فهم الزيادة السكانية
الزيادة السكانية تمثل مصطلحًا ديموغرافيًا يشير إلى العجز العالمي في تجديد الموارد اللازمة لتلبية احتياجات السكان سنويًا. بمعنى آخر، يعني تجاوز عدد السكان في لحظة معينة للقدرة الاستيعابية لكوكب الأرض. تُعتبر الزيادة السكانية ظاهرة غير محبذة، حيث تؤدي إلى تحول الكثافة السكانية من مستويات منخفضة إلى مستويات مكتظة. ووفقًا للمتخصصين، بدأت هذه الزيادة منذ عام 1970م، وأدى ذلك إلى تفاقم الأثر السلبي عامًا بعد عام.
أسباب الزيادة السكانية
تتعدد الأسباب وراء الزيادة السكانية، ومن أبرزها ما يلي:
- انخفاض معدلات الوفاة: تحدث الزيادة السكانية نتيجة اتساع الفجوة بين أعداد المواليد والوفيات في العام، إذ أن توازن هذه الأعداد يؤدي إلى استقرار النمو السكاني، ولكن تختلف العوامل المؤثرة بمرور الزمن مما يسبب زيادة في عدد السكان.
- التطور في الخدمات الصحية: يُعتبر التقدم في الرعاية الصحية من أبرز الفوائد الناتجة عن التقدم التكنولوجي والثورة الصناعية. فقد ساهمت الأساليب الجديدة في علاج الأمراض والأوبئة في تقليل معدلات الوفاة، وظهرت لقاحات أدت إلى خفض انتشار الأمراض.
- تشغيل الأطفال: يُعتبر العمل للأطفال في بعض الأسر الفقيرة وسيلة لزيادة دخلها المحدود. وفقًا لمنظمة اليونيسف، يُقدر عدد الأطفال العاملين عالميًا بنحو 150 مليون طفل، وذلك في دول تعاني من نقص القوانين المانعة، مما يحول دون تنظيم النسل.
- معالجة قضايا الخصوبة: ساعدت التطورات الطبية على معالجة العديد من مشكلات الخصوبة، مما أتاح للأزواج الذين يواجهون صعوبات في الإنجاب فرصة الحمل عبر مراكز الخصوبة، التي وفرت العلاجات اللازمة وزادت من فرص الإنجاب، وبالتالي أدت إلى ارتفاع معدلات المواليد سنويًا.
- الهجرة: أصبحت الهجرة إلى الدول المتقدمة مثل أستراليا وكندا وبريطانيا وأمريكا وجهة للعديد من الأفراد، مما ساهم في زيادة معدلات السكان المستقرين بهذه الدول، ونتج عن ذلك نقص في الموارد بسبب ارتفاع الطلب على الحاجات الأساسية.
- غياب تنظيم الأسرة: عدم وجود ثقافة تنظيم الأسرة في بعض المجتمعات يُفضي إلى زيادة كبيرة في أعداد السكان، حيث تُقدر نسبة الحمل غير المقصود عالميًا بحوالي 44% بين عامي 2010 و2014م.
تعريف الأمن الغذائي
يُعرف الأمن الغذائي بأنه قدرة جميع الأفراد في منطقة معينة على الحصول على كمية كافية من الغذاء بشكل مستدام اقتصاديًا واجتماعيًا وفي أي وقت، وفقًا لما ذكرته اللجنة العالمية للأمن الغذائي التابعة للأمم المتحدة. ينبغي أن يكون الفرد قادرًا على الحصول على غذاء يلبي احتياجاته الغذائية، مما يساعده على العيش بطريقة صحية وطبيعية.
يجدر بالذكر أن هذا المفهوم قد يختفي في المستقبل نتيجة تأثير الزيادة السكانية والتغيرات المناخية المرتقبة، مما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الغذاء. يجب التصدي لهذه القضايا بإعداد استراتيجيات واضحة للتكيف مع هذه التغيرات العالمية.
العلاقة بين الزيادة السكانية والأمن الغذائي
تُعتبر العلاقة بين الأمن الغذائي والزيادة السكانية عكسية، حيث يزداد الطلب على الغذاء بالتزامن مع تزايد عدد السكان، مما يقلل من فرص تحقيق الأمن الغذائي. أيضًا يتطلب هذا الاستغلال الأمثل للأراضي الزراعية والموارد المائية المحدودة. وفي حال غياب التكنولوجيا الملائمة أو برامج فعالة لإنتاج الغذاء بما يتناسب مع احتياجات المجتمع، فقد يجد سكان الأرض أنفسهم في وضع صعب يتطلب حلاً عاجلاً.
تشير الدراسات إلى أن شخصًا من كل سبعة أشخاص يعاني من الجوع الشديد حول العالم، ورغم وجود كميات كافية من الغذاء، إلا أن توزيعها لا يزال غير عادل وغير مناسب.
أثر الزيادة السكانية على الأمن الغذائي
يتضح تأثير الزيادة السكانية على الأمن الغذائي في عدة مجالات، ومن أبرزها:
- انهيار نظم الأمن الغذائي، مما ينتج عنه عدم توفر الغذاء الكافي لجميع السكان في جميع الأوقات.
- ظهور مشاكل صحية ملحوظة مثل نقص الوزن بين الأطفال. تشير الإحصائيات لعام 2014 إلى أن نسب نقص الوزن في مناطق جنوب أفريقيا تتراوح من 22 إلى 27% من إجمالي الأطفال.
- زيادة أسعار الغذاء بشكل غير مسبوق، مما يجعل الطبقات الفقيرة التي تنفق حالياً 60-80% من دخلها على الغذاء غير قادرة على توفير ما تحتاج إليه.
- انخفاض الاحتياط الغذائي عالميًا، مع عدم إنتاج الغذاء الكافي مقارنة بالاستهلاك، مما أدى إلى وصول الاحتياطيات إلى مستويات حرجة تؤثر على الفئات الفقيرة.
- ارتفاع الطلب على الغذاء والانخفاض المتزايد في الأراضي المائية ليس من أجل تحسين الأمن الغذائي، بل لمجرد تلبية الطلب المتزايد.
تتسم العلاقة بين الزيادة السكانية والأمن الغذائي بالعكس، إذ يظهر أثر كل منهما على الآخر. فكلما زادت الزيادة السكانية، انخفض مستوى الأمن الغذائي. ومع ذلك، يمكن مواجهة النتائج السلبية من خلال اتخاذ الإجراءات اللازمة من قبل الدول. وقد حذر المجتمع الدولي من أن التعاون مطلوب للحفاظ على الأمن الغذائي عبر استجابة جماعية.