محمد بن عبدالله هو خاتم الأنبياء والمرسلين، أُرسل من قبل الله سبحانه وتعالى إلى الإنس والجن برسالة تدعو إلى الدين الإسلامي الحنيف، الذي يشدد على عبادة الله الواحد الأحد. وُلِد في مكة المكرمة عام 571 ميلادي، والذي يُعرف بعام الفيل، وقد نزل الوحي عليه وهو في سن الأربعين. كان متزوجًا من السيدة خديجة، أم المؤمنين رضي الله عنها.
احتضار النبي ووفاته
- استمرت دعوة النبي للإسلام ونزول القرآن الكريم بالكامل حوالي 23 عاماً، وآخر ما نزل كان في حجة الوداع، التي توفي النبي بعدها بفترة قصيرة.
- كان النبي عائداً من جنازة في البقيع، ولم يكن قد مكث طويلاً حتى شعر بصداع شديد، مما دفعه إلى ربط رأسه تخفيفًا للألم. استمر هذا المرض لفترة، وقد استأذن زوجاته ليقيم هذه الفترة عند زوجته عائشة رضي الله عنها.
- نقله الفضل بن عباس وعلي بن أبي طالب إلى حجرة السيدة عائشة، حيث ارتفعت درجة حرارته بشكل كبير قبل وفاته بخمسة أيام، مما زاد من حدة مرضه.
- على الرغم من شدة مرضه، إلا أنه دخل المسجد وخطب بالناس وصلى بهم صلاة الظهر، واستمر في الصلاة معهم حتى قبل وفاته بأربعة أيام. في يوم الخميس، تفاقمت الألم حتى لم يعد يستطيع الصلاة بالناس في صلاة العشاء.
- قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: (ثَقُلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: أصَلَّى النَّاسُ؟ قُلْنَا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ. قال: ضَعُوا لي مَاءً في المِخْضَبِ، ففعلنا، ثم اغتسل، وعندما عاد ليمشي أغشي عليه، ثم استفاق، وقال: أصَلَّى النَّاسُ؟ قلنا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَك، فقال: ضَعُوا لي مَاءً في المِخْضَبِ، فجلس واغتسل ثم أغشي عليه مرة أخرى).
- وفي يوم ما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر ليصلي بالناس، حيث قال: إنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَأْمُرُكَ أنْ تُصَلِّيَ بالنَّاسِ، فتحدث أبو بكر -رجل ذو طبيعة هادئة- طالبًا من عمر بن الخطاب أن يتولى الصلاة، لكن عمر أصر على أن أبو بكر هو الأجدر.
تغسيل النبي والصلاة عليه ودفنه
صفة غسله وكفنه
- تولى غسل النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وسقران مولاه وأسامة بن زيد وعمه وولديه الفضل وقثم، وتم غسل النبي من دون خلع ثيابه، كما تم تكفينه بثلاثة أثواب من القطن.
الصلاة على النبي ودفنه
- بعد التغسيل، وُضِع النبي على سريره في غرفة السيدة عائشة، وصلى عليه الناس جماعات بدون إمام، حيث دخلت مجموعات من الرجال والنساء والأطفال لأداء الصلاة.
- كان قبر النبي مسطحًا ودخله صلى الله عليه وسلم من ناحية القبلة، حيث قام بلال بن رباح برشّ الماء من الجهة اليمنى لرأس النبي وانتهى بقدميه.
يمكنكم التعرف أيضاً على:
تاريخ ومكان وفاة النبي
توفي الرسول صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين الموافق 12 من ربيع الأول سنة 11 هجريًا، والذي يوافق عام 633 ميلادي في شهر يونيو. توفي النبي عليه السلام عن عمر يناهز 63 عاماً.
الساعات الأخيرة من حياة النبي
كانت آخر ساعات حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم مليئة بالعظمة والتواضع والخضوع لأمر الله. إليك تفاصيل الأحداث التي جرت في الساعات الأخيرة:
- الموعظة الأخيرة: في الأيام الأخيرة من حياته، ألقى النبي محمد صلى الله عليه وسلم خطبته الأخيرة على المسلمين في منطقة الجبل في المدينة. خلال تلك الخطبة، نصح الناس بتعلم الدروس من حياته واتباع الشريعة الإسلامية.
- العودة إلى المنزل: بعد أداء صلاة الظهر في يوم الاثنين من شهر ربيع الأول، عاد النبي محمد إلى منزله حيث شعر بتدهور في حالته الصحية.
- المرض والوفاة: تدهورت الحالة الصحية للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث سجلت ارتفاعًا في درجة الحرارة والشعور بالتعب. خلال الأيام التي تلت ذلك، تفاقمت حالته الصحية حتى توفي في الساعات الأولى من صباح يوم الاثنين 12 ربيع الأول، الموافق 12 يونيو من عام 632 ميلادي.
علامات اقتراب أجل النبي
ظهرت بعض العلامات التي أحس بها البعض على أنها مؤشرات قرب وفاة النبي، ومنها ما يلي:
- رؤية العباس رضي الله عنه، التي تمثلت في أن النبي أخبره بوفاته في رؤيا، حيث قال العباس: (رأيت في المنام كأن الأرض تنزع إلى السماء بأشطان شديدة، فقصصت ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ذاك وفاة ابن أخيك).
- تحدث النبي مع معاذ بن جبل حينما أرسله إلى اليمن، حيث قال له: (يا معاذ، إنك عسى ألا تلاقيني بعد عامي هذا، لعلك تمر بمسجدي وقبري).
وصايا النبي قبل وفاته
أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين بعدة وصايا، منها:
أوصى بالأنصار
- كان الرسول يحب الأنصار كثيرًا، فأوصى المسلمين بهم قبل وفاته. وقال الصحابي أنس بن مالك رضي الله عنه: (مرّ أبو بكر والعباس رضي الله عنهما بمجموعة من الأنصار وهم يبكون، فسألهم: لماذا تبكون؟ فقالوا: ذكرنا مجلس النبي صلى الله عليه وسلم معنا، فدخل النبي عليهم وأخبرهم بذلك.
- فخرج النبي وقد ربط على رأسه حاشية برد، وصعد المنبر، ولم يصعده بعد ذلك اليوم، فحمِد الله ثم قال: أوصيكم بالأنصار؛ فإنهم عِرْشِي وعَيْبَتِي، وقد قضَوْا الذي عليهم، وبقي الذي لهم، فاقبلوا من محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم.
أوصى بإخراج المشركين من جزيرة العرب
- أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين وهو في حالة شديدة من المرض في أخر أيامه بثلاث وصايا حتى لا تتعرض الأمة للضلال بعده، ومنها إخراج المشركين من جزيرة العرب، وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:
- لقد اشتد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه يوم الخميس، فقال: ائتوني بكتاب أكتب لكم كتبًا لن تضلوا بعده أبدًا، فتنازعوا، ولا ينبغي عند نبي تنازع، فقالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يهجر. فقال: دعوني، فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه، وأوصى عند وفاته بثلاث: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بما كنت أجيزهم.
أوصى بعدم اتخاذ مسجده قبرًا
نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن اتّخاذ قبره كمسجد، حيث قال: (قاتل الله اليهود، اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد).
أوصى بإحسان الظن بالله
من وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم قبل وفاته أن يحسن المسلمون ظنّهم بالله تعالى، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، قبل وفاته بثلاث يقول: لا يَمُتنَّ أحدكم إلا وهو يحسن بالله الظن).
أوصى بالصلاة
من أهم وصايا الرسول قبل وفاته هو الحفاظ على الصلاة، حيث يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: (كانت عامة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حضرته الوفاة وهو يغَرْغِرُ بنفسه: الصلاة وما ملكت أيمانكم).
حال المسلمين بعد وفاة النبي
- كانت وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بمثابة فاجعة للمسلمين، حيث تأثر العديد من الصحابة بوفاته؛ فمنهم من أصيب بالعجز.
- كان الحزن واضحًا على الجميع حتى قالت فاطمة رضي الله عنها: يا أنس، هل طابت أنفسكم أن تضعوا التراب على نبي الله؟
- كما غضب عمر بن الخطاب عندما سمع من يقول إن محمدًا قد مات، وأمرهم بقول إنه غاب عن قومه كما غاب موسى لملاقاة ربه.
- لكن أبو بكر الصديق هو من أعاد لهم الوعي، حيث خطب في الناس قائلاً: ومَا مُحمدٌ إلا رسولٌ قد خلت من قبله الرسل، أفإن مات أو قُتل انقلبتم على أعقابكم؟ ومن ينقلب على عَقِبيه فلن يضر الله شيئًا، وسيجزي الله الشاكرين.