إدارة وتقنين السلوك الاجتماعي في المجتمع

الضبط الاجتماعي

الضبط الاجتماعي هو مفهوم يشير إلى مجموعة من الآليات والأسس والسياسات المجتمعية والسياسية التي تهدف إلى توجيه سلوك الأفراد في مجتمع معين، وذلك من أجل تحقيق الالتزام التام بالقواعد المعمول بها من قبل المجتمع أو فئة اجتماعية معينة.

تطور مصطلح الضبط الاجتماعي عبر الزمن؛ حيث كان في بدايته يعكس قدرة المجتمع على تنظيم شؤونه والسيطرة عليها بنفسه. ولكن بحلول عام 1930، شهد المصطلح تحولات جعلته يعبر عن توجيه الأفراد نحو الامتثال لقواعد وأوامر معينة، مما أدى إلى دخوله حيز الدراسة كعلم خاص.

أنواع الضبط الاجتماعي

يمكن تصنيف وسائل الضبط الاجتماعي إلى عدة أنواع، والتي تشمل:

وسائل غير رسمية

تتضمن مجموعة من القيم والمبادئ والمعايير التي يفرضها المجتمع على أفراده، وتعرف بالتنشئة الاجتماعية، حيث تهدف إلى تشكيل شخصية الأفراد ضمن إطاره.

يمكن اعتبارها مجموعة من الأنشطة التي يمارسها الفرد منذ ولادته، والتي تتطور تدريجياً وفقاً لما هو مقبول اجتماعياً. تنقسم هذه الوسائل إلى عدة أشكال:

  • الضبط الداخلي: يتجسد في الضمير والمعايير الأخلاقية التي تحث الفرد على اتباع الاتجاه الصحيح، ويعكس تأثير التنشئة الأسرية في مراحل حياة الفرد المبكرة.
  • الضبط الخارجي: يتعلق بالتوجيهات التي يفرضها المجتمع، حيث يكون الالتزام بها إلزامياً، وتفرض على المخالفين عقوبات اجتماعية، وهي غالباً ما تأتي من الجهات الحكومية.
  • الضبط الإيجابي: هو ما يتبعه أفراد مجموعة لتحقيق أفكار معينة تحفز الأفراد نحو الإيجابية، مثل المدح والتقدير، مما يشجع الفرد على الالتزام.
  • الضبط السلبي: يتضمن لوائح صارمة وقواعد تضغط على الأفراد للامتثال، حيث يتم استخدام العقوبات والتهديدات لزيادة مستوى السيطرة.

وسائل رسمية

تشمل الأوامر والنواه التي تفرضها الحكومة على أفراد المجتمع، وتهدف إلى تقليل الفوضى وضمان الأمن، وتعرف أحياناً بالتنظيم.

أهداف الضبط الاجتماعي

  • تعزيز شعور الأفراد بالمساواة والعدالة من خلال الالتزام بالقيم الاجتماعية والمعايير المتبعة.
  • تحديد سلوك الأفراد ضمن إطار محدد يساعد في أداء الأدوار المجتمعية بشكل كامل، مما يمثل نظاماً متكاملاً.
  • تشجيع الانخراط الاجتماعي للفرد وتقليل النزعات الأنانية وتحفيز المشاركة.
  • الحفاظ على مستويات عالية من التضامن الاجتماعي لضمان استمرارية الروابط بين الأفراد.
  • تعزيز التماسك الاجتماعي لتحقيق الاستمرارية والتواصل بين الأفراد.
  • تحقيق مستويات عالية من الأمن الاجتماعي من خلال أداء كل فرد لدوره بكفاءة.
  • غرس معاني الارتباط الدائم بين أفراد المجتمع.

أهمية الضبط الاجتماعي

يمثل الضبط الاجتماعي عنصراً حيوياً في استقرار المجتمعات، وتبرز أهميته في النقاط التالية:

  • يساهم في تحقيق التوازن والاستقرار الاجتماعي.
  • ينظم العلاقات والمعاملات بين الأفراد، ويعتبر وسيلة فعالة لتجنب الفوضى.
  • يدعم القوانين والأنظمة في فرض السيطرة والرقابة على تصرفات الأفراد.
  • يركز على معاقبة المخالفين للقوانين لضمان الالتزام.
  • يساهم في فض النزاعات وتحقيق العدالة في المجتمع.

أساليب الضبط الاجتماعي

تشير أساليب الضبط الاجتماعي إلى الطرق التي تفرض الانضباط على سلوك الأفراد، حيث تؤثر في حياتهم وتوجههم نحو الالتزام بمعايير المجتمع. تختلف الأساليب من مجتمع لآخر، وتشمل:

العُرف

تمثل القواعد والأساليب التي تستخدمها المجتمعات لتنظيم حياتها، حيث تعتبر مقاييس تقيم من خلالها تصرفات الأفراد. تلك الأعراف التي تتجذر مع مرور الزمن ينقاد إليها المجتمع بشكل تلقائي، وتعتمد على المعتقدات والقيم الاجتماعية السائدة.

العادات والتقاليد

تُعرّف العادات على أنها تصرفات شائعة يقوم بها الأفراد في مواقف معينة، وتعتبر جزءاً أساسياً من الحياة الاجتماعية. بينما التقاليد تعكس أنماطاً مكررة تتبعها المجتمعات بدافع التقديس، وتعتبر من القيم التي لا يمكن التغاضي عنها.

التنشئة الاجتماعية

تبدأ هذه العملية منذ لحظة ولادة الفرد، وتشمل القيم والمبادئ التي يكتسبها، حيث تسهم العائلة في تشكيل سلوكه وتوجيهه نحو المجتمع.

القانون

يعتبر القانون في قمة أساليب الضبط الاجتماعي من حيث القدرة على التأثير والرقابة، إذ يتضمن عقوبات واضحة لمن يخالفه، مما يعزز العدالة بين الأفراد.

نظريات الضبط الاجتماعي

تتعلق هذه النظريات بفهم الضبط الاجتماعي من منظور الباحثين، ومن أبرزها:

نظرية تطور وسائل الضبط الاجتماعي

يؤكد المؤسس إدوارد روس أن النفس البشرية تتشكل من أربع غرائز أساسية، مما يُنتج نظاماً اجتماعياً قائماً على العلاقات الاجتماعية الودية.

نظرية الضوابط التلقائية

تنص هذه النظرية، التي اقترحها سمنر، على أن سلوك الأفراد يتشكل من خلال الأعراف والعادات السائدة، مما يدفع الأفراد للامتثال بشكل تلقائي.

نظرية الضبط الذاتي

تشير هذه النظرية، وفقاً لكولي، إلى أن القيم والرموز في المجتمع تشكل الأساس للضبط الاجتماعي، حيث يقوم المجتمع بخلق ضوابط وفق ما يناسب ثقافته.

النظرية البنائية الوظيفية

تسلط الضوء، وفقاً للانديز، على علاقة البناء الاجتماعي بالضبط الاجتماعي، وكيفية تحقيق التوازن بين الأنظمة الاجتماعية.

Scroll to Top