شرح حديث “ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة”
يتضمن حديث “ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة” ثلاث روايات، وسنستعرضها مع الشرح التفصيلي لكل رواية فيما يلي:
الرواية الأولى
نبدأ الآن بالتعرف على الرواية الأولى للحديث:
- عن أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ، ولا يَنْظُرُ إليهِم ولا يُزَكِّيهِمْ ولَهُمْ عَذابٌ ألِيمٌ). وقرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذه العبارة ثلاث مرات، مما دفع أبو ذر -رضي الله عنه- إلى التساؤل عن هؤلاء الثلاثة، فأجابهم رسول الله بأنهم:
- المُسْبِلُ، والْمَنَّانُ، والْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بالحَلِفِ الكاذِبِ.
- يخبر الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة عن ثلاثة أشخاص لن يكلمهم الله يوم القيامة، إضافة إلى أنهم سيتعرضون لعذاب مُهين نتيجة أعمالهم السلبية.
- لقد أعاد الرسول الحديث ثلاث مرات ليزيد من شغف الصحابة لمعرفة هؤلاء الأشخاص، حتى قدم لهم الإجابة.
المُسْبِلُ إزاره.. كِبْرًا وخيلاء
النوع الأول من هؤلاء الثلاثة هو المُسْبِل، وسنتناول معناه فيما يلي:
- بَيَّن الرسول صلى الله عليه وسلم أن المُسْبِل هو من يطيل ثوبه دون عذر ظاهر، وذلك بدافع العجب والكبر.
- هذا الفعل يمثّل استعلاءً على الآخرين، خاصة الفقراء، مما يجعلهم يشعرون بدونيّتهم، وهو ما يؤدي إلى عقاب الله له.
- الإزار هو ما يرتديه الرجل حول الخصر لتغطية الجزء السفلي من الجسم.
- يمكن أن يحدث الإسبال بشكل غير مقصود، أو بهدف إخفاء عيب، لكنه في حالات كثيرة يكون نتيجة للكبر، وهو الذي تم الإشارة إليه في الحديث.
- وقد ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لَا يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَرًا).
- كما تم إخبار أبي بكر -رضي الله عنه- بذلك عندما سأل النبي عن إزاره المفرط في الطول، replied رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لَسْتَ مِمَّنْ يَصْنَعُهُ خُيَلَاءَ).
المنان الذي يمن على الناس
الآن دعونا نستعرض النوع الثاني، وهو المنان، وما يميزه:
- المنان هو الشخص الذي يمنح الناس شيئًا ثم يمن عليهم به، مما يؤدي إلى إبطال أجر العمل، ويحرمه من رحمة الله.
- هذا السلوك يؤدي إلى فقدان الثواب الناجم عن الأعمال الخيرية، وقد ورد في الآية الكريمة: (لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ).
- جوهريًا، يعكس المنان كبر الشخص وبخله، حيث يتكبر على الناس رغم أنه لا يستحق التفوق عليهم.
- عندما يقدم شيئًا للآخرين، يشعر بأنه قد قدم شيئًا عظيمًا، متجاهلاً أن الله هو من وهبه هذه النعم.
- وقد أنذر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المنان بعذاب شديد يوم القيامة.
المُنفِق سلعته بالحلف الكاذب
هذا هو النوع الثالث من الأشخاص الذين ذكرهم رسول الله، وسنتناول معناها فيما يلي:
- المُنفِق هو من يبيع سلعته بحلف كاذب لزيادة نجاح تجارته.
- ذُكرت آية تتعلق بذلك، قال الله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّـهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَـٰئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّـهُ وَلَا يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).
- وهذا السلوك يعكس ارتكاب أربع من الكبائر، وهي: اليمين الكاذب، وأخذ المال بغير وجه حق، والتغرير بالمشتري، والاستخفاف بحق الله.
- يشبه المُنفِق الذي يحلف كذبًا السارق، رغم اختلاف الوسائل بينهم.
- أيضًا، يجب أن تكون الأيمان التي تقال تحت الظروف الصادقة متزنة، كما ورد في الآية: (وَلَا تَجْعَلُوا اللَّـهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ).
الرواية الثانية
الآن سنتطرق إلى الرواية الثانية من هذا الحديث:
- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، ولا يُزَكِّيهِمْ: شيخٌ زانٍ، ومَلِكٌ كَذّابٌ، وعائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ).
الشيخ الزاني
دعونا نوضح هذه الفئة التي ستعاقب بشدة:
- قد يُستخدم مصطلح “الأشيمط الزاني” للإشارة إلى الشيخ الزاني، مما يعبّر عن حقارة الفعل.
- ارتكاب الزنا في هذا العمر يعكس انحرافًا في طبيعته، إشارة إلى أنه بعيد عن تلك المعصية.
- زنا الشيخ أشد من زنا الشاب، حيث إن الشاب قد تُغلب عليه شهوته.
- تكمن أهمية تجنب الزنا بكافة حالاته، سواء كان الشخص شابًا أم شيخًا كبيرًا.
الملك الكذاب
وفيما يلي تفسير هذه الفئة:
- الملك هو المسؤول عن شؤون الرعية، ويجب أن تتماشى أقواله مع أفعاله.
- يحمل الملك كلمة صادقة بين قومه ويفترض أن يكونTransparentًا معهم.
- انعدام الصدق يجعله من بين الثلاثة الذين لن يكلّمهم الله يوم القيامة.
الفقير المستكبر
دعونا نستعرض تفاصيل هذه الفئة:
- الفقير المستكبر هو الذي يتعالى على الآخرين رغم فقره، مما يعكس طبيعة سلوكه.
- الغرور غير مقبول بغض النظر عن مقدار المال أو الجاه.
بالإضافة إلى ذلك، يمكنكم التعرف على:
الرواية الثالثة
وفي هذه الرواية الأخيرة من الحديث، تجدون ما يلي:
- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (ثَلاثٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، ولا يَنْظُرُ إليهم، ولا يُزَكِّيهِمْ، ولَهُمْ عَذابٌ ألِيمٌ: رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ فِي الفَلاةِ يَمْنَعُهُ من بنِ السَّبيل، ورَجُلٌ بايَعَ رَجُلًا بسِلْعَةٍ بَعْدَ العَصْرِ فَحَلَفَ له باللَّهِ لأَخَذَها بكَذا وكَذا فَصَدَّقَهُ وهو عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، ورَجُلٌ بايَعَ إمامًا لا يُبايِعُهُ إلَّا لِدُنْيا فإنْ أعْطَاهُ مِنْها وفَى، وإنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْها لَمْ يَفِ).
من يمنع الماء عن المحتاج
لنغص محتوى هذا النوع بالمزيد من التفاصيل:
- تشير الفئة هذه إلى الأشخاص الذين يمكلون موارد مائية، مثل بئر أو مزرعة، ويمنعونها عن المسافرين.
- حرّم الله منع المياه عن الحيوانات، فكيف بالإنسان الذي يحتاج لمساعدة.
- لذا، فإنه من الضروري امتلاك الماء الزائد ومنع تقديمه للمحتاجين.
الحلف على البيع
دعونا نستعرض هذه الفئة :
- الحلف في عملية البيع بعد العصر يعني تزايد الاحتمالات لارتكاب المعصية، فذلك وقت ينقض فيه السوق.
- تعظم المعصية عندما يتزامن ذلك مع أعمال العبد التي تُرفع.
- ارتكاب الحلف الكاذب يُعَد من الكبائر.
رجل بايع إمامًا لا يبايعه إلا لدنيا
واخيرًا، فيما يلي توضيح إضافي لهذه الفئة:
- هذا الشخص يسعى لمبايعة الإمام ليس لأغراض دينية بل لتحقيق منفعة شخصية.
- يترسخ مفهوم المبايعة في الإسلام كواجب ديني يُوجب الطاعة.
- بالتالي، يجب أن يكون دافعه نابعا من الالتزام الديني وليس من الدافع الشخصي فقط.