فهم الذات
تُعدّ مسألة فهم الذات من التحديات الكبرى التي يواجهها بعض الأشخاص، رغم اجماع جميع الناس على أن فهم الذات هو المفتاح للتطور والنجاح في الحياة. فمن دون معرفة الفرد لنفسه ولسماتها ومكامن قوتها وضعفها، سيكون من الصعب عليه التقدم ومعالجة أوجه الضعف التي تعوقه عن أداء مسؤولياته بكفاءة وفعالية.
تتجلى صعوبة فهم النفس في تعقيدها، حيث تتراوح بين الضعف والقوة، والأمان والخوف، والصرامة واللطف. ونظراً لأن النفس الإنسانية تحتوي على العديد من التناقضات، فإن فهم جميع جوانبها النفسية يصبح تحدياً كبيراً، مما يجعل التعمق في معرفة الذات أمراً معقداً.
متطلبات فهم الذات
تحقيق فهم عميق للذات ينطوي على مجموعة من المتطلبات الأساسية التي يجب أن تتوافر لدى الأفراد الساعين إلى بلوغ هذه الغاية، لتحسين نوعية حياتهم وترقيتها. من أبرز هذه المتطلبات الصدق مع النفس، والوضوح، والصراحة، والابتعاد عن أوهام امتلاك صفات معينة أو جوانب خاصة غير موجودة فعلياً. هذه السلوكيات قد تضر بالفرد، وتخلق له ذاتاً خيالية تعيق تواصله مع ذاته الحقيقية. ومن المتطلبات الأخرى أيضاً، صفاء الذهن ونقاء القلب، والابتعاد عند الإمكان عن تأثير شخصيات الآخرين، وعدم تقمّص أدوار لا تتناسب مع طبيعة الشخص بغاية الإعجاب. كما يتوجب على الفرد قبول النقد البناء والتحلي بالتواضع للوصول إلى النتائج المرجوة.
استراتيجيات التعرف على الذات
يمكن تحقيق التعرف على الذات من خلال الخطوات التالية:
- يجب على الفرد أن يحب ذاته، فكل انسان مُكرّم من قبل الله تعالى. فالبشرية قد خُلقت بشرف وكرامة، ولذلك فإنّ الحب الذاتي يعزز القدرة على رؤية النفس بموضوعية وحياد.
- ينبغي الابتعاد قدر الإمكان عن الانشغال برأي الآخرين وآرائهم. إذ لا يمكن أن تكون نظرة الأفراد عنصراً أساسياً لتقييم النفس، حيث إنّ تجارب الناس متفاوتة، وبالتالي فإنّ أي حكم قد يصدر عن شخص آخر قد يكون غير موضوعي، مما يؤدي إلى تقليل الثقة بالنفس. لذلك، يجب على الأفراد تقييم أنفسهم بناءً على نتائج أعمالهم وآثارها عليهم وعلى الآخرين.
- يتعين على الشخص أن يثق بنفسه. هذه الثقة تعينه على إدراك عيوبه ومميزاته، وهو ما يساعده على تنمية جوانب القوة لديه والتخلص من العيوب التي قد تعوقه عن تحقيق طموحاته.