ما هو الليزر؟
الليزر، أو ما يُعرف بالإنجليزية بـ Laser، هو جهاز يقوم بتحفيز الذرات أو الجزيئات لإنتاج شعاع ضيق من الضوء بأطوال موجية معينة تقاس بالنانومتر. ويشمل الإشعاع الصادر عنه نطاقًا دقيقًا من الأطوال الموجية، تتضمن الأشعة المرئية، والأشعة تحت الحمراء، وكذلك الأشعة فوق البنفسجية.
كلمة “ليزر” هي اختصار لعبارة (Light Amplification by Stimulated Emission of Radiation)، والتي تعني تضخيم الضوء من خلال الانبعاث المستحث للإشعاع، حيث يتم إرسال إشعاعات كهرومغناطيسية عبر تكثيف الفوتونات أو الذرات.
تاريخ تطور الليزر
تعتبر أفكار ألبرت أينشتاين في عام 1916 من المراحل الأولى لفهم عمل الليزر، حيث وضّح إمكانية تحفيز الذرات والجزيئات لإطلاق الطاقة المخزنة بينها كهذا الشكل من الضوء. في عام 1951، ابتكر العالم تشارلز اتش تاونز فكرة لإنشاء أشعة محفزة على ترددات الميكروويف.
وفي نهاية عام 1953، تم تطوير جهاز يظهر انبعاث ترددات الميكروويف، والذي عُرف باسم مازر (بالإنجليزية: Maser)، ويعني تضخيم الموجات الميكروويفية عبر الانبعاث المحفز للإشعاع.
أسهم هذا الإنجاز في منح ألكسندر ميخائيلوفيتش بروخوروف، ونيكولاي جينادييفيتش باسوف، وتشارلز إتش تاونز جائزة نوبل في الفيزياء عام 1964 تقديرًا لمساهماتهم في نظرية تشغيل المازر.
كان أول استخدام عملي لأشعة الليزر في أواخر عام 1963 عندما نجح باحثان من جامعة ميشيغان، إيميت ليث وجوريس أوباتنيكس، في إنتاج أول صورة ثلاثية الأبعاد بواسطة الليزر، مما أدى إلى تزايد استخدامات الليزر في مجالات متعددة، بما فيها الطب لتحسين عمليات لحم شبكية العين.
أنواع الليزر
هناك عدة أنواع من أجهزة الليزر، ومن أبرزها ما يلبي التالي:
الليزر الغازي
(بالإنجليزية: Gas Laser) هو جهاز يستخدم تيارًا كهربائيًا في غاز مثل ثاني أكسيد الكربون أو الهيليوم لإنتاج الضوء. يُعتبر ليزر ثاني أكسيد الكربون النموذج الأكثر شهرة من هذا النوع، إلى جانب أنواع أخرى مثل ليزر الهيليوم، والنيون، والأرجون، والكريبتون، وليزر الإكسيمر.
تُستخدم الليزر الغازي في العديد من التطبيقات مثل التحليل الطيفي، والتصوير المجسم، والعمليات الجراحية، ومعالجة المواد، ومسح الباركود.
الليزر السائل
(بالإنجليزية: Liquid Laser) هو نوع من الليزر يستخدم صبغة عضوية في صورة سائلة، ويتميز بإمكانية توليد مجموعة واسعة من الأطوال الموجية، مما يسمح بتعديل الطول الموجي أثناء الاستخدام. ويستخدم في فصل النظائر، إزالة الوحمات، التحليل الطيفي، والطب.
الليزر شبه الموصل
(بالإنجليزية: Semiconductor Lasers) يكون مكونًا من ديود يقوم بتعزيز الفوتونات المنتجة وتحويل التيار الكهربائي إلى أشعة ليزر، ويستعمل هذا النوع في قراءة الباركود، والطابعات الليزرية، والماسحات الضوئية.
ليزر الألياف
(بالإنجليزية: Fiber Laser) هو نوع فريد من ليزر الحالة الصلبة، يتميز باستخدام ألياف زجاجية من السليكا وعناصر نادرة مثل الإيتربيوم.
تتميز هذه النوعية بأن شعاعها أكثر استقامة وأقل حجمًا، مما يزيد من دقتها بالإضافة إلى انخفاض تكاليف صيانتها وتشغيلها مقارنةً بالأنواع الأخرى. تُستخدم ليزر الألياف في تطبيقات مثل التنظيف، والقطع، واللحام، والنقش، واستخداماتها في مجال الطب.
الليزر الصلب
(بالإنجليزية: Solid State Laser) هو جهاز يتكون عادة من بلورات أو زجاج مختلط بعناصر نادرة مثل النيوديميوم، أو الكروم، أو الإربيوم، أو الثوليوم، أو الإيتربيوم.
يعد ليزر الياقوت من أشهر الأنواع، كونه أول ليزر تم تصنيعه. ويستخدم الليزر الصلب أيضًا في تطبيقات متنوعة مثل إزالة الوشم والشعر، واستئصال الأنسجة، وتفتيت حصوات الكلى.
خصائص شعاع الليزر
تتميز أشعة الليزر بعدة خصائص تجعلها فريدة مقارنة بمصادر الضوء التقليدية. ومن بين هذه الخصائص:
التماسك
(بالإنجليزية: Coherence) حيث تنتقل الإلكترونات في المصادر التقليدية للضوء بصورة عشوائية، بينما في حالة شعاع الليزر، فإن الإلكترونات تنتقل بتزامن وموحد من خلال عملية صناعية، مما يطلق أشعة ضوئية تمتاز بنفس الطاقة، والتردد، والطول الموجي.
الاتجاهية
(بالإنجليزية: Directionality) تتميز فوتونات الليزر بالتوجيه في اتجاه واحد، مما يجعل شعاع ساطعًا ومتحدًا. كما أن عرض شعاع الليزر ضيق، مما يمكنه من قطع مسافات طويلة بدون تشتت أو تغيير في اتجاهه.
أحادية اللون
(بالإنجليزية: Monochromatic) تحتوى فوتونات الضوء العادي على أطوال موجية متعددة مما يوفر ألوانًا متنوعة، في حين أن فوتونات الليزر تُصدر بطول موجي واحد، مما يجعلها أحادية اللون.
شدة عالية
(بالإنجليزية: High Intensity) تتميز أشعة الليزر بشدة مرتفعة تفوق شدة الضوء العادي بعدة مرات، إذ تتدفق ليزر باتجاه واحد بينما ينتشر الضوء العادي في اتجاهات شتى.
آلية عمل الليزر
يحتوي الليزر على كاشف للموجات البصرية، وتجويف داخلي، ومرآتين تسمحان بأشعة الليزر بالتنقل بينهما، بالإضافة إلى وسيط تكبير، غالبًا ما يكون من الكريستال، يستخدم لتعزيز ضوء الليزر، ويكون هذا الوسيط ضروريًا أو سيتعرض ضوء الليزر للضعف بعد كل استخدام.
تحتاج آلية التكبير هذه إلى طاقة خارجية تُوفر بطاقة مضخوخة أو تيار كهربائي، كما في حالة ليزر أشباه الموصلات، للقيام بعملية التضخيم بفعالية.
تطبيقات الليزر
تعد أشعة الليزر مفيدة في مجموعة من التطبيقات الحيوية المتنوعة، حسب نوع جهاز الليزر. إليكم بعض هذه التطبيقات:
تطبيقات طبية
بفضل قدرة الليزر على تركيز طاقته على نقطة معينة، يُستخدم كأداة جراحية دقيقة جدًا، مثل عمليات الكي والجراحة. أحد التطبيقات المشهورة هو جراحة العيون، حيث يتم استخدامه لوقف نزيف الشبكية، أو معالجة تمزقها، وكذلك في تصحيح البصر.
تطبيقات في صناعة الملابس
يستخدم الليزر كأداة دقيقة في صناعة الملابس، مع القدرة على قص سريع لمئات القطع في نفس الوقت. ويمكن برمجة الجهاز للقيام بقصات فريدة ومتنوعة بدقة عالية للغاية.
تطبيقات في مجال الاتصالات
تُستخدم أشعة الليزر في تعديل الإشارات المرسلة عبر كيبلات الألياف البصرية، والتي تمثل الوسيلة الأساسية في الاتصالات الحديثة، حيث تمكن من إرسال إشارات متعددة بطريقة عالية الجودة وبخسائر قليلة.
تستطيع محركات الألياف الضوئية الصغيرة، والتي تُعتبر ليزرًا صلبًا، إرسال ما يقارب 50 مليون نبضة في الثانية، مما يسمح بتشفير أكثر من 600 مكالمة هاتفية في آن واحد.
تطبيقات في المعالجة الحرارية
تستخدم أجهزة الليزر في المعالجة الحرارية لتقوية أسطح أعمدة الكامات في السيارات، حيث إن أي التواء يحدث في الأسطح يمكن إصلاحه باستخدام ليزر ثاني أكسيد الكربون، مما يعيد السطح إلى سيطرته الأصلية دون التأثير على دقة التصنيع العامة.
تطبيقات في المحاذاة، القياس، والتصوير
يستخدم المساحون وعمال البناء الليزر لرسم خطوط مستقيمة في الفضاء، قياس الزوايا والاتجاهات، وتحديد المسافات بدقة عالية. قد تم تحديث استخدامات الليزر في تطبيقات مثل تحديد الأهداف العسكرية بسبب دقتها البالغة.
مؤخراً، دخل مجال التصوير، والاستشعار، ورسم الخرائط، بما في ذلك رسم خرائط لارتفاعات كوكب المريخ.