دراسة قصيدة المساء للشاعر إيليا أبو ماضي
تُعتبر قصيدة المساء للشاعر إيليا أبو ماضي من الأعمال الأدبية البارزة في الأدب المهجري، وإليك تحليل تفصيلي لها:
التحليل الإيقاعي للقصيدة
استند الشاعر في بناء قصيدته إلى تفعيلة البحر الكامل “متفاعلن”، حيث تتكرر في كل سطر بمعدل أربع مرات. كما تنوعت القوافي في نهاية مقاطع القصيدة، مما أضفى على العمل جواً موسيقياً يعكس مشاعر الشاعر ورغبته في إيصال كلماته إلى القارئ، ملمحاً من خلال معانيها الفنية والموسيقية.
التحليل النحوي للقصيدة
بدأ الشاعر قصيدته بكلمة “السحب” كمبتدأ، تلتها فعل مضارع “تركض”، ما يشير إلى تقديم الفاعل على الفعل، وذلك يعكس أهمية ما يود الشاعر إيصاله للقارئ؛ وهو وصف السحب، التي غالباً ما تشير إلى المساء. كما نجد أن الشاعر استخدم العديد من الجمل الاسمية، مما يعكس صلابة معانيه.
فيما يتعلق بالجمل الفعلية، فقد توازن الشاعر بين الأفعال الماضية والمضارعة، حيث تعكس الأفعال الماضية الذكريات التي يفضل الشاعر عدم نسيانها، بينما تعبر الأفعال المضارعة عن الحاضر، مما يشير إلى قلقه من المستقبل، وكذلك تبرز حالة الاضطراب الداخلي التي يعيشها.
التحليل الأسلوبي للقصيدة
تنوع أسلوب الشاعر بين الأساليب الإنشائية والخبرية، حيث كانت الأسلوب الخبري الأكثر حضوراً، مثل “السحب تركض” و”الشمس تبدو”، بينما استخدم أسلوباً إنشائيًا في عبارات مثل: “أرأيت أحلام الطفولة؟” و”أم أبصرت عيناك أشباح الكهولة؟”.
الصور الفنية في قصيدة المساء
تتضمن القصيدة مجموعة من الصور الفنية البارزة، مثل:
- السُحُبُ تَركُضُ في الفَضاءِ رَكضَ الخائِفين.
تُعد استعارة مكنية تشبه السحب بإنسان يركض، حيث تم حذف المشبه به وهو الإنسان واحتفظ الشاعر بما يدل على الحركة.
- الشَمسُ تَبدو خَلفَها صَفراءَ.
استعارة مكنية تشبه الشمس بالإنسان العبوس، حيث تم حذف الإنسان واحتُفظ بمظهر العبوس.
- البَحرُ ساجٍ صامِتٌ.
استعارة مكنية حيث قارن البحر بالإنسان الصامت، مُبقيًا على دلالة الصمت.
- خِفتِ أَن يَأتي الدُجى الجاني.
استعارة مكنية تشمل تشبيه الليل بالإنسان، حيث تم حذف المعبّر عنه مع الاحتفاظ بفعل الجناية.
- يَهوى البُروقَ وَضَوأَها وَيَخافُ تَخدَعُهُ البُروق.
استعارة مكنية تشبه البرق بالإنسان المخادع.
- المروجِ الخُضرِ سادَ الصَمتُ في جَنَباتِها.
استعارة مكنية تشبه المروج بالإنسان الصامت واحتفظت بدلالة الصمت.
- لَم يَسلُبِ الزَهرَ الأَريجُ وَلا المِياهُ خَريرُها.
استعارة مكنية تشبه الزهر بالإنسان السالب، مُحتفظة بدلالة السلب.
- ماتَ النَهارُ اِبنُ الصَبحِ.
استعارة مكنية تشبه النهار بالإنسان الذي يموت.
الأفكار الرئيسة في قصيدة المساء
تتناول قصيدة المساء مجموعة من الأفكار الأساس، منها:
- وصف الغروب ومنظره وتأثيره على سلمى.
- تأمل سلمى في غروب الشمس وذكريات الطفولة.
- خشية الشاعر من شيخوخة قادمة.
- دعوة للتفاؤل والأمل.
- الابتعاد عن الأحزان والتقلبات الحياتية.
أبيات قصيدة المساء للشاعر إيليا أبو ماضي
تتضمن قصيدة المساء للأديب إيليا أبو ماضي الأبيات التالية:
السُحُبُ تَركُضُ في الفَضاءِ رَكضَ الخائِفين و الشَمسُ تَبدو خَلفَها صَفراءَ عاصِبَةَ الجَبين و البَحرُ ساجٍ صامِتٌ فيهِ خُشوعُ الزاهِدين لَكِنَّما عَيناكِ باهِتَتانِ في الأُفقِ البَعيد سَلمى بِماذا تُفَكِّرين سَلمى بِماذا تحلُمين أَرَأَيتِ أَحلامَ الطُفولَةِ تَختَفي خَلفَ التُخوم أَم أَبصَرَت عَيناكِ أَشباحَ الكُهولَةِ في الغُيوم أَم خِفتِ أَن يَأتي الدُجى الجاني وَلا تَأتي النُجوم أَنا لا أَرى ما تَلمَحينَ مِنَ المَشاهِدِ إِنَّمّا أَظْلالُها في ناظِرَيكِ تَنِمُّ يا سَلمى عَلَيكِ إِنّي أَراكِ كَسائِحٍ فيم القَفرِ ضَلَّ عَنِ الطَريقيَرجو صَديقاً في الفَلاةِ وَأَينَ في القَفرِ صَديقي يهوى البُروقَ وَضَوأَها وَيَخافُ تَخدَعُهُ البُروق قَبَل أَنتِ أَعظَمُ حيرَةً مِن فارِسٍ تَحتَ القَتاملا يَستَطيعُ الاِنتِصاروَلا يَطيقُ الاِنكِسارهَذي الهَواجِسُ لَم تَكُن مَرسومَةً في مُقلَتَيكِ فَلَقَد رَأَيتُكِ في الضُحى وَرَأَيتُهُ في وَجنَتَيكِ لَكِن وَجَدتُكِ في المَساءِ وَضَعتِ رَأسَكِ في يَدَيكِ وَجَلَستِ في عَينَيكِ أَلغازٌ وَفي النَفسِ اِكتِئاب مِثلُ اِكتِئابِ العاشِقين سَلمى بِماذا تُفَكِّرين بِالأَرضِ كَيفَ هَوَت عُروشُ النورِ عَن هَضَباتِهاأَم بِالمُروجِ الخُضرِ سادَ الصَمتُ في جَنَباتِهاأَم بِالعَصافيرِ الَّتي تَعدو إِلى وَكَناتِهاأَم بِالمَسا إِنَّ المَسا يَخفي المَدائِنَ كَالقُرى وَالكوخُ كَالقَصرِ المَكين وَالشَوكُ مِثلُ الياسَمين لا فَرقَ عِندَ اللَيلِ بَينَ النَهرِ وَالمُستَنقَعِيَخفي اِبتِساماتِ الطَروبِ كَأَدمُعِ المُتَوَجِّعِ إِنَّ الجَمالَ يَغيبُ مِثلُ القُبحِ تَحتَ البُرقُع لَكِن لِماذا تَجزَعينَ عَلى النَهارِ وَلِلدُجى أَحلامُهُ وَرَغائِبُهوَسَمائُهُ وَكَواكِبُه.