تفسير: “أن الله يحول بين المرء وقلبه”، يقدمه لكم موقع maqall.net. يعتبر القلب العضو الذي إذا استقام، استقامت سائر الجوارح. ولا يستطيع الإنسان حصر السيطرة على قلبه ليظل بعيدًا عن الشبهات. ولذلك، سنتناول تفسير الآية: “أن الله يحول بين المرء وقلبه”.
معنى: أن الله يحول بين المرء وقلبه
- قال الله تعالى: “يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنوا اسْتَجِيبوا لِلَّهِ وَلِلرَّسولِ إِذَا دَعَاكمْ لِمَا يَحْيِيكُمْ ۖ وَاعْلَموا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ”.
- هذه الآية هي الرابعة والعشرون من سورة الأنفال الموجودة في الجزء التاسع من القرآن الكريم.
- تأتي بعد سورة الأعراف وتسبق سورة التوبة.
- تتضمن سورة الأنفال آياتًا مدنية وأخرى مكية، حيث تُعتبر معظم الآيات من السورة مدنية.
- لكن الآيات من 30 إلى 36 فهي مكية.
تفسير آية: أن الله يحول بين المرء وقلبه
- لفهم الآية ككل، ينبغي معرفة بداية الآية التي جاءت بأمر الله تعالى: “يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنوا اسْتَجِيبوا لِلَّهِ وَلِلرَّسولِ”.
- فيها يأمر الله تعالى المؤمنين بالاستجابة والطاعة لكل ما يأمر به سبحانه.
- ويمتد الأمر أيضًا لما يأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم.
- كما قال: “إِذَا دَعَاكمْ لِمَا يُحْيِيكمْ” مما يعني أن الله ورسوله لا يأمران إلا بما يحتوي على الخير للعباد.
- وقد وصف ذلك بالحياة، لأن حياة العبد الحقيقية لا تكون إلا بامتثال أوامر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
- ثم أكد الله بقوله “وَاعْلَموا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ” لتنبيه القارئ للتدبر فيما سيلي.
- أيضًا، ذكر الله حقيقة عظيمة عن علمه، حيث يجسد علمه بما يخفى في القلوب كحائل بين المرء ونفسه، مما يدل على عظمة صفاته سبحانه.
- كما اختتم الله بقوله “وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ” لتذكيرهم بيوم الحساب، مشيرًا إلى أنه سبحانه يحيطهم بعلمه وسيحاسبهم على أعمالهم.
- إن حساب الله عادل، إذ أنه العليم، وقد ذكر عبادته بأنه إليهم يرجعون.
- حتى لو طالت أعمارهم في الدنيا، عليهم أن يحذروا من العواقب.
تفسير السعدي
تحث الآية المؤمنين على الاستجابة لله ورسوله، مما يعني الخضوع للطلبات وتنفيذ الأعمال الصحيحة والابتعاد عن المحرمات. ويعتبر ذلك بمثابة الحياة القلبية، حيث أن الاستجابة تؤدي إلى حياة الروح والقلب، مما يمهد لتحقيق الحياة الحقيقية من خلال الإيمان والطاعة.
تحذير: ينبه السعدي إلى أهمية الاستجابة، موضحًا أن الله يحول بين المرء وقلبه، مما يعني أنه يمكن أن يقوم بتغيير قلوب الناس. لذا، يجب على المؤمنين أن يتضرعوا إلى الله ليثبت قلوبهم على الإيمان والطاعة.
النتيجة: يجمع الله الناس يوم القيامة ليجازيهم على أعمالهم، وهذا يظهر أهمية الاستجابة لأوامر الله ورسوله لتحقيق النجاة والفوز في الآخرة.
تفسير البغوي
تدعو الآية المؤمنين للاستجابة لله وللرسول من خلال الطاعة. و”لما يُحْيِيكُمْ” يعني الاستجابة للأوامر التي تحقق حياة المؤمن، تتضمن الإيمان، القرآن، الحق، والجهاد.
أمثلة:
- السدي يرى أن “لما يُحْيِيكُمْ” تعني الإيمان.
- قتادة يفسرها بالقرآن.
- مجاهد يعتبرها الحق.
- ابن إسحاق يعزوها للجهاد.
- القتيبي يشير للشهادة.
تحذير: يحذر البغوي من مغبة عدم الاستجابة، حيث أن الله يمكن أن يحول بين المرء وقلبه، مما يدعو إلى أهمية الاستجابة لأوامر الله ورسوله.
النتيجة: أن الله سيجمع الناس في يوم القيامة ليحاسبهم على ما قضوه في حياتهم.
تفسير الوسيط
تحث الآية المؤمنين على الاستجابة لله وللرسوله لتحقيق حياة عادلة وكريمة. “لما يُحْيِيكُمْ” تشمل جميع الأفعال الصالحة التي تؤدي إلى حياة مريحة في هذه الدنيا وسعادة في الآخرة.
تحذير: تُعتبر الاستجابة لله وللرسول دليلًا على الاستعداد لأوامر الله بجدية. “لما يُحْيِيكُمْ” تشمل كل ما يصلحهم من الأعمال الصالحة.
النتيجة: تشدد الآية على أهمية الاستجابة لأوامر الله ورسوله بهدف تحقيق حياة طيبة وصالحة في الدنيا وسعادة في الآخرة.
تفسير ابن كثير
يحذر ابن كثير المؤمنين من أهمية الاستجابة لله وللرسول بما يحقق لهم الإصلاح مثل الإيمان، القرآن، الحق، والجهاد.
أمثلة:
- مجاهد يرى أن “لما يُحْيِيكُمْ” تعني الحق.
- قتادة يفسرها بالقرآن.
- السدي يراها أنها الإسلام الذي يحييهم بعد موتهم بالكفر.
- ابن إسحاق يشير إلى الجهاد.
تحذير: يُحذر من عدم الاستجابة، حيث أن الله يمكن أن يحول بين المرء وقلبه، مما يعني أنه يمكن أن يمنع الإنسان من الإيمان إذا لم يستجب لأوامر الله ورسوله.
النتيجة: سيجمع الله الناس في يوم القيامة ليحاسبهم على أعمالهم.
آيات تدل على تفسير: أن الله يحول بين المرء وقلبه
- القرآن يتفاعل بشكل متكامل، حيث نتبين أن عدة آيات تحمل معانٍ متشابهة ترتبط بتفسير “أن الله يحول بين المرء وقلبه”.
- في آيات علم الله وإحاطته قال تعالى: “وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَم مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ۖ وَنَحْن أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ” (ق 16).
- كما ورد: “يَعْلَم خَائِنَةَ الْأَعْينِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُور” (غافر 19)، وأيضًا: “وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّه يَعْلَم السِّرَّ وَأَخْفَى” (طه 7).
- بالإضافة إلى إخبار الله بأن العبد لا يستطيع السيطرة على عمله إلا بإرادته، وهذا يعد من معاني التحويل في قوله “يَحُولُ”.
- ومثل قوله تعالى “وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَه عِدَّةً وَلَكِن كَرِهَ اللَّه انبِعَاثَهمْ فَثَبَّطَهمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ” (التوبة 46).
لا تتردد في قراءة مقالنا عن:
وقفات مع تفسير: أن الله يحول بين المرء وقلبه
- تتضمن الوقفات مع تفسير “أن الله يحول بين المرء وقلبه” عديدة من الفوائد الهامة:
- أولًا، الحياة الحقيقية تكتسب من خلال الامتثال لأمر الله تعالى.
- ثانيًا، طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم تعد من طاعة الله وتتضاف إليه.
- وقد ذكر الله هذا المعنى بقوله: “مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ” (النساء 80).
- ثالثًا، تدبر صفات الله وأفعاله من بينها علمه وإحاطته وقدرته، مما يعزز الشعور بقرب الله.
- رابعًا، أهمية تذكر الآخرة كدافع لحث العبد على الطاعة.
- خامسًا، تأثير القلب كوجهة نظر الرب وأهميته في توجيه الجواذب البشرية.
- حين يحول الله بين المرء وقلبه، فإن ذلك يعوق الجوارح عن العمل.
كما أدعوك للاطلاع على: