الكناية في شعر الشاعرة الخنساء

الكناية في شعر الخنساء: دراسة تفصيلية

تعد الكناية من العناصر البلاغية المحورية في الشعر العربي بشكل عام، والشعر الجاهلي بشكل خاص. ويبرز الشعراء في هذا السياق، حيث تتجلى الكناية بوضوح في أعمال الخنساء. وفيما يلي مجموعة من النماذج التي تعكس استخدام الكناية في شعرها بأنواعها الثلاثة:

الكناية عن صفة

تظهر الكناية عن صفة بشكل جلي في الأبيات التالية للشاعرة الخنساء:

  • كما ورد في قول الخنساء:

عَلى صَخرٍ وَأَيُّ فَتىً كَصَخرٍ

لِيَومِ كَريهَةٍ وَطِعانِ حِلسِ

وَلِلخَصمِ الأَلَدّ إِذا تَعَدّى

لِيَأخُذَ حَقَّ مَظلومٍ بِقِنسِ

يُذَكِّرُني طُلوعُ الشَمسِ صَخراً

وَأَذكُرُهُ لِكُلِّ غُروبِ شَمسِ

في هذه الأبيات، تستخدم الخنساء الكناية للإشارة إلى خصائص أخيها صخر. يُظهر البيت الأول أن صخرًا كان يمتاز بشجاعة ملحوظة وإقدام في الهجمات. والبيت الثاني يكشف عن عدالة صخر وعدم رضاه بالظلم، بينما تشير الأبيات الأخيرة إلى أنه رمز الشجاعة، حيث تتذكره في لحظات بداية ونهاية الحروب.

  • كما ورد في قول الخنساء:

وَلَهفي عَلى صَخرٍ لَقَد كانَ عِصمَةً

لِمَولاهُ إِن نَعلٌ بِمَولاهُ زَلَّتِ

وَكُنتَ إِذا كَفٌّ أَتَتكَ عَديمَةً

تُرَجّي نَوالاً مِن سَحابِكَ بُلَّتِ

وَمُختَنِقٍ راخى اِبنُ عَمروٍ خِناقَهُ

وَغُمَّتَهُ عَن وَجهِهِ فَتَجَلَّتِ

وَكُنتَ لَنا عَيشاً وَظِلَّ رَبابَةٍ

إِذا نَحنُ شِئنا بِالنَوالِ استَهَلَّتِ

تتناول هذه الأبيات أيضًا صفات الخنساء، حيث تعبر عن أفضال أخيها صخر. يكشف البيت الأول عن كونه سندًا لأبناء عمومته، مما يعكس قيم الرجولة. كما يشعر السائل عن الكرم الذي يتمتع به صخر من خلال الأثر الذي يتركه عند استقبال الضيوف والمحتاجين، مما يشير إلى كرمه الواسع.

الكناية عن الموصوف

تتجلى الكناية عن الموصفات في الأبيات التالية:

  • كما ورد في قول الخنساء:

فَاِبكي أَخاكِ لِأَيتامٍ وَأَرمَلَةٍ

وَاِبكي أَخاكِ إِذا جاوَرتِ أَجنابا

وَاِبكي أَخاكِ لِخَيلٍ كَالْقَطا عُصَباً

فَقَدنَ لَمّا ثَوى سَيباً وَأَنهابا

في البيت الأول، تشير الخنساء إلى حزنها على صخر كلما رأت الأيتام والأرامل، مما يمثل كناية عن أفعاله النبيلة تجاههم.

  • كما ورد في قول الخنساء:

هُوَ الفَتى الكامِلُ الحامي حَقيقَتَهُ

مَأوى الضَريكِ إِذا ما جاءَ مُنتابا

تصف الشاعرة صخرًا بصفات الكمال، مشيرة إلى أنه الحامي لكل ما يتعلق بعائلته، وكذلك ملاذ للفقراء الباحثين عن العون.

الكناية عن نسبة

تتجلى الكناية عن النسبة في الأبيات التالية:

  • كما ورد في قول الخنساء:

المَجدُ حُلَّتُهُ وَالجودُ عِلَّةُهُ

وَالصِدقُ حَوزَتُهُ إِن قِرنُهُ هَابَا

تربط الخنساء صفات المجد والكرم بأخيها صخر، وبيان أن المجد يرتدي كعباءته، والجود جزءٌ منه، مما يبرز طبيعته النبيلة.

  • كما ورد في قول الخنساء:

ماذا تَضَمَّنَ مِن جودٍ وَمِن كَرَمٍ

وَمِن خَلائِقَ ما فيهِنَّ مُقتَضَبُ

تشيد الخنساء بقبر أخيها، مشيرة إلى أنه يتضمن جودًا وكرمًا وأخلاقًا نبيلة لا تنتهي، مما يبرز عظمة شخصيته.

  • كما ورد في قول الخنساء:

إِنّي تَذَكَّرتُهُ وَاللَيلُ مُعتَكِرٌ

فَفي فُؤادِيَ صَدعٌ غَيرُ مَشعوبِ

وَمِن أَسيرٍ بِلا شُكرٍ جَزاكَ بِهِ

بِساعِدَيهِ كُلومٌ غَيرُ تَجليبِ

فَكَكتَهُ وَمَقالٍ قُلتَهُ حَسَنٍ

بَعدَ المَقالَةِ لَم يُؤبَن بِتَكذيبِ

تسترجع الخنساء ذكريات أخيها صخر في الليل الداكن، حيث يبرز تأثير فقدانه على قلبها، مشيرة إلى تعابير إسرافه في فعل الخير، مما يعكس نسبه الكريم.

Scroll to Top