الكلية الحربية السودانية: أول مؤسسة تعليمية عسكرية في تاريخ السودان

الكلية الحربية السودانية: أول مؤسسة عسكرية في السودان

تُعتبر الكلية الحربية السودانية أولى الكليات العسكرية في البلاد، وتقع في شمال مدينة أمدرمان في منطقة وادي سيدنا. تُعرف هذه الكلية بأنها معقل الأبطال ومركز إعداد الرجال الأقوياء، حيث يختتم الطالب الحربي دورة تدريبية تستمر ثلاث سنوات ليحصل على رتبة ملازم، إضافة إلى درجة بكالوريوس في العلوم العسكرية والإدارية. يتضمن البرنامج الأكاديمي دراسات عسكرية متقدمة. تُعد الكلية واحدة من أقدم المؤسسات التعليمية داخل القوات المسلحة السودانية، وتتمتع بسمعة طيبة نظراً لكفاءة خريجيها من الضباط، كما تسجل شهرة إيجابية خارج السودان نتيجة النجاح الذي يحققه طلابها في الدورات الخارجية.

تاريخ تأسيس الكلية الحربية السودانية

أُسست الكلية الحربية كمدرسة عسكرية في عام 1905م خلال فترة حكم الجنرال “ونجت”، وتم تخريج أول دفعة في عام 1907م، وكان يقودها البكباشي المقبول الأمين الحاج، الذي يُعد أول قائد للكلية. خلال هذه المرحلة، تخرج من الكلية نحو 34 دفعة.

أُغلقت الكلية في عام 1924م عقب مقتل السير لي أستاك، حاكم السودان العام، في مصر، إثر مظاهرة لطالب الكلية ضد الاستعمار البريطاني، ما أدى إلى محاكمة بعض الطلاب عسكرياً.

في عام 1936م، أعيد افتتاح المدرسة الحربية بإشراف الحاكم العام السير إستيورت سايمز والجنرال فرنكلين، حيث تم قبول الطلاب من كلية غردون، وأُسست “المدرسة الحربية 2” في الخرطوم تحت مسمى “مدرسة ضربنار”، وتم تخريج 10 دفعات منها.

انتقلت المدرسة إلى أم درمان في عام 1938م، وأُطلق عليها “مركز التعليم”. ومع بداية الحرب العالمية الثانية، أُغلقت المدرسة مرة أخرى. لكن في عام 1948م، عادت المدرسة الحربية للعمل في مقرها السابق في أم درمان تحت اسم “مدرسة المشاة” كنظام متكامل للكلية الحربية.

في عام 1960م، تم فصل مدرسة المشاة ونقلها إلى “جبيت”، بينما بقيت الكلية الحربية تخرج ضباطها الأبطال، حتى انتقلت إلى موقعها الحالي بوادي سيدنا في عام 1969م. كانت الهيئة الإدارية للكلية تُمنح براءة الحاكم العام حتى عام 1954م، حينما تمت سودنة الكلية وتولى البكباشي الطاهر بك العبد قيادتها.

الكلية الحربية السودانية بعد استقلال السودان

مع بزوغ استقلال السودان، تحول قسم الولاء من “ولاء للتاج البريطاني” إلى “قسم يُعهد بحماية تراب الوطن ودستور السودان”. ومنذ ذلك الحين، بدأت الكلية الحربية في التقدم تزامنًا مع تطور القوات المسلحة السودانية تحت إشراف القيادات المحلية.

شهدت المناهج الدراسية في الكلية الحربية تطورات مستمرة جراء التغيرات في القوات المسلحة، مما استدعى تعديل المنهج عدة مرات. تم تغيير النظام من سنتين إلى ثلاث سنوات، مع إضافة مواد أكاديمية جديدة، مما أتاح اعتماد برنامج بكالوريوس في العلوم الإدارية وبكالوريوس اللغة الإنجليزية، بجانب دبلوم العلوم العسكرية المعتمد مسبقًا.

تطور النظام الأكاديمي في الكلية الحربية السودانية

  • 1973م: تم إدخال النظام الأكاديمي واستمر حتى عام 1976م للدفعتين (25) و(26).
  • 1984م: أُعيد تطبيق النظام الأكاديمي حتى عام 1989م للدفعات (34) و(35) و(37)، قبل أن يتم إلغاؤه مرة أخرى.
  • 1997م: شمل البرنامج إدخال مواد إنسانية وعلمية بالتعاون مع التعليم العالي، حيث تخرج الطلاب بدرجة البكالوريوس في العلوم العسكرية، إلا أن الشهادة لم تُعترف بها من قِبل التعليم العالي لعدم إشرافهم على المنهج.
  • 2006م: تشكلت لجنة تتضمن وزير التعليم العالي والبحث العلمي وعدداً من الأكاديميين العسكريين، بما في ذلك قائد الكلية، لوضع منهاج بكالوريوس الإدارة ليكون معتمدًا.
  • 2007م: حصل بكالوريوس الإدارة على الإجازة من المجلس القومي للتعليم العالي بمقتضى القرار رقم (25)، وتم تعديل تنظيم الكلية لتشمل قسم بكالوريوس العلوم الإدارية وقسم بكالوريوس اللغات.

نتيجة لذلك، تم تعديل الفترة الزمنية وشكل المنهج بحيث يشمل الدراسة العسكرية والأكاديمية. وهكذا، أصبحت الكلية جزءًا من كليات جامعة كرري، واستمرت في تأهيل الطلبة الحربيين ليصبحوا ضباطًا في القوات المسلحة السودانية. بحلول عام 2011م، تخرجت في الكلية الحربية 4 دفعات، كان أقدمها الدفعة (55) في نهاية سبتمبر، ودخلت الدفعة (59) في بداية أكتوبر من نفس العام.

Scroll to Top