التفريق بين علم الكلام والفلسفة

التمييز بين علم الكلام والفلسفة من حيث المفهوم

تعريف علم الكلام

يُعرف علم الكلام، وفقًا لتعريف عضد الدين الإيجي، بأنه العلم الذي يتناول كيفية إثبات العقائد الدينية من خلال تقديم الحُجج العقلية والبراهين. وتُشير العقائد هنا إلى ما يختلج في النفس بعيدًا عن الأفعال، وفي الإطار الإسلامي، تتمثل هذه العقيدة في ما نُسب إلى النبي محمد، وقد أخًذَ العديد من العلماء والمفكرين بهذا التعريف، منهم التفتازاني. أما الغزالي، فيعتبر أن علم الكلام يهدف إلى حماية العقيدة من التشويه ومن أصحاب البدع.

بذلك، يمكن ملاحظة أن مفهوم علم الكلام عند الغزالي يقتصر على نطاق محدد، يركز على علم الكلام السني، مستثنيًا أي اتجاهات أخرى، مثل المعتزلة. وعليه، فإن تعريف الإيجي يبدو أكثر شمولًا وعمقًا، حيث لا يمكن استبعاد المعتزلة من دائرة علم الكلام، كما أن هناك فرقًا إسلامية أخرى أسهمت في إثراء وتعزيز هذا العلم.

تعريف الفلسفة

أما الفلسفة، فهي تُشتق من اللغة اليونانية، حيث تتكون كلمة “فلسفة” من كلمتين: “فيلو” والتي تعني محبة، و”صوفيا” التي تعني الحكمة، مما يُعطي معنى الفلسفة كمحبة الحكمة. تُعرف الفلسفة بأنها العلم الذي يتناول حقائق الأشياء وكيفية العمل بما هو أكثر فائدة، وتنقسم إلى قسمين: القسم النظري الذي يستقصي الميتافيزيقا والوجود، والعلم الإلهي الذي وصفه الكندي بأنه من أشرف العلوم.

يتضمن القسم النظري أيضًا العلم الرياضي، بينما يضم القسم العملي مواضيع السياسة والأخلاق، وقد عَرّف أرسطو الفلسفة بأنها علم الأسباب القصوى، أي الأسباب التي تؤدي إلى الوجود وأصل العلل، ويعتبر علم الوجود بما هو موجود. وقد تبنى ابن سينا هذا الفهم، مضيفًا أنه يتطلب السعي إلى معرفة حقائق الأشياء بما يستطيع الإنسان الوصول إليه.

الفرق بين الفلسفة وعلم الكلام من حيث الموضوعات

تختلف الفلسفة عن علم الكلام من حيث الموضوعات التي تتناولها كل منهما:

مواضيع علم الكلام

ارتبط ظهور علم الكلام بمسائل سياسية تتعلق بالخلافة الإسلامية والإمامة، حيث لعبت الفرق الإسلامية دورًا هامًا في النقاشات الجارية. سعت كل فرقة لإثبات صحة معتقداتها وآرائها، مما يجعل من الصعب فصل علم الكلام عن السياسة في السياق الإسلامي. كان موضوع الإمامة والمساءلة الأخلاقية عن أفعال الإنسان من بين القضايا المركزية التي تناولها علم الكلام الإسلامي.

مواضيع الفلسفة

تنقسم الفلسفة إلى ثلاثة مجالات رئيسية، تشمل العديد من الموضوعات الفلسفية، وهي:

  • المبحث الوجودي: المعروف بالأنطولوجيا، ويعتبر المجال الرئيسي في الفلسفة، حيث يركز على الوجود وماهيته، ويتميز بطابع تأملي.
  • المبحث القيمي: المعروف بالأكسيولوجيا، ويتناول القيم ومفاهيم الخير والشر، إضافة إلى المنطق.
  • المبحث المعرفي: المعروف بالأبستيمولوجيا، والذي يبحث في نظرية المعرفة، حيث ينقسم الفلاسفة إلى تيارين رئيسيين: تيار تجريبي وتيار عقلاني.

علم الكلام وعلاقته بالفلسفة

يمكن القول إن علم الكلام يعتبر أحد فروع الفلسفة، حيث تأثر معظم رواد هذا العلم بما نقل عن الفلسفة اليونانية، واستفادوا من الترجمات والمنطق الأرسطي. ويتجلى في علم الكلام النزعة العقلانية التي تبرز دور العقل كمرشد، وهو ما يظهر بوضوح في كتابات الفكر المعتزلي.

Scroll to Top