أهمية الوقت في الإسلام
الوقت كأحد النعم العظيمة
تحدث الله -سبحانه وتعالى- عن الوقت في عدة مواضع من القرآن الكريم، مستخدمًا ألفاظًا متنوعة مثل الدهر، الحين، الآن، اليوم، والأجل. يُعتبر الوقت من أعظم النعم التي أنعم الله بها على عباده، لأن الوقت هو صورة عمر الإنسان. وقد جاءت الآيات الكريمة لتبرز عظمة هذه النعمة، حيث قال -تعالى-: (وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمسَ وَالقَمَرَ دائِبَينِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيلَ وَالنَهَارَ*وَآتاكُم مِن كُلِّ ما سَأَلتُمُهُ وَإِن تَعُدّوا نِعمَتَ اللَّـهِ لا تُحصوها إِنَّ الإِنسانَ لَظَلومٌ كَفّارٌ).
وفي السنة المطهرة يُروى عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنه قال: (نِعْمَتانِ مَغْبُونٌ فِيهِما كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ والفَراغُ). وهذا يعكس أهمية استغلال المسلم لصحته ووقته في طاعة الله، وعدم التكاسل عند توافر هذه النعم.
القسم بالوقت في القرآن الكريم
قد أقسم الله -عز وجل- بالزمن في مواضع عدة وبأساليب متنوعة في فواتح السور. ومن بين هذه الأقسام نجد قسمه بالعصر: (وَالْعَصْرِ)، وكذلك بالفجر: (وَالْفَجْرِ)، وأيضًا بالليل والنهار: (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى*وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى). وهذا القسم يعكس أهمية الوقت وتأثيره البالغ.
العبادات وارتباطها بأوقات محددة
تتضح أهمية الوقت بشكل أكبر من خلال ارتباط العبادات بأوقات معينة، حيث يتطلب أداء العبادات الالتزام بمواقيت محددة. ومن أبرز هذه العبادات الصلوات الخمس، حيث قال -تعالى-: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا). فقد حدد الله لكل صلاة وقتًا معينًا يُؤدى فيه.
كما أن الزكاة لا تُفرض إلا بعد تحقق شرط الحول، والصيام في شهر رمضان الذي يبدأ برؤية الهلال وينتهي برؤيته، والحج الذي يجب على المسلم أداؤه مرة واحدة في العمر في الأشهر الحرم.
السؤال عن الوقت يوم القيامة
يجب على المسلم أن يسعى لاستثمار وقته فيما يرضي الله -تعالى-، مُدركًا أنه سيسأل يوم القيامة عن كيفية استهلاكه لوقته. وفي هذا السياق، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا تزولُ قدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن عمرهِ فيما أفناهُ، وعن علمهِ فيمَ فعلَ، وعن مالِهِ من أينَ اكتسبَهُ وفيمَ أنفقَهُ، وعن جسمهِ فيمَ أبلاهُ).
توجه النبي نحو تنظيم الوقت والمحافظة عليه
أظهر الرسول الأمين حرصًا كبيرًا على تنظيم وقته، فلم يكن يضيع لحظة من وقتة دون استغلالها فيما ينفعه أو ينفع الآخرين. وقد وصف علي بن أبي طالب حالة النبي حين دخوله إلى المنزل، حيث كان يُقسم وقته إلى ثلاثة أجزاء: جزء لله، وجزء لأسرته، وجزء لنفسه، بالإضافة إلى وقت يُخصصه للناس.
كانت أغلب أوقات النبي مخصصة لطاعة الله وعبادته، رغم أن الله غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، إلا أنه كان يقوم الليل حتى تتورم قدماه. وعندما استفسرت عنه زوجته عائشة -رضي الله عنها-، أجابها: (أفلا أُحِبُّ أنْ أكُونَ عَبْدًا شَكُورًا).