الضوء
لطالما تم تناول مفهوم الضوء من زوايا متعددة عبر العصور. أحياناً كان يُعتبر موجة، وأحياناً أخرى جسيم، وأحياناً يُنظر إليه بشكل مختلف. قبل القرن التاسع عشر، كانت هناك نظريات تفيد بأن الضوء هو تدفق من جسيمات صغيرة جداً تصدر إما من العين أو من الأجسام التي نراها، وهاتان طريقتان مختلفتان في تفسير آلية رؤية الإنسان. ومن أبرز المدافعين عن فكرة كون الضوء جسيمات تنطلق من الأجسام العالم إسحاق نيوتن، الذي استخدم هذه الفكرة لتفسير ظاهرتي الانعكاس والانكسار.
على الرغم من أن نظرية نيوتن لقيت قبولاً كبيراً، إلا أن هذا القبول استمر حتى عام 1678، عندما اقترح عالم الفيزياء والفلك الهولندي كرستيان هويجنز أن الضوء هو نوع من الأمواج. وقد تمكنت نظرية هويجنز الموجية من تفسير ظاهرتي الانعكاس والانكسار. ثم، في عام 1801، استطاع العالم ثوماس يونغ إثبات أن الضوء يظهر سلوكاً موجياً من خلال تجارب التداخل، مما أدى إلى ظاهرتي التداخل البناء والهدّام. وفي عام 1873، نشر ماكسويل أعماله حول الكهرباء والمغناطيسية، مما أعطى دعماً إضافياً للنظرية الموجية للضوء وقدر سرعتها بنحو 300,000 كم/ث.
على الرغم من النجاح الذي حققته النظرية الموجية في تفسير العديد من الظواهر الضوئية، إلا أنها فشلت في توضيح بعض الظواهر التي ظهرت في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، مثل الظاهرة الكهروضوئية، التي تفسر انبعاث الإلكترونات من سطح المعدن عند تعرضه للضوء. وقد أظهر فشل النظرية الموجية أن الطاقة الحركية للإلكترونات تعتمد على تردد الضوء وليس على شدته. في عام 1905، قام العالم ألبرت آينشتاين بشرح هذه الظاهرة باستخدام مفهوم تكميم الطاقة الذي أرساه ماكس بلانك، ونال جائزة نوبل في الفيزياء عام 1921 تقديراً لعمله في هذا المجال.
بذلك سنكون أمام سؤال جوهري يتعلق بطبيعة الضوء: هل هو موجة أم جسيم؟ تأتي الإجابة هنا معقدة، حيث يظهر الضوء سلوكاً موجياً في بعض الأحيان وسلوكاً جسيمياً في أحيان أخرى، وهو ما تناولته ميكانيكا الكم لتفسيره.
ما هو الضوء؟
عادةً ما يُستخدم مصطلح “ضوء” للإشارة إلى الإشعاع الكهرومغناطيسي الذي يمثل جزءاً صغيراً من الطيف الكهرومغناطيسي الشامل. هذا الجزء هو الذي تستطيع العين البشرية إدراكه، ويتراوح بين الطول الموجي 700 نانومتر و400 نانومتر. وكل القوانين التي تنطبق على الطيف الكهرومغناطيسي تنطبق كذلك على هذا النطاق. وهذا يشمل سرعة الضوء، التي تقدر بحوالي 300,000 كم/ث. تُعد الشمس المصدر الرئيسي للإشعاع الكهرومغناطيسي على كوكب الأرض، مما يمكن من استخدام ضوء الشمس في العديد من الأنشطة اليومية.
خصائص الضوء
يمثل الضوء نوعاً من الموجات الكهرومغناطيسية الناتجة عن تداخل مجالين مغناطيسي وكهربائي. هذه الموجات تتمتع بخصائص عدة، ومنها:
- الطول الموجي: هو المسافة بين قمتين أو قاعين متتاليين، ويقاس بوحدات الطول، حيث يُستخدم المتر في النظام العالمي للوحدات.
- الزمن الدوري: هو الزمن المطلوب لمرور موجة كاملة من نقطة معينة، ويقاس بالثواني.
- التردد: هو عدد تكرار الموجة في وحدة الزمن، حيث يرتبط التردد بسرعة الموجة والطول الموجي وفق العلاقة: ع = تد × λ، حيث ع هي سرعة الموجة، تد هو التردد، وλ هو الطول الموجي. يتضح هنا أن التردد يتناسب عكسياً مع الطول الموجي.
- السعة: تُشير إلى مدى ارتفاع الموجة من خط المستويات الصفري (حيث تختفي الحركة الموجية)، وتقاس أيضاً بوحدات الطول.
- سرعة انتشار الموجة: هي السرعة التي تتحرك بها الموجة، سواء في الفراغ أو في المادة.
- طاقة الموجة: تعتبر من الخصائص الهامة حيث تتناسب الطاقة المنتقلة من الموجة طردياً مع مربع التردد الزاوي ومربع السعة.