النظرية الواقعية في التربية
تسعى النظرية الواقعية إلى إعداد الأفراد للحياة اليومية والعملية، كما تهدف إلى تزويد الطلاب بفهم شامل لطبيعة المجتمع البشري ودوافعه ومؤسساته. ينبغي على التعليم أن يُرشد الطلاب نحو فهم كيفية ارتباطهم بالعالم البشري والطبيعي. إن التأثير الذي تمارسه الواقعية على الفلسفة التربوية يعد من أكبر التأثيرات، إذ أنها تشكل أساس الإبداع العلمي. يقوم المعلمون المنتمون للاتجاه الواقعي بتشجيع الطلاب على استنتاج ملاحظاتهم واستنتاجاتهم من محيطهم بدلاً من الاقتصار على تحليل أفكارهم الذاتية.
تمثل الواقعية فلسفة جديدة تبدو كنسخة مقابلة للمثالية، حيث جاءت هذه الفلسفة ردًا على الآراء التي طرحتها الفلسفة المثالية. في حين أن المثالية اعتبرت العقل مصدر المعرفة ووضعت نماذج مثالية لمكونات العملية التعليمية، جاء الاتجاه الواقعي ليعبر عن أن العقل ليس مجرد خزان للحقائق، بل أن هذه الحقائق تتواجد خارج الذهن، ويتعين على الأفراد إدراكها بأنفسهم. كما أكدت الواقعية على أهمية أن تتم العملية التعليمية بواقعية بعيدًا عن المثالية.
التطبيقات التربوية للفلسفة الواقعية
يعتمد الواقعيون في التعليم على أن تكون الدراسة في المدرسة والأنشطة المصاحبة لها مترابطة مع المجتمع الخارجي الذي يعيش فيه الطلاب، وذلك لتجنب الانتقال المفاجئ الذي يتعرض له الطلاب من المدرسة إلى حياة المجتمع العامة. وفيما يلي بعض التطبيقات المختلفة للفلسفة الواقعية في التعليم:
الواقعية وأهداف التعليم
بموجب النظرية الواقعية، ينبغي أن تتضمن أهداف التعليم ما يلي:
- تجهيز الأطفال ليعيشوا حياة حقيقية وكاملة دون الانخراط في المثالية.
- تعزيز المشاعر الاجتماعية لدى الأطفال.
- المساعدة في زيادة وعي الأطفال ليتمكنوا من التفكير الذاتي واتخاذ القرارات السليمة.
- تنمية المهارات المهنية والفنية لدى الأطفال.
- تطوير الاتجاهات العلمية لدى الأطفال بناءً على الأحداث العالمية.
الواقعية والمناهج التعليمية
أدخلت الفلسفة الواقعية تغييرات جذرية في النظر إلى المناهج، ويتميز نهجها بالمبادئ التالية:
- تركيز الواقعية على المواد العلمية، مما يستدعي تضمينها في المناهج الدراسية بشكل أساسي.
- إيلاء أهمية خاصة لمنهج التربية البدنية نظرًا لدورها في تعزيز الصحة.
- اهتمام الواقعية بالتعليم المهني واعتباره جزءًا أساسيًا من المناهج الدراسية.
- ترى الواقعية أن التعليم يجب أن يُقدّم من خلال اللغة الأم للطفل، مع دمج مواد أخرى كالمحاسبة، الاقتصاد، العلوم السياسية، الجغرافيا، التاريخ، والقانون في البرامج الدراسية.
- تشدد الواقعية على ضرورة أن تكون الكتب المدرسية متوازنة بين المعرفة النظرية الناتجة عن التدريس والتجربة العملية، كما يتعين أن تكون لغة الكتاب سهلة وواضحة.
الواقعية وطرق وأساليب التدريس
اختارت الفلسفة الواقعية أساليب تدريس تهدف إلى تعزيز الفعالية والفائدة، حيث اتجهت نحو الابتعاد عن الأساليب النمطية واللفظية، ودعت إلى أساليب مثل الاستقراء، والتجريب، والتحليل، والملاحظة. أكدت أيضًا على أهمية استخدام الحواس الخمس في استراتيجيات التدريس. يلزم أن تلبي المدرسة احتياجات الأطفال ومتطلبات المجتمع، وهذا يساعد في تعزيز نموهم الكامل وطبيعتهم.
نظرة الواقعية للطالب
تدرك الواقعية في التعليم الأهمية الحيوية للطفل ككائن له وجود حقيقي، لديه عواطف ورغبات وقدرات عدة. يجب أن تُدمج هذه القدرات في تخطيط العملية التعليمية، كي يتمكن الطفل من الوصول إلى الواقع من خلال التعلم. ينبغي منح الطفل قدرًا كبيرًا من الحرية، بحيث يستطيع المضي قدمًا استنادًا إلى الحقائق، حيث يبرز التعلم الفعّال في اتباع قواعد التعلم المناسبة.
نظرة الواقعية للمعلم
يعتبر المعلم في الفلسفة الواقعية مجرد مرشد، حيث أن العالم الحقيقي موجود ويتحمل المعلم مسؤولية تعريف الطلاب به. لتحقيق ذلك، يعتمد على المحاضرات، والعروض، والتجارب الحسية بشكل منظم. فهو لا يكتفي بتقديم المعلومات عن الطبيعة، بل يجب أن يبين للطلاب انتظام الطبيعة وإيقاعها ليتمكنوا من فهم كنه القوانين الطبيعية. يُعتبر المعلم والطالب معًا مشاهدين، ويتوجب على المعلم أن يكون مثقفًا وخبيرًا، ومدركًا لحقوق وواجبات الأفراد، كما يجب أن يُعزز وعي الطلاب بصعوبات الحياة الحقيقية.