نظرة شاملة على الكيمياء النووية
تتناول الكيمياء الإشعاعية والنووية (بالإنجليزية: Radiological and Nuclear Chemistry) دراسة الخصائص الفيزيائية والكيميائية للعناصر المتأثرة بالتغيرات في بنية النواة الذرية، بالإضافة إلى الطاقة المنبعثة من التفاعلات النووية وتطبيقاتها. كما تستكشف الكيمياء الإشعاعية تكوين العناصر في الكون وتصميم العلاجات المشعة لاستخدامها في التشخيص الطبي والعديد من التطبيقات الأخرى.
كانت النظرية الذرية خلال القرن التاسع عشر تفترض وجود تركيب ثابت لنواة الذرة. في عام 1896، قام العالم الفرنسي هنري بيكريل بملاحظة مثيرة؛ حيث وُضع مركب من اليورانيوم على شاش أسود بالقرب من لوحة تصوير، ونتج عن ذلك ظهور صورة على اللوحة. استنتج بيكريل أن مركب اليورانيوم ينبعث منه نوع من الإشعاع قادر على اختراق القماش. وأظهرت التحقيقات اللاحقة أن هذا الإشعاع يتكون من مزيج من الجسيمات وأشعة كهرومغناطيسية مصدرها نواة الذرة.
سُمي هذا الانبعاث بالنشاط الإشعاعي (Radioactivity) حيث كانت ماري كوري أول من استخدم هذا المصطلح. بعد اكتشاف بيكريل، تم توجيه جهود العلماء نحو هذا الاكتشاف الجديد، ومن بينهم ماري كوري وإرنست رذرفورد المعروف بتجربته الشهيرة باستخدام رقاقة الذهب، والتي أظهرت ثلاثة أنواع من الإشعاعات الكيميائية الأكثر شيوعًا.
الاضمحلال الإشعاعي
الاضمحلال الإشعاعي الطبيعي (بالإنجليزية: Radioactive Decay) يمثل تغيرًا تلقائيًا يحدث في النويدة غير المستقرة، والتي تعرف بالنويدة الأم. من خلال عملية اضمحلال هذه النويدة، يتم إنتاج نويدة أخرى تعرف بالنويدة الوليدة، ويصاحب هذا الانبعاث جسيمات نووية مثل جسيمات ألفا وبيتا والبوزيترون وأشعة جاما. قد تكون النويدة الوليدة مستقرة أو غير مستقرة وتستمر في الاضمحلال منتجة نويدة أخرى أكثر استقرارًا.
كمثال، إذا كانت لدينا نواة ذرة اليورانيوم 238 (نويدة أم)، وهي نواة غير مستقرة، فمن الممكن أن ينبعث منها جسيمات ألفا، مما يؤدي إلى تكوين ذرة الثوريوم 234 (نويدة وليدة)، حيث يتكون الجسيم ألفا من بروتونين ونيترونين.
الأنواع الرئيسية للانبعاثات النووية
تشمل الانبعاثات النووية خمسة أنواع من الأشعة والجسيمات الناجمة عن التفاعلات النووية، وهي كما يلي:
جسيم ألفا
جسيم ألفا (α) هو نواة ذرة الهيليوم (He) المكونة من بروتونين ونيترونين. مثال على ذلك هو اضمحلال نواة ذرية لليورانيوم 238 إلى ذرة ثوريوم 234 عندما ينبعث جسيم ألفا.
جسيم بيتا
جسيم بيتا (β) هو عبارة عن جسيم مشابه للإلكترون لكنه يتمتع بطاقة عالية. كمثال، عند اضمحلال نواة ذرية للراديوم 228 إلى الأكتينيوم 228، ينطلق جسيم بيتا سالب.
أشعة جاما
أشعة جاما (γ) هي إشعاعات كهرومغناطيسية تشبه أشعة إكس (X-ray) ولكنها تمتلك طاقة أعلى بكثير. غالبًا ما تصدر أشعة جاما مع أنواع أخرى من الجسيمات النووية؛ على سبيل المثال، خلال انبعاث جسيم ألفا من اليورانيوم 238، تنبعث أيضًا طاقة على شكل أشعة جاما.
جسيم البوزيترون
البوزيترون هو جسيم مضاد للإلكترون ذو شحنة موجبة؛ مثلما يحدث أثناء اضمحلال نواة الفسفور المشع 30 ليصدر بوزيترون وينتج نواة السيليكون 30.
جسيم الإلكترون
يمكن للإلكترون الاندماج مع بعض أنوية الذرات مكونًا نواة جديدة. مثلاً، قد تتفاعل نواة ذرة الروثينيوم 92 مع الإلكترون السالب لانتاج ذرة التيكنيشيوم 92.
الاستقرار النووي
الاستقرار النووي هو مفهوم يُعنى بتحديد استقرار النظائر، ومن خلاله يمكن حساب نسبة النيترونات إلى البروتونات (N / Z) للنظير المراد تقييم استقراره. تعتمد ثبات النظير على التوازن بين القوة النووية التي تجذب البروتونات والنيترونات والقوة الكهربائية التي تؤدي إلى تنافر البروتونات ذات الشحنة الموجبة. ينتج عن هذا التنافس أن تكون بعض الأنوية مستقرة وبعضها الآخر غير مستقر.
مع زيادة العدد الذري، تزداد حاجة الذرة إلى استخدام عدد أكبر من النيوترونات لتحقيق الاستقرار النووي، مما يؤدي إلى زيادة نسبة النيترونات إلى البروتونات. وتكون الأنوية التي تحتوي على أكثر من 82 بروتونًا غير مستقرة بسبب العدد الكبير من النوكليوتيدات فيها، وتصبح هذه الأنوية أكثر استقرارًا نتيجة الانبعاث الإشعاعي، حيث تمر الكثير من العناصر الثقيلة بسلسلة من عمليات الاضمحلال الإشعاعي المتتالية حتى تتحول إلى أنوية أكثر استقرارًا في النهاية.
عمر النصف
للعناصر المشعة مفهوم يعرف بعمر النصف (Half-Life)، وهو الوقت اللازم لتحلل نصف نويدات عينة مشعة إلى نويدات ولادة. يعني ذلك أنه خلال الفترة المحددة سيصل عدد الذرات التي تحللت إلى نصف عدد الذرات الموجودة في العينة عند بداية القياس. على سبيل المثال، لعُنصر الذهب المشع 198، يبلغ عمر نصفه 2.7 يوم، مما يعني أنه بعد مرور هذه المدة سوف تنخفض كمية الذرات المكونة للعينة إلى النصف.
استخدامات النظائر المشعة
تجد النظائر المشعة تطبيقات حيوية في مجالات متعددة، ومنها:
- محطات الطاقة النووية.
- التشخيص والعلاج الطبي.
- تحديد أعمار الأشياء التاريخية.
- تشكيل عناصر جديدة.
- تعقيم الأغذية عبر تعريضها للأشعة للقضاء على الطفيليات والميكروبات.
- في تصنيع الأسلحة النووية.