شلل الأطفال
شلل الأطفال، المعروف أيضاً باسم (Poliomyelitis)، هو مرض شديد العدوى ينجم عن فيروس يؤثر على الجهاز العصبي. وعلى الرغم من أن معظم حاملي فيروس شلل الأطفال لا تظهر عليهم أعراض، إلا أن نسبة صغيرة من الأطفال يمكن أن تتعرض للشلل نتيجة لهذه العدوى. وقد ساهم التطعيم ضد شلل الأطفال بشكل كبير في تقليص عدد الإصابات بالمرض. وفقاً لتقارير منظمة الصحة العالمية، لا يزال شلل الأطفال موجوداً، على الرغم من انخفاض الحالات إلى أكثر من 99% منذ عام 1988، حيث انخفض عدد الإصابات من 350 ألف حالة إلى 33 حالة تم الإبلاغ عنها في عام 2018. بشكل عام، تمثل العدوى الأكثر شيوعًا في الأطفال دون سن الخامسة، ولكن خطر الإصابة يبقى موجوداً لأي شخص لم يحصل على التطعيم أو تلقى الجرعات اللازمة بشكل غير كامل. ورغم التقدم الملحوظ في السيطرة على المرض، فإنه يستطيع الانتشار بسهولة إذا كان هناك طفل واحد مصاب، حتى في المناطق التي تم تصنيفها خالية من فيروس شلل الأطفال. لذلك، يجب توخي الحذر من هذا الفيروس، خصوصًا بين الأفراد غير المحصنين.
تاريخ مرض شلل الأطفال
يعتقد الخبراء أن مرض شلل الأطفال يعود إلى عصور قديمة، حيث عُثر على لوحة أثرية من العصر الفرعوني تعود لعام 1400 قبل الميلاد، تظهر فيها مومياء بأطراف مشوهة. وقد تم توثيق أعراض شلل الأطفال لأول مرة في عام 1789، بينما تم تسجيل أول حالة مصدقة في عام 1835. في عام 1908، تمكن العالمان كارل لاندستينر وإروين بوبر من عزل الفيروس المسبب للمرض بعد إجراء دراسات تحت المجهر، حيث اكتشفوا ما كان يُعتقد سابقاً أنه بكتيريا. وتبع ذلك تطوير أول لقاح في عام 1954 بواسطة جوناس سالك، والذي كان يُعطى عن طريق الحقن. وفي عام 1956، ألف الطبيب ألبرت سابين لقاحًا جديدًا يؤخذ عن طريق الفم. ومنذ ذلك الحين، أصبح لقاح شلل الأطفال جزءًا من جدول التطعيم الروتيني للأطفال في جميع أنحاء العالم.
أسباب حدوث شلل الأطفال
شلل الأطفال ينجم عن فيروس يُعرف باسم فيروس شلل الأطفال (Poliovirus)، الذي ينتمي إلى مجموعة الفيروسات المعوية (Enterovirus). هناك ثلاثة أنواع مختلفة من فيروس شلل الأطفال، حيث يُعتبر النوع الأول الأكثر شيوعاً في التفشي ويسبب خطورة أكبر للإصابة بالشلل. الفيروس شديد العدوى، وينتقل غالبًا من شخص إلى آخر عن طريق الطريق الفموي-الشرجي. يُدخل الفيروس الجسم عن طريق الفم أو الأنف، حيث يتكاثر في الحلق والجهاز الهضمي، فينتشر عبر الدم والجهاز الليمفاوي ليصل إلى الجهاز العصبي المركزي. وسائل نقل الفيروس تتضمن ملامسة البراز أو اللعاب للأشخاص المصابين، وقد تحدث العدوى خلال فترة حضانة تتراوح بين 5 إلى 35 يوماً، ويمكن نقل العدوى حتى قبل ظهور الأعراض، وأيضًا لمدة تصل إلى أسبوعين بعدها.
أعراض شلل الأطفال
الكثير من حالات الإصابة بشلل الأطفال قد لا تظهر عليها أعراض واضحة، ويُعرف هذا النوع من العدوى بالعدوى غير المرئية (Inapparent infection). تختلف الأعراض حسب نوع العدوى، وتشمل:
- النوع المُجهِض: وهو نوع خفيف لا يستمر طويلاً، وتشمل أعراضه:
- حمى.
- فقدان الشهية.
- ألم في الحلق.
- قيء وغثيان.
- آلام البطن.
- إمساك.
- إرهاق عام.
- النوع غير الشللي: الأكثر خفة، والذي يتشابه في الأعراض مع النوع المُجهِض. بعد زوال الأعراض الأولية، قد يظهر أعراض أخرى مثل:
- تصلب الرقبة والعمود الفقري.
- آلام عضلية في الرقبة والذراعين والساقين.
- النوع الشللي: يُعتبر الأخطر ولكنه نادر. تظهر الأعراض الأولية مشابهة للأشكال الأخرى، ولكن قد تتطور لتشمل:
- فقدان ردود الفعل.
- رخاوة وعدم القدرة على الحركة في بعض الأطراف.
- آلام شديدة في العضلات أو ضعفها.
لمزيد من المعلومات حول أعراض شلل الأطفال، يمكن الاطلاع على المقال التالي: (ما هي أعراض شلل الأطفال).
تشخيص شلل الأطفال
يبدأ تشخيص شلل الأطفال من خلال دراسة التاريخ المرضي للطفل، بما في ذلك الاستفسار عن أي سفر إلى مناطق ينتشر فيها الفيروس. يتطلب التشخيص أيضًا إجراء فحوصات بدنية، وقد يكون هناك حاجة لإجراء تحاليل مخبرية تشمل:
- الزراعة التشخيصية: يتم أخذ عينة من براز المريض وسوائل الحلق، حيث تُزرع في بيئة مخصصة لنمو الفيروسات للكشف عن الفيروس.
- تحليل الدم: للتحقق من وجود أجسام مضادة لفيروس شلل الأطفال.
- البزل القطني: الذي يُستخدم لقياس الضغط في القناة الشوكية وأخذ عينة من سائل النخاع الشوكي لإجراء الفحص المخبري.
علاج شلل الأطفال
لا يوجد علاج محدد لشلل الأطفال، ولكن يمكن توفير بعض أشكال الرعاية الداعمة لتخفيف الأعراض، وتشمل:
- مسكنات الألم مثل الإيبوبروفين للتخفيف من الألم والحمى.
- أجهزة التنفس الصناعي للمساعدة على تحسين التنفس.
- العلاج الطبيعي للحد من التشوهات وتعزيز القدرة العضلية.
- شرب السوائل والراحة في المنزل، خصوصًا لمن تظهر عليهم أعراض خفيفة.
للاطلاع على المزيد حول علاج شلل الأطفال، يمكن قراءة المقال التالي: (علاج مرض شلل الأطفال).
مضاعفات شلل الأطفال
قد تؤدي الإصابة بشلل الأطفال إلى عدة مضاعفات، منها:
- فشل الجهاز التنفسي نتيجة لفقد القدرة على الحركة في العضلات التنفسية.
- تمدد المعدة المفاجئ، مما قد يتطلب إجراء شفط معدي.
- آفات معوية قد تؤدي لنزيف في الجهاز الهضمي.
- ارتفاع ضغط الدم الذي قد يسبب اعتلالًا دماغيًا.
- التهاب السحايا العقيم، والذي قد يتسبب في خمول وغيبوبة.
- التهاب التامور القلبي، وقد يتطور إلى اعتلال عضلة القلب.
- أنواع معينة من التهاب القرنية.
- متلازمة ما بعد شلل الأطفال، وهي حالة تحدث غالبًا بعد عدة سنوات من الشفاء، وتشمل أعراضاً مثل الشلل المفاجئ، التعب، وألم العضلات.
مطعوم شلل الأطفال
يعتبر مطعوم شلل الأطفال الوسيلة الأكثر فعالية للوقاية من الإصابة بالمرض. تم إدراج اللقاح ضمن جدول التطعيم الروتيني للأطفال منذ عام 1956، وفي المملكة المتحدة يُعطى اللقاح الأول عند عمر 8 و12 و16 أسبوعاً، يليها جرعة مُعزَّزة عند بلوغ ثلاث سنوات وأربعة أشهر، وثالثة بين 13 و18 سنة. هناك نوعان من لقاح شلل الأطفال:
- لقاح شلل الأطفال المعطل: يتكون من فيروس غير نشط ويُعطى عن طريق الحقن، وهو آمن وفعال للغاية.
- لقاح شلل الأطفال الفموي: يتألف من شكل ضعيف من الفيروس، وهو مفضل في العديد من البلدان بسبب انخفاض تكلفته وسهولة إدارته.
يتم اعتبار الشخص محصناً تمامًا ضد فيروس شلل الأطفال بعد تلقي ثلاث جرعات على الأقل من اللقاح المعطل أو الفموي، أو أربع جرعات من أي مزيج بينهما. من المهم مراعاة الفروق في جداول التطعيم بين الدول.
للمزيد من المعلومات حول مطعوم شلل الأطفال، يمكن الاطلاع على المقال التالي: (تطعيم شلل الأطفال).