تفسير قوله: “إلا من جاء إلى الله بقلب نقي”

تعد آية “إلا من أتى الله بقلب سليم” إحدى الآيات المهمة التي يبحث عنها الكثير من الناس لفهم معاني سورة الشعراء. فهي تتعلق بدعاء سيدنا إبراهيم، لذا سنستعرض في هذا المقال معنى “إلا من أتى الله بقلب سليم”.

تفسير “إلا من أتى الله بقلب سليم”

  • تباينت آراء العلماء حول معنى هذه العبارة، حيث اعتبر البعض أن القلب السليم يشير إلى الأشخاص الذين لم تتلوث قلوبهم بالشرك، وهم الذين سينجون من العذاب يوم القيامة.
    • كما يُفهم أيضًا أن القلب السليم هو القلب الذي يتيقن تمامًا بأن الله هو الحق وأن يوم القيامة آتٍ دون شك.
      • وهو أيضًا مؤمن ببعث الأموات للحساب يوم القيامة.
  • من جهة أخرى، اعتبر البعض أن القلب السليم هو قلب المؤمنين، حيث وصف الله تعالى قلوب المنافقين والكفار بمعنى وجود مرض فيها، كما جاء في قوله: “في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضًا”.
  • وأشار أحد السلف إلى أن المقصود بالقلب السليم هو القلب الخالي من الشرك، وليس من الذنوب، لأن لا أحد معصوم عن الذنب.
  • كما أوضح الإمام القرطبي أن القلب السليم يجمع بين جميع الصفات المذكورة سابقًا.
    • فهو القلب الذي يتمتع بالخصال الحميدة.
    • ويشبه القلب السليم الوصف الذي ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: “يدخل الجنة أقوام، أفئدتهم مثل أفئدة الطير”.

القلب السليم في القرآن

  • أشار الله تعالى إلى مفهوم القلب السليم في آيتين، وهما “إلا من أتى الله بقلب سليم” في سورة الشعراء، و”إذ جاء ربه بقلب سليم” في سورة الصافات.
  • المقصود هنا هو القلب المؤمن الموحد الذي لا يعرف سوى الإسلام.
  • وهناك تفسيرات متعددة لمفهوم القلب السليم، ومن بينها:

قول ابن عباس

اعتبر ابن عباس أن القلب السليم هو القلب الذي يشهد بأن لا إله إلا الله.

قول مجاهد

بين مجاهد أن القلب السليم هو القلب الخالي من الشك.

قول قتادة

أوضح قتادة أن القلب السليم هو القلب الذي يخلو من الشرك.

قول ابن زيد

أكد ابن زيد أن القلب السليم هو القلب الخالي من الشرك، وليس من الذنوب، لأن العصمة من الذنب ليست لأحد.

قول الضحاك

اعتبر الضحاك أن القلب السليم هو القلب الخالص.

قول ابن سيرين

أوضح ابن سيرين أن القلب السليم هو القلب الذي يدرك يقينًا أن يوم القيامة آتٍ، وأن الله سيبعث الأموات من القبور.

قول أبو عثمان

أكد أبو عثمان أن القلب السليم هو القلب الذي يطمئن إلى السنة.

  • اتفق العلماء على أن القلب السليم يتحلى بالأخلاق الحسنة التي حث عليها القرآن الكريم.
    • فمن صفات القلب السليم أنه يعمر بالإيمان ويتزين بالقرآن.
  • لذلك، فإن القلب المملوء بالكفر لا يمكن أن يُعتبر قلبًا سليمًا، إذ أن أي قلب خالٍ من الإيمان بالله لن يعرف سبيل الخير.

ما هي علامات القلب السليم؟

تتضمن علامات القلب السليم ما يلي:

  • يكون القلب خاليًا من الشرك ومليئًا بالإيمان بالله.
  • يكون القلب تائبًا عائدًا إلى الله تعالى.
  • يشعر القلب بالاطمئنان عند ذكر الله.
  • يكون القلب خاليًا من الأخلاق السيئة.
  • وأخيرًا، يجب أن نكون حذرين تجاه القلب وفقًا لحديث النبي: “ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله. وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب”.

الدروس المستفادة من “إلا من أتى الله بقلب سليم”

تتضمن الآيات المذكورة في القرآن الكريم فوائد عديدة، إذ يترتب على المسلم تدبر معانيها وطبيعتها. ومن الفوائد المستفادة من “إلا من أتى الله بقلب سليم” ما يلي:

  • يُولد الإنسان بفطرة سليمة، ويتحمل مسؤولية الحفاظ عليها أو تلوثها.
  • سلامة القلب من الشرك والحقد تعتبر من الأسباب الأساسية لدخول الجنة والنجاة من النار.
  • بينما يعتبر المال والبنون زينة الحياة الدنيا، فمن يحسن التعامل معهما يكون لديه فرصة لدخول الجنة.
    • يتمثل هذا في تنشئته لأبنائه على طاعة الله وحبّه، واستخدام أمواله في رضا الله.

كيف نحافظ على سلامة قلوبنا؟

لا شك أن الجميع يرغب في الحفاظ على قلوبهم سليمة، ولذا يجب الالتزام بما يلي:

  • المداومة على ذكر الله تعالى.
  • تلبية حاجات الناس والإحسان إليهم.
  • الاستعداد للآخرة والتأكد من أنها الحياة الأبدية.
  • كثرة الدعاء مع اليقين بأن الله سيستجيب.
  • يجب أن نعي أن الله تعالى هو القادر على إدخال الخير إلى القلوب، لذا علينا الدعاء المستمر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “اللهم مصرف القلوب، صرف قلوبنا على طاعتك”.

كيف نأتي الله بقلب سليم؟

  • يُعتبر القلب السليم جنة لصاحبه في الدنيا والآخرة، إذ يسلم أمره كله لله.
    • ويدعو الله دائمًا أن يخلصه من الحقد والضغينة وأي مشاعر سلبية قد تسكن القلب.
  • لا شك أن الحفاظ على القلب سليمًا في مواجهة ملذات ومتاعب الحياة ليس أمرًا سهلاً.
    • لذا يجب على كل فرد مراقبة نفسه والتذكير بأن صاحب القلب السليم هو من يعبد الله ولا يسعى وراء ما يُغضب الله.
Scroll to Top