أنت حر ما لم تؤذي الآخرين

دلالة عبارة “أنت حر ما لم تضر”

تُعَدُّ هذه العبارة من أقوال بعض الحكماء، وتعبّر عن مفهوم مهم في الحياة الاجتماعية، حيث تعني أنه يمكن للإنسان أن يفعل ما يشاء طالما أنه لا يتخطى حدود الأدب والاحترام. فالحرية الفردية تقتضي احترام حقوق الآخرين، حيث تنتهي حرية الشخص عندما تبدأ حقوق الآخرين.

قيود الحرية في الإسلام

تقدم الشريعة الإسلامية حرية كبيرة للإنسان، مما يسهل عليه التفاعل بشكل إيجابي مع محيطه، ويُعتبر ذلك من الحقوق الأساسية التي أولتها الحضارة الإسلامية عناية خاصة. كما أن الإسلام يمنع انتهاك هذه الحقوق واعتبارها اعتداءً على الآخرين.

ينبغي أن تقترن حرية المسلم بالرضا الإلهي، بحيث لا تتجاوز حدود ما يرضي الله سبحانه وتعالى، وهذا يشكل أحد أهم القيود على الحرية.

فيما يلي بعض الضوابط والقيود الأساسية المرتبطة بالحرية:

عدم الإضرار بالآخرين

إن الالتزام بعدم الإضرار بالغير يُعَدُّ من أبرز الأمور التي ينبغي أن يراعيها الفرد، حيث يُشترط أن تكون الحرية مصحوبة بالاحترام لحقوق الآخرين. فالاعتداء على حقوق الآخرين يعد ضررًا ومحرمًا في الإسلام، لما يترتب عليه من أذى وفساد في المجتمع.

كما قيل: “تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية الآخرين”. لذا، يجب أن يدرك كل إنسان أن لديه حرية وحق في التصرف، ولكن هذا الحق يتقاطع مع حقوق الآخرين، ومتى تعدى الفرد على حرية غيره فقد يهضم حقهم. قال الله تعالى: (وَلَا تَعْتَدُوا).

عدم الإضرار بالنفس

حماية النفس من المقاصد الأساسية للشريعة الإسلامية، حيث يُعتبر الإضرار بالنفس جريمة تتعارض مع مصلحة الفرد. فالحرية التي تؤدي إلى ضرر الشخص بنفسه غير مقبولة وتؤدي إلى ظلم كبير؛ لأن الله خلق الإنسان ومنحه هذه النفس كأمانة وجب الحفاظ عليها.

فكما حرص الآباء على حماية أبنائهم من الأخطار، كذلك فإن الله -عز وجل- حرّم بعض الأشياء ونهاهم عنها لحمايتهم، وقد تظهر الحكمة من هذا التحريم أو لا، ولكن في النهاية، كل شيء يصب في مصلحة العبد، سواء أدرك ذلك أم لم يدركه.

ومن الأحاديث النبوية الشريفة في هذا السياق، الحديث الذي رواه المقدام -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (ما ملأ آدميٌّ وعاءً شرًّا من بطنٍ، بحسبِ ابنِ آدمَ أكلاتٍ يُقمنَ صُلبَهُ، فإن كان لا محالةَ: فثلُث لطعامِه، وثُلُثٌ لشرابِه وثُلُثٌ لنفَسِه).

ألا تؤدي إلى ترك الأوامر وفعل المنهيات

وتمثّل هذه القضية حقًا من حقوق الله -عز وجل- على عباده، حيث منحهم الحرية وأطلق سراحهم من ضيق الأهواء لتحصيل راحتهم وسعادتهم. لذا، فإنه يجب على العبد الالتزام بحقوق الله؛ ليحقق السعادة والطمأنينة في حياته.

ولذلك، أرسل الله -عز وجل- الرسل وأنزل الكتب، قال الله -تعالى-: (هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّـهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ).

Scroll to Top