أهمية الأعمال الصالحة في القبر
تشير الأحاديث النبوية الصحيحة إلى وجود ثلاث أعمال تستمر ثوابها للمؤمن حتى بعد وفاته. فقد رواى الصحابي أبو هريرة -رضي الله عنه- قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفَع به، أو ولد صالح يدعو له”. وفيما يلي توضيح لهذه الأعمال الثلاثة:
الصدقة الجارية
تُعرَف الصدقة الجارية بأنها الأعمال التي تُستمر فائدتها للآخرين، ووفقاً للعلماء فإن الوقف يُعتبر من أبرز صور الصدقة الجارية. يُعرف الوقف في الفقه الإسلامي بأنه حبس الأصل مع تسييل منفعة، مما يعني أنه يتوجب عدم التصرف في الأصل بإحدى طرق البيع، في حين يمكن الانتفاع بفائدته من قبل المحتاجين.
الجدير بالذكر أن الصدقة الجارية يمكن أن يُقدمها الشخص بنفسه قبل وفاته، كما يمكن أن يتم تقديمها من قبل غيره بعد وفاته. ويأتي ذلك مدعوماً بحديث عائشة -رضي الله عنها- حين قال رجل للنبي -صلى الله عليه وسلم-: “إن أمي افتلتت نفسها وأراها لو تكلمت لتصدقت، أفأتصدق عنها؟ فقال: نعم، تصدق عنها”.
تتعدد أشكال الصدقة الجارية، ومن بينها:
- مد شبكات المياه أو تركيب ثلاجات مياه في الأماكن العامة، حيث يُعتبر سقي الماء من أفضل أشكال الصدقات الجارية. فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رداً على سؤال سعد بن عبادة -رضي الله عنه-: “يا رسول الله، إن أمي ماتت، فهل أتصرف بالصدقة عنها؟ فقال: نعم، أيها سعد، أفضل الصدقات سقي الماء”.
- إنشاء المساجد، حيث قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: “من بنى لله مسجداً كمفحص قطاة أو أصغر، بنى الله له بيتاً في الجنة”.
- حفر الآبار الارتوازية، كما ذكر رسول الله -عليه الصلاة والسلام-: “من حفر بئر ماء لم يشرب منه كبد حرّى من جن أو إنس أو طائر، إلا آجَرَه الله يوم القيامة”.
- تأسيس المكتبات العامة.
- إنشاء المدارس.
- توفير الملاجئ للأيتام.
- طباعة ونشر الكتب العلمية.
العلم النافع
العلم النافع هو العمل الثاني الذي يصل ثوابه إلى المتوفى في قبره. وقد أشار العلماء إلى أن العلم المذكور في الحديث الشريف هو علم عام، ما يعني أنه يمكن أن يتضمن أي نوع من المعرفة التي ينفَع بها الإنسان. فإذا مات شخص وانتفع غيره بعلمه، حتى وإن كان علمه دنيوياً، فسيكون له أجر ذلك بإذن الله، إلا أنه لا شك أن العلم الشرعي هو أفضل هذه العلوم وأعلاها أجراً.
في زماننا الحالي، قد يشمل العلم النافع أيضاً المعلومات التي تُنشر على المواقع الإلكترونية التي تفيد طلاب المدارس والجامعات. كل ذلك يُدخل تحت مفهوم العلم النافع، الذي ينال صاحبه أجره في قبره بعد وفاته.
دعاء الولد الصالح
دعاء الأولاد لأبائهم وأمهاتهم بعد وفاتهما هو من الأعمال الصالحة التي تُنفعهما في قبريهما. لذا، يتوجب على الأبناء تكثيف الدعاء بالرحمة والمغفرة لمن توفوا من والديهم. يُعتبر دعاء الابن الصالح جزءًا من عمل الشخص الميت لأنه كان سبباً لوجود هذا الولد، مما يجعل أعماله ودعاؤه نافعة له بعد وفاته. وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إن أطيب ما يأكل الرجل من كسبه، وولده من كسبه”.