إن تفسير الآية الكريمة “مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان” والتي ترد في سورة الرحمن، يتجلى في الآيات 19 إلى 22. هذه الآيات تبرز عظمة الخالق سبحانه وتعالي، وسنستعرض في هذا المقال شرح هذه الآية.
تفسير “مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان”
- أشار الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم إلى أربعة آيات تبرز عظمة خلقه في البحرين، أحدهما عذب والآخر مالح.
- تعتبر هذه الآيات من عجائب الله في الكون، وهي كالتالي: “وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخًا وحجرًا محجورًا”.
- قال الله عز وجل: “أمن جعل الأرض قرارًا وجعل خلالها أنهارًا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزًا أإلة مع الله بل أكثرهم لا يعلمون”.
- كما يقول الله سبحانه وتعالى: “وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابة وهذا ملح أجاج”.
- وأيضًا “مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان فبأي ألاء ربكما تكذبان”.
التفسير الأول
- وفي كتب التفسير، يُوضح أن المقصود بالبحرين هما نوعا المياه المعروفان على سطح الأرض.
- النوع الأول هو الأنهار العذبة، والنوع الثاني هو البحار المالحة.
- ويستند هذا التفسير إلى قول الله في وصف البحرين: “هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج”.
- هناك أيضًا قول آخر بأنهما بحران مختلفان، إما بحر في السماء وبحر في الأرض، أو بحر فارس وبحر الروم، أو بحر المشرق والمغرب.
لا تفوت هذا:
التفسير الثاني
- فيما يخص البرزخ المذكور بين البحرين، هناك تفسيران للعلماء.
- التفسير الأول يرى أن البرزخ هو الحاجز بين الأنهار والبحار، وهو الأراضي الواسعة التي تفصل بينهما.
- هذا يسمح لكل جسم مائي بأن يحظى بمجرى مستقر خاص به، مما يمنع اختلاط المياه.
- يعتبر هذا التفسير الأكثر قبولًا بين المفسرين، حيث يشير الحافظ ابن كثير رحمة الله: “وجعل بينهما برزخًا وحجرًا”.
- حيث يُفهم أن “برزخًا” تعني حاجزًا، ويُقصد به يابس الأرض، و”وحجرًا محجورًا” يُشير إلى المانع من وصول أحدهما للآخر.
- فيما يتعلق بقول الله “مرج البحرين يلتقيان”، يُفهم من ابن عباس أنها تعني “أرسلها”، بينما ابن زيد يشير إلى أنها تعني “منعهما من الالتقاء”.
- وهكذا، يُشير معنى البحرين إلى العذب والمالح اللذين يتقابلان، لكن بفضل الله، هناك فصل بينهما.
- من خلال هذا الفصل، تكسب البشرية فوائد من كلاً منهما، بحيث يشرب الناس من الماء العذب، ويستفاد من الماء المالحة في خلق الحياة البحرية.
التفسير الثالث
بين البحرين العذب والمالح، يوجد حاجز غير مرئي خلقه الله بحكمته.
هذا الحاجز يمنع اختلاط المياه العذبة مع المالحة، رغم التقائهما في مصب الأنهار.
الإمام القرطبي رحمة الله أشار إلى أن “وجعل بين البحرين حاجزًا” يعني وجود مانع من قدرة الله لمنع الأجاج من الاختلاط بالعذب.
كما قال ابن عباس إن ذلك هو سلطان من قدرته، أي إن أحدهما لا يغير الآخر.
العلامة الأمين الشنقيطي رحمة الله، ذكر أن هذا الحاجز هو اليابس الذي يفصل بين الماءين.
هذا هو التفسير الأول، بينما التفسير الثاني يقول إن الحاجز هو من قدرة الله غير المرئية للبشر.
أما العلامة الطاهر بن عاشور رحمة الله، فقد أشار إلى أن وجود الحاجز بين البحرين هو من عجائب الحكمة، مما يمنع اختلاط المياه رغم وجودها بجوار بعضها.
تفسير سورة الرحمن: معنى قوله تعالى “مرج البحرين”
قوله تعالى: “مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ” يظهر في سورة الرحمن (الآية 19). وفيما يلي شرح لمعنى الآية:
التفسير اللغوي:
- تعني كلمة “مرج” في اللغة أرسل أو خلط، مما يفهم منه أن الله سبحانه وتعالى أرسل البحرين ليشتركا في مجراهما.
- أما “يَلْتَقِيَانِ”، فتعني أن البحرين يلتقيان ويتجاوران دون أن يختلطا بشكل كامل.
التفسير العام:
- يشير الله سبحانه وتعالى في هذه الآية إلى ظاهرة طبيعية فريدة تحدث بين نوعين من المياه، حيث يجري نوعان من المياه (أحدهما قد يكون عذبًا والآخر ملحًا) في نفس المنطقة، لكنهما لا يمتزجان تمامًا.
- بالرغم من التقائهما، إلا أن هناك حاجزًا يمنع خلطهما الكامل.
الإعجاز العلمي:
- تعتبر هذه الآية من الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، حيث أثبت العلم الحديث وجود مناطق يتقابل فيها البحر المالح مع المياه العذبة دون اختلاط.
- تحدث هذه الظاهرة عند مصبات الأنهار في البحار، أو بين بحرين مختلفي التركيب الكيميائي، وتظهر كما لو كان هناك حاجز يفصل بين المياه، وهو ما يُعرف بالـ “برخ” أو “الفيورد”.
تابع أيضا: