الفرق بين المنهجين الاستنباطي والاستقرائي
يمثل المنهج الاستنباطي أحد أساليب البحث العلمي، حيث يعتمد على حقائق ومُسَلَّمات محددة، وينتقل الباحث من القاعدة العامة إلى تفاصيل خاصة. وفي المقابل، يُعرف المنهج الاستقرائي (أو الاستدلالي) بأنه منهج يقوم فيه الباحث بتجميع الأدلة لاستنتاج قاعدة عامة. كلا المنهجين الاستنباطي والاستقرائي يتبعان أسلوبًا بحثيًا معينًا، حيث تعني كلمة “منهج” (بفتح الميم أو كسرها) الطريق الواضح أو الخطة المحددة.
مراحل كلٍ من المنهجين الاستنباطي والاستقرائي
لفهم كيفية عمل كلا المنهجين، يمكن تقديم أمثلة توضح ذلك. على سبيل المثال، في الاستنباط يمكننا القول: “جميع البشر يموتون، والعلوماء هم بشر، لذلك، فإن العلماء يموتون أيضًا”. يتضح من هذا المثال أن البحث يبدأ من قاعدة عامة تُستنتج منها المعلومات الخاصة، حيث تكون المقدمة أوسع أو متساوية مع النتيجة.
أما في منهج الاستقراء، فنبدأ من تفاصيل صغيرة تنطبق على حالات معينة ونتجه نحو تعميمها. مثل قولنا: “الماء، والعصير، والزيوت تأخذ شكل الإناء الذي تُسكب فيه، وجميعها سوائل، إذن فكل سائل يأخذ شكل الإناء الذي يحتويه”.
الاختلافات بين المنهجين
يتمثل التشابه بين المنهجين في بناء النتائج استنادًا إلى مُسَلَّمات معينة، بينما يبرز الاختلاف في طبيعة هذه المُسَلَّمات، حيث تكون في الاستنباط حقائق كلية بينما تكون جزئية في الاستقراء. وإليكم أبرز الفروق بين المنهجين:
- يُنتج المنهج الاستقرائي معلومات ذات نطاق واسع مستندًا إلى مُدخَلات معرفية محددة، في حين يختلف ذلك في الاستنباط.
- يعتمد الباحث في الاستقراء على تجميع المعلومات والقوانين لربطها والوصول إلى قاعدة عامة، بينما يسعى الاستنباط إلى تجزئة القوانين العامة إلى نظريات خاصة بحالات معينة.
- يستهدف الاستقراء اكتشاف القوانين، فيما يعتبر الاستنباط عملية عقلية تطبق فيها الباحث قانونًا أو نظرية على حالة معينة للحصول على نتائج منطقية.
- يعتمد الاستقراء على تجارب سابقة والمُدْرَكات الحسية، بينما يتمحور الاستنباط حول العمليات العقلية، حيث يعتمد تأكيد صحته على صحة المقدّمات وعدم تناقضها.
- تكون المدخلات في الاستقراء ناقصة، بينما في الاستنباط كافية لتحصيل النتائج.
- لا يقدم الاستنباط معلومات جديدة، فالناتج هو قاعدة فرعية مستمدة من القاعدة العامة، بينما يوفر الاستقراء نتائج جديدة.
- تكون النتائج في الاستنباط صحيحة ومؤكدة، بينما قد تكون النتائج في الاستقراء غير مؤكدة.
- تستخدم العلوم الرياضية والطبيعية الاستقراء، لأنه يعتمد على المنطق، بينما لا يكون الاستنباط مناسبًا في العلوم الإنسانية والاجتماعية، حيث تعتمد على جمع المعلومات وصياغة النظريات بناءً على النتائج.
- يتميز الاستقراء بموضوعية عالية في مختلف العلوم، نظرًا لاعتماده على صحة المقدّمات وإجراء التجارب، بينما يركز الاستنباط على العقل دون الحاجة للتجارب.