الأمر بالمعروف
يعتبر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أبرز الوسائل التي تسهم في تحقيق الصلاح في المجتمع، وتساعد على حمايته من المخاطر والآفات. إذ يحظى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأهمية كبيرة في الإسلام، حيث يقول الله تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ). هذه الآية الكريمة تبرز ضرورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتفوقهما على الإيمان، مما يدل على أهمية هذه الواجبات في حفظ المجتمع. فيضاعف من أهمية الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، التحديات التي يواجهها المسلمون في ظل تفشي المعاصي والبدع في المجتمعات، واستمرار الحاجة إلى ممارسة هذه الواجبات بعد عصر الصحابة والسلف الصالح، نتيجة انتشار الجهل و ضعف المعرفة بينهم. لذا، أوجب الله -تعالى- على عباده الالتزام بذلك وأمرهم به، وأكد على بناء الإيمان على توحيد الله وإخلاص العبادة له، بينما يعد الشرك به أساس المنكرات. ويعتبر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب كفاية على المسلمين، إلا أنه أُعطِيَ الأولوية حتى على بعض العبادات الأخرى مثل الصلاة والزكاة، كما جاء في قوله تعالى: (وَالمُؤمِنونَ وَالمُؤمِناتُ بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ يَأمُرونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقيمونَ الصَّلاةَ وَيُؤتونَ الزَّكاةَ وَيُطيعونَ اللَّهَ وَرَسولَهُ أُولئِكَ سَيَرحَمُهُمُ اللَّهُ). تشير هذه الآية إلى أن رحمة الله تعالى تتحقق من خلال الالتزام بما أمر به والابتعاد عن ما نهى عنه.
النهي عن المنكر
يحظى صيانة حرمة دين الإسلام وحمايته من الانحرافات والمعاصي بأهمية عظيمة، حيث يتعين على الأمة الالتزام بشريعة الله تعالى كما أمر. ويظهر ذلك في إنشاء ولاية الحسبة، حيث تعتبر جميع الولايات تحت إشرافها، كما ورد في قوله تعالى: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ). فمكافحة المنكرات والمعاصي، يشبه المعالجة لداء يهدد المجتمع بالانهيار. فالركود عن إنكار المنكرات والفواحش يعد سببًا في استجلاب العقاب الإلهي، كما يتبين من قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من قومٍ يُعمَلُ فيهم بالمعاصي، ثم يقدِرون أن يُغَيِّروا ثم لا يُغَيِّروا؛ ألّا يوشكُ أن يعمَّهم اللهُ منه بعقابٍ). كما أن السكوت عن المنكرات يمكن أن يؤدي إلى اللعن والطرد من رحمة الله تعالى، ولهذا يجب على الآباء والأمهات الحفاظ على منازلهم وإنكار ما يحدث فيها من منكرات. فعدم الخوف من عواقب المعاصي يجعل انتهاك أوامر الله تعالى أمرًا عاديًا، فيتحول المعروف إلى منكر والمنكر إلى معروف. ولذا، فإن واجب القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يتطلب تحمل مشاق ومخاطر متعددة. فقد قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ). لذلك يجب على المسلم عدم التسهيل في ارتكاب المعاصي والذنوب.
وسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
حدد العلماء مجموعة من الوسائل التي يجب على المسلم اتباعها عند تقديم النصح والإرشاد للآخرين في إطار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن أبرز هذه الوسائل:
- أسلوب الكلمة الطيبة: يجب أن تكون النصيحة مناسبة وبأسلوب لطيف، حيث أن البدء بكلمات إيجابية قد يحقق نتائج إيجابية، ويجب أن يتضمن الحديث إشارة إلى محاسن الآخرين بدلًا من إظهار ذنوبهم.
- أسلوب الكتاب أو الكتيب: يمكن كتابة منشورات أو توزيع كتيبات تحتوي على نصوص تحذر من المنكرات، أو العمل على نشر كتب هامة في المؤسسات والشركات والمساجد.
- استخدام الهاتف: يمكن الاتصال بالأشخاص الذين ارتكبوا المنكرات وحثهم على العودة عن تلك الأفعال، وكذلك التواصل مع العلماء والمسؤولين.
- مقاطعة المرتكبين للمنكر: يشمل ذلك عدم التعامل مع الأفراد أو المؤسسات التي تسهم في نشر الفساد.
- التشهير: في حالات الضرورة، يجب التصريح بالمنكرات وأصحابها، مع مراعاة عدم إساءة الظن.
- أسلوب النشرات الصغيرة: نشر مواضيع ذات أهمية بطريقة سهلة الفهم والتي تسهل على العامة الاطلاع على أبرز القضايا.