فهم الفارق بين النفس والروح

أبعاد النفس الإنسانية

تُعتبر نفس الإنسان هي العنصر الذي تطرق إليه القرآن الكريم والمُكلف دائماً في مختلف الأمور. فالنفس تُعبر عن الذات، وتمثل الأساس الذي يقوم عليه الإنسان. وقد ورد في كتاب الله تعالى: (الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ۚ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) (غافر: 17).

يمكن تقسيم النفس إلى ثلاثة أقسام رئيسية كما يلي:

النفس المطمئنّة

تُعتبر النفس المطمئنّة أعلى مراتب الرفعة التي يمكن أن تصل إليها النفس البشرية. يتطلب الوصول إلى هذه الدرجة المرموقة الكثير من الجهد، حيث يجب على الإنسان أن يكون صادقًا مع نفسه في البداية، ويجب عليه أن يكون واضحًا أمام ذاته دون أي هروب أو خداع. بعد تحقيق الصدق مع النفس، ينبغي أن يكون الشخص مخلصًا لله في أعماله، حيث يجب إزالة جميع الحواجز المتمثلة في المعاصي والآثام من أجل نيل رضاه. وأخيراً، لا بد من أن يكون الشخص صادقًا مع الآخرين من حوله.

وقد ورد ذكر النفس المطمئنّة في القرآن الكريم، حيث قال تعالى: (يا أيّتُها النّفسُ المُطمئِنّةُ ارجعي إِلى ربِّكِ راضيةً مرضيّةً فادخُلي فِي عِبادِي وادخُلِي جنّتِي).

النفس الأمّارة بالسوء

تُمثل النفس الأمّارة بالسوء تلك النفس المستعدة لارتكاب الشر والفتنة، وهي ترتبط بالشيطان والميل إلى الهوى وفعل السوء. فهي دائماً ما تأمر صاحبها بفعل المعاصي والآثام، موسوسةً له بوسائل مختلفة تغريه وتقوده إلى الضياع، وتؤدي به إلى عاقبة وخيمة. وقد قال تعالى في ذلك: (وَمَا أُبَرِّيءُنَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ).

النفس اللوّامة

تُعتبر النفس اللوّامة في مرتبة وسطى، حيث تقع في الذنب لكنها تعترف بخطأها بعد ذلك. وقد ذكرها الله تعالى في القرآن، حيث قال: (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ).

الروح

الروح تُعتبر جسماً خفيفاً يمتاز بالحياة من ذاته، حيث أن لها خصائص عليوية وحركة مستمرة تسري في الأعضاء وتؤثر فيها. لا يعرف الإنسان طبيعة الروح أو حقيقتها، فهي خُلقت بأمر من الله وليست من جنس العالم المادي، مما يصعّب تحليلها.

رغم غموض مفهوم الروح، إلا أن آثارها تظهر جلياً على الجسد، حيث أن العقل، الفهم، البصر، والحركات اللاإرادية لا تتحقق إلا بوجود الروح. متى تم نزْع الروح عن الإنسان، يفقد جميع هذه القدرات. فالإنسان لا يحصل على فوائد خلق الله من بصر وسمع وغيرها إلا بعد أن تُنفخ فيه روحه، كما ورد في قوله تعالى: (فإذا سوّيته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين) (الحجر/ 29). وبالتالي، يُعتبر الروح الأساس؛ ففي يوم القيامة تعود الأرواح إلى الأجساد بعد النفخ في الصور، ليقوم الناس أحياءً وينظرون. كما قال تعالى: (ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون) (الزمر/ 68).

Scroll to Top