شرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين

العقيدة الواسطية لابن عثيمين

تُعَدّ العقيدة الواسطية لابن عثيمين من أبرز الشروح التي تناولت رسالة العقيدة الواسطية التي كتبها شيخ الإسلام ابن تيمية. حيث قام ابن عثيمين -رحمه الله- بشرح مسائل أصول الدين الموضوعة في هذه الرسالة، ويتناول الشرح مجلدين يتكون كل واحد منهما من نحو خمسمئة صفحة.

قبل أن يبدأ في شرح العقيدة الواسطية، يتطرق ابن عثيمين في مقدمته إلى موضوع التوحيد وأقسامه، مثل توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات. كما يتناول أيضاً البدع التي ظهرت وانتشرت، ويخصص جزءاً للرد على بعض الفرق مثل الجهمية والمعتزلة، ويختتم ببيان الفضل السابق للشيخ ابن تيمية ودوره في التصدي لهذه الفرق من خلال جهوده ومؤلفاته المتعددة.

ومن الجدير بالذكر أنّ الشيخ ابن عثيمين خالف شيخ الإسلام ابن تيمية في بعض المسائل الفقهية، ومنها:

  • يرى شيخ الإسلام ابن تيمية أن الجماعة شرطٌ لصحة الصلاة، وهو الرأي الذي تتبناه الحنابلة والمالكية. بينما يرى ابن عثيمين أن الجماعة واجبة، وفقاً لرأي الشافعية. وقد ذكر ابن قدامة في كتابه “المغني”: “وصلاة الجماعة واجبة رُوي ذلك عن ابن مسعود وأبي موسى ولم يوجبها مالك، والثوري، وأبو حنيفة، والشافعي”.
  • يرى شيخ الإسلام جواز سفر المرأة بلا محرم مع وجود الأمن وهو الرأي المعتمد لدى الشافعية. بينما يؤكد ابن عثيمين على عدم جواز سفر المرأة بدون محرم بتاتاً، وهو مذهب الحنفية، مستنداً إلى قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ أنْ تُسافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ ولَيْلَةٍ ليسَ معها حُرْمَةٌ).
  • يرى شيخ الإسلام جواز الجمع بين الأختين من الرضاع، بينما يُحرّمه ابن عثيمين، وهو ما اتفق عليه جمهور العلماء، استناداً إلى حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يَحْرُمُ مِمَّا الرَّضَاعَةِ ما يَحْرُمُ مِنَ الوِلَادَةِ).
  • يرى شيخ الإسلام جواز تعفير الوجه بالتراب تذللًا لله تعالى كما ذكر في بعض اختياراته. في حين يعتقد ابن عثيمين بضعف هذا القول، لأن الأصل في العبادات هو المنع حتى يتوافر دليل على الجواز.

تعريف بالعقيدة الواسطية

تمثل العقيدة الواسطية رسالةً فكرية كتبها شيخ الإسلام ابن تيمية، حيث تتناول مجموعة من مسائل أصول الدين، والمصادر التي يعتمد عليها أهل السنة والجماعة في تشكيل عقيدتهم. وقد نالت العقيدة الواسطية إشادة العلماء وتداولها طلاب العلم على نطاق واسع، فضلاً عن وجود شروح متعددة كان أبرزها شرح الشيخ ابن عثيمين.

أُعدّت رسالة العقيدة الواسطية في وقت كان فيه المسلمون مشغولين بتأثيرات الفلسفة وبلوغ الأسئلة وآراء الفرق. حيث توجه أحد الطلاب من أهل واسط، العراق، إلى ابن تيمية طالباً منه كتابة رسالة توضح عقيدة السلف الصالح، ومن ثم سُمّيت الرسالة “العقيدة الواسطية”.

تتميز رسالة العقيدة الواسطية بما يلي:

  • إنها رسالة مختصرة تحتوي على جوهر عقيدة السلف الصالح.
  • حرص شيخ الإسلام ابن تيمية فيها على اختيار الألفاظ الشرعية دون التعمق في النقاشات الكلامية.
  • تناول المسائل المتفق عليها بين السلف مع استدلالها من القرآن الكريم والسنة النبوية.
  • وضوح العبارات وصحة الاستدلالات، بالإضافة إلى اختصار الكلمات.

نبذة عن ابن عثيمين

أبو عبد الله محمد بن صالح بن محمد بن عثيمين المقبل الوهيبي التميمي، وُلد في مدينة عنيزة، القصيم، عام (1929) م، في السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك، في أسرة مشهورة بالدين والاستقامة. وقد حفظ القرآن الكريم وتوجه بعد ذلك إلى طلب العلم، حيث تعلم فنون الخط والحساب وبعض الآداب.

بعد وفاة شيخه عبد الرحمن السعدي -رحمه الله- تم تقديم الشيخ محمد بن صالح العثيمين ليكون إمام الجامع الكبير في القصيم، ومنذ ذلك الحين بدأ في التدريس، ولم يبدأ التأليف إلا في عام (1962) م حيث ألف أول كتاب له: “فتح رب البرية بتلخيص الحموية”، الذي يلخص فيه كتاب الحموية في العقيدة لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-.

Scroll to Top