاومة المسلحة في عام 1953.
تجسمت الحركة الوطنية المغربية في تكتل فكري وسياسي شمل العديد من التيارات الثقافية والفكرية، كل منها لديه رؤية خاصة حول شكل النظام السياسي في المغرب بعد الاستقلال.
الظروف التي صاحبت نشأة الحركة الوطنية المغربية
تعود بدايات الحركة الوطنية إلى عام 1925، لاسيما عقب انتهاء حرب الريف. ساهمت ثورة القائد عبد الكريم الخطابي ضد الاحتلال الإسباني في تقويض النفوذ الأجنبي. ومع ذلك، أسهم استسلام الخطابي بعد التحالف بين الإسبان والفرنسيين، ونفيه خارج البلاد، في تأجيج الوعي الوطني لدى الشعب.
نتيجة لذلك، كان من الضروري وجود بديل لتكملة جهود النضال ضد المحتل، مما أدى إلى ظهور الحركة الوطنية المغربية، التي اختارت في البداية منهج المقاومة السلمية وتجنبت استخدام القوة.
لقد ظهر أول تنظيم سياسي في عام 1926، وهو “الرابطة الوطنية”، الذي ضم مجموعة من الزعماء من مناطق شمال وجنوب المغرب، مما يشير إلى رفض الشعب لسياسات السلطات الفرنسية التي كانت تهدف إلى تقسيم البلاد.
الظهير الأمازيغي
الظهير الأمازيغي هو وثيقة قانونية صدرت عن قوات الاحتلال الفرنسي في المغرب بتاريخ 16 مايو 1930، وهدفت إلى جعل الاحتلال هو السلطة المسيطرة على المناطق الأمازيغية، في حين تبقى المناطق العربية تحت إدارة السلطان المغربي وحكومته. وأسس التقسيم هذا محاكم خاصة تتبع هذا النظام.
كما قامت حكومة الاحتلال بحل قانون العقوبات الفرنسي محل قانون العقوبات المستند إلى الشريعة الإسلامية، مما أدى إلى تقسيم البلاد إلى منطقتين: منطقة عربية تتحدث اللغة العربية، ومنطقة أمازيغية تقتصر على اللغة الأمازيغية.
بناءً على ذلك، اعتبر العديد من المؤرخين أن هذه المرحلة كانت البداية الفعلية للحركة الوطنية المغربية ف ردًا على الظهير الأمازيغي، إذ أن قوات الاحتلال كانت تروج للثقافة التفرقة منذ عام 1921، وهو ما عارضه الشعب المغربي بشدة.
المفهوم الجديد للحركة الوطنية المغربية
جاءت الحركة الوطنية بمفاهيم إصلاحية جديدة تعكس احتياجات العصر وتتبنى أساليب مختلفة عن السابقة. فقد أكدت الحركة على ضرورة الدفاع عن الوطن وتحريره من الوجود الأجنبي بكل أشكاله، كما أكدت على محاربة جميع الانحرافات الفكرية والأخلاقية والدينية والاجتماعية.
على الرغم من أن المطالب التي قدمتها الحركة الوطنية لم تلق استجابة من السلطات الفرنسية، إلا أن الحركة نمت بشكل ملحوظ وانتشرت في جميع أنحاء البلاد، مما ساهم في انطلاق الكفاح المسلح.
تجدر الإشارة إلى أن سلطات الاحتلال بدأت بالتآمر على السلطان محمد بن يوسف بعد أن أبدى دعمه لوثيقة الاستقلال التي أطلقها الوطنيون، وتدهورت العلاقات بينهما عقب اعتراضه على الظهير الأمازيغي. سعى الاحتلال بدعم من بعض شيوخ القبائل إلى عزل السلطان مما قوبل بالرفض من قبل الوطنيين والجمهور.
نتيجة لذلك، كان لابد من تغيير مسار الحركة الوطنية نحو الكفاح المسلح، الذي مر بمرحلتين: المرحلة الأولى تضمنت عمليات فدائية مستهدفة المتعاونين مع الاحتلال، بينما استهدفت المرحلة الثانية القوات الفرنسية نفسها، مما عجل بإنهاء التواجد الفرنسي في البلاد وتحقيق الاستقلال.