سوف نستعرض في السطور التالية معنى حديث “من لا يشكر الناس لا يشكر الله”، وما يتضمنه من دلالات، بالإضافة إلى مدى صحته. الشكر يعد من فضائل الأخلاق التي يدعو إليها الدين الإسلامي، ويتضمن شكر العبد لله عز وجل وأيضًا شكر الناس على ما يقدمونه من إحسان.
معنى حديث “من لا يشكر الناس لا يشكر الله”
يُعد حديث “من لا يشكر الناس لا يشكر الله” من الأحاديث النبوية الصحيحة، وقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم من خلاله على ضرورة شكر الناس لقاء إحسانهم. الشكر صفة نبيلة يجب أن يتحلى بها المسلم، فقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم أن من يعتاد على شكر الآخرين هو من يحظى بشكر الله عز وجل.
إن شكر الله مرتبط بشكر الناس، حيث يعبّر الشخص الذي يثني على من أسدى إليه معروفًا عن إيمانه بنعم الله عليه، ويكون صابراً على البلاء أيضاً.
تفسير الحديث
يحمل حديث “من لا يشكر الناس لا يشكر الله” معاني عديدة تتلخص فيما يلي:
-
يتحدث الحديث عن الشخص الذي يعتاد عدم شكر الآخرين على إحسانهم:
- فهذا الشخص عادةً لا يشكر الله على نعمه ولا يرضى بما قسّمه الله له.
- وذلك بسبب جفاف قلبه ونكرانه للجميل.
- بينما الشخص الذي يشكر الآخرين يتصف بالامتنان، ويعبر عن شكره لله تعالى في الوقت ذاته.
- الله تعالى لا يقبل الشكر من العبد إذا لم يقم بشكر الناس على معروفتهم:
- فالشكر يشمل قول كلمة لطيفة للآخرين للتعبير عن الامتنان.
- شكر الله مرتبط بشكر الناس، فإذا شكر أحدهم أخاه، يجدر بالناس أن يشكروا الله تعالى كذلك.
التقييم الشرعي للحديث
حديث “من لا يشكر الناس لا يشكر الله” صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، حيث:
- رواه الصحابي أبو هريرة رضي الله عنه، وأخرجه البخاري، وقد وثقه الألباني.
- يشير إلى أن من يثني على الآخرين عندما يحسنون إليه، سيشكر الله تعالى على نعمه.
- إذا كان الشخص لا يعبر عن الشكر للناس، فهو غالبًا لن يشكر الله تعالى أيضًا.
- الله تعالى يحب أن يشكر العبد من أحسن إليه، وأن يقابل الخير بخير.
أهمية الشكر
الشكر من القيم المهمة التي شجع الدين الإسلامي على ترسيخها في المجتمع. فالناس يُستحقون التقدير على إحسانهم:
- العلماء يقولون إن عبارة “لا شكر على واجب” تعد من الخطأ، حيث أنها تتجاهل أهمية الشكر.
- ينبغي على كل إنسان شكر الآخرين على إكرامهم، ويمكن أن يقول “جزاك الله خيرا”.
- كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن “من قال لأخيه جزاك الله خيرا، فقد أبلغ في الثناء”.
- على كل فرد أن يعبّر عن شكره لأخيه بكلمات طيبة. الشخص الذي يداوم على شكر الآخرين يشكر الله أيضًا.
- لا يقتصر الشكر على المسلمين فحسب، بل يجب شكر غير المسلمين إذا أسدوا معروفًا.
وسائل شكر الله عز وجل
إن نعم الله لا تُحصى، ولذا يجب على العبد أن يشكر الله على هذه النعم:
- يجب شكر الله في السراء والضراء، والإقرار بفضل الله.
- من مظاهر الشكر الالتزام بالطاعة والابتعاد عن المعاصي.
- كما يُعتبر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من صور شكر الله.
- الصبر والرضا بما قدّره الله يُعبر عن شكر العبد للرب.
- الله معروف بـ “الشكور”، حيث ورد في القرآن “فإن الله شاكر عليم”.
كيفية شكر الناس
يعد شكر الناس جزءًا من الأخلاق الإسلامية الحميدة، وينبغي على الفرد أن يعبر عن شكره كما يلي:
- من المهم مكافأة من أحسن إليك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا لم يكن هناك وسيلة فذكر الإحسان كوسيلة للتعبير عن الشكر.
- قال عمر رضي الله عنه إن شكر الناس يجلب البركة، لذا يُنصح بكثرة قول “جزاك الله خيرًا”.
- الدعاء لأخيك المسلم من صور شكر الناس لبعضهم.
- عدم تجاهل المعروف أو نسيانه يُعتبر من الشكر لله، وليس لأجل أي شخص آخر.
- إذ لم تقدر على مكافأة المحسن، يُنصح بالإكثار من الدعاء والكلمات الطيبة.
الدروس المستفادة من الحديث
هناك العديد من القيم الأخلاقية المستفادة من حديث “من لا يشكر الناس لا يشكر الله”، ومنها:
- تعزيز الألفة والمحبة بين الأفراد، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين.
- تأمين المزيد من فعل الخير ونشر روح التعاون في المجتمع.
- الحفاظ على أخلاق حسنة وإبداء الشكر من مكارم الأخلاق.
- تعزيز العلاقات الجيدة من خلال الاعتراف بالإحسان والشكر.
أحاديث نبوية حول الشكر
توجد العديد من الأحاديث النبوية التي تؤكد على أهمية الشكر، منها:
- عن عائشة رضي الله عنها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أتى إليه معروفًا فليكافئ به، فإن لم يستطع فليذكره، فمن ذكره فقد شكره”.
- قال طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه: “من أولى معروفًا فليذكره، فمن ذكره فقد شكره، ومن كتمه فقد كفره”.
- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من صنع إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له”.
- وقال الأشعث بن قيس رضي الله عنه: “إن أشكر الناس لله عز وجل أشكرهم للناس”.