في هذا المقال، نستعرض تفسير الآية الكريمة “كأنما يصعد في السماء”، والتي تأتي ضمن سورة الأنعام. تعتبر هذه السورة من السور المكية، على الرغم من احتوائها على بعض الآيات المدنية.
تُعَدُّ سورة الأنعام من أعظم السور القرآنية، وتتميز بفضلها الكبير وفوائدها المتعددة. في السطور التالية، سنتناول تفسير الآية “كأنما يصعد في السماء” وأهم الدروس المستفادة منها.
تفسير الآية “كأنما يصعد في السماء” في سورة الأنعام
كما ذكرنا سابقاً، سورة الأنعام هي واحدة من السور المكية التي أُنزِلَت قبل هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، لكنها تحتوي على بعض الآيات المدنية.
تتكون سورة الأنعام من 165 آية، وهي السورة السادسة في القرآن الكريم.
تبدأ السورة بالثناء على الله تعالى، كما ورد في قوله: “الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون” صدق الله العظيم.
تتناول سورة الأنعام العديد من الموضوعات الهامة، بما في ذلك التوحيد وأصول العقيدة والإيمان بالله، كما تتضمن السورة قصصاً مشهورة للأنبياء والصالحين، مثل قصة إبراهيم عليه السلام.
تناقش السورة أيضاً القضايا والأحكام المتعلقة بالعقيدة، مع التركيز على مسألة الوحي والرسالة. والآن، دعونا نستعرض تفسير الآية “كأنما يصعد في السماء” بمزيد من التفصيل.
تفسير الآية “كأنما يصعد في السماء”
اختلفت آراء المفسرين حول تفسير آية “كأنما يصعد في السماء”، وفيما يلي بعض من أبرز هذه التفاسير:
تفسير السعدي
- وصف السعدي هذه العبارة بأنها تعبر عن حال من أراد الله عز وجل إضلاله، حيث يجعل صدره ضيقًا إزاء الإيمان.
- يمكن أن يكون هذا الضيق شديدًا حتى يكاد يشعر وكأنه يصعد إلى السماء.
- كما يعتبر الله هذا الصعود تعبيرًا عن المعاناة التي يواجهها الكافر.
- يعد هذا المثل تعبيرًا عن قلة الحيلة وعدم إيمان الكافرين.
- نتيجة لذلك، يُقضى عليهم بالرجس، وينغلق أمامهم باب الرحمة.
تفسير الشيخ الطنطاوي
- أكد الشيخ الطنطاوي أن الآية تشير إلى حال الكافرين الذين دعاهم الله للإسلام ولكنهم لم يستمعوا.
- ويمكن تصور them كما لو أنهم يكلفون بالصعود إلى السماء، فيؤكد ذلك على شدة ضيق صدورهم.
- حيث يتم تشبيه هذا الضيق بأنه تفوق قدراتهم.
- والمعنى هنا هو أن الصعود مستحيل بالنسبة لهم.
تفسير القرطبي
- ذكر القرطبي أن الله سبحانه وتعالى شبه نفور الكافرين من الإيمان بالثقل الكبير.
- الأمر الذي يؤدي بهم إلى الشعور بضيق شديد في صدورهم وكأنهم في محاولة للصعود إلى السماء، إلا أنهم عاجزين عن القيام بذلك.
تفسير بن عاشور
- وصف بن عاشور الكفار بأنهم يمتصون شيئًا لا يستطيعون تحمله، وهو مشقة الصعود إلى السماء.
- أي أنه يشعرون بضيق الصدر كما لو أنهم يحاولون الصعود إلى السماء لكنهم عاجزين عن ذلك.
تفسير الطبري
- قال الطبري في تفسير هذه العبارة أن الله سبحانه وتعالى يستخدمها كمثل للكافرين، حيث أنهم يشعرون بضيق شديد بسبب امتناعهم عن الإيمان.
- يمكن أن يفهم هذا الشعور كما لو أنهم يواجهون مهمة مستحيلة، مثل الصعود إلى السماء.
تفسير البغوي
- أشار البغوي إلى أن الكافرين يشعرون بأن الإيمان جهد وصعوبة كبيرة.
- بالتالي، يصبح من الصعب عليهم الإيمان كما هو الحال مع محاولة الصعود إلى السماء.
- تتجلى مشقة الصعود في معنى الآية الكريمة.
تفسير بن عباس
- قال بن عباس إن العبد الذي لا يستطيع الوصول إلى السماء لن يستطيع دخول نور الإيمان إلى قلبه.
- حتى يأمر الله تعالى بإدخال الإيمان إلى قلبه.
تفسير بن حرير
- وصف بن حرير أن الآية تعبر عن تأثير ضربة الله في قلب الكافر مما يسبب له ضيقًا.
- وذلك نتيجة امتناعه عن الإيمان بالله.
- يشبه هذا الامتناع بالصعوبة في الصعود إلى السماء لأن ذلك يفوق قدراتهم.
تفسير ابن كثير
- أوضح ابن كثير أن العبد الكافر الذي لا يريد الله له الهداية، يرى الإيمان ضيقاً ويعتبره مشقة كبيرة.
- وكأنه يقوم بمحاولة صعود إلى السماء نتيجة ضيق صدره.
معاني المفردات في الآية “كأنما يصعد في السماء”
بعد تعرفنا على تفسير الآية الكريمة، نستعرض الآن معاني المفردات لتسهيل فهم الآية بشكل أفضل:
كأنما:
- حرف للتشبيه.
يصعد:
- يعني المجاهدة في الصعود، وهو م deriv ع عن الفعل “اصعد”.
في السماء:
- تعني الفضاء العلوي أو ما يقابل الأرض.
الدروس المستفادة من الآية “كأنما يصعد في السماء”
لا تخلو أي آية من القرآن الكريم من الدروس والعبر، ومن أهم ما يمكن استخلاصه من هذه الآية ما يلي:
- تشير الآية إلى أن أحد أبرز علامات هداية الله للعبد هو شعوره بالطمأنينة وانشراح الصدر بالإيمان.
- فالتوحيد والإيمان بالله هما من أهم الأسباب التي تمنح الإنسان راحة النفس وسعادة القلب.
- كما جاء في قوله: “أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه”.
- بينما الشرك بالله هو ما يؤدي إلى شعور الضيق والمشقة.
- الإيمان يعتبر نورًا يشرح صدر المؤمن.
- فإذا فقد العبد هذا النور، يتعرض للحرج والضيق.
- التوحيد الخالص يعد من الأمور التي تهدي العبد، ويتطلب طاعة الله بجدية.
- الكثير من الأحداث في حياة الأشخاص ترتبط بإيمانهم بالله.
- فانشراح الصدر يدل على حب الله للعبد وإيمانه.
- تظهر هذه الآية بلاغة فكرة أن آيات الله لا مجال للتشكيك فيها وتضيء طريق المؤمنين.