مفهوم القانون الدولي الجنائي وأهم مبادئه

القانون الجنائي

يعرف القانون الجنائي بأنه النظام القانوني الذي ينظم كيفية تحديد العقوبات المفروضة على الجناة، ويحدد الأفعال المحظورة والمصرح بها، بالإضافة إلى إلزامية فرض عقوبات على كل جريمة.

يُعتبر قانون العقوبات أو القانون الجنائي أحد فروع علم القانون، المعني بالجريمة، والتي تُعرّف على أنها مجموعة من القوانين التي وضعتها الدولة بهدف ردع الأفعال الممنوعة والتي تهدد السلامة والأمن العام. ونتيجة لذلك، يتم سن العقوبات على كل من يخالف هذه القوانين.

القانون الدولي الجنائي

يمكن تعريف هذا القانون على أنه مجموعة من القواعد القانونية العرفية التي تهدف إلى دعم السلام والعدالة والحضارة من خلال فرض عقوبات على منتهكي قواعد القانون الدولي، أو اتخاذ تدابير وقائية لمنع تكرار مثل هذه الجرائم في المستقبل.

كما يُعرف هذا القانون بأنه مجموعة من القواعد القانونية التي تتعلق بمعاقبة الجرائم على المستوى الدولي والتي تنتهك القانون الدولي. ويعتمد هذا القانون على تنظيم كيفية التصرف تجاه الجرائم الدولية من خلال فرض العقاب، والذي يشمل اتخاذ تدابير صارمة ضد المجرمين الذين يهددون النظام الاجتماعي الدولي.

ويعتبر القانون الدولي الجنائي فرعاً من فروع القانون الجنائي، حيث ينظم مجموعة من القضايا الجنائية المطروحة على الصعيد العالمي. وهو مفهوم شامل يرتبط بعدد من الجرائم الدولية أو المنظومة تحت مظلة القانون الدولي، سواء من حيث العقوبات أو التعريفات المرتبطة بها، ومن الأمثلة الشهيرة لهذه الجرائم تلك المرتكبة ضد الإنسانية وجرائم النزاعات المسلحة.

نظرة تاريخية على نشأة وتطور القانون

ظهر القانون الدولي الجنائي في القرن التاسع عشر بالتزامن مع تطور القانون الدولي العام، لذا يُعتبر من القوانين الحديثة. وقد ساهمت الحربان العالميتان الأولى والثانية بشكل ملحوظ في تطوره، وسنوضح ذلك كما يلي:

الفترة التي تلت الحرب العالمية الأولى

بعد اندلاع الحرب، وما صاحبها من دمار هائل وجرائم تتعارض مع الضمير الإنساني، تم طرح أول مسألة تتعلق بالعقوبات المتوقع تطبيقها. كانت المحاولة الأولى لتطبيق هذا القانون عبر محاكمة الإمبراطور الألماني (وليام الثاني) بموجب المعاهدة الموقعة في فرساي التي نصت على إنشاء محكمة جنائية دولية. ورغم ذلك، رفضت هولندا في ذلك الوقت تسليم الإمبراطور بحجة أنه يتعارض مع قوانينها الداخلية.

فيما يتعلق بميثاق عصبة الأمم، كان هنالك نهج مختلف يتميز بـ “الوقائية الجماعية”، حيث نصت المادة الثانية عشرة من الميثاق على تجريم الحرب، ولا يُلجأ لهذا القانون إلا في حالة الدفاع الشرعي.

يُعتبر ميثاق باريس، الذي تم توقيعه بتاريخ 27 أغسطس 1922، من أبرز المعالم في الفترة والفترة الواقعة بين الحربين العالميتين. وقد جاء نتيجة لرغبة أميركا وفرنسا في إقامة تحالف ينص على استبعاد اللجوء إلى الحروب كوسيلة لحل النزاعات. انضمت إلى هذا الميثاق مجموعة من الدول الأخرى مما جعله ميثاقاً عالمياً.

إضافة إلى ميثاق باريس، أسهمت اتفاقية جنيف الموقعة عام 1929، والتي تتعلق بتحسين معاملة الأسرى، في وضع العديد من قواعد هذا القانون.

الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وما نتج عنها من انتهاكات لقواعد القانون الدولي من قبل القوات الألمانية، تم التوقيع على بيان في موسكو بتاريخ 30 أكتوبر 1943 من قبل عدة دول، بما في ذلك الاتحاد السوفيتي، وبريطانيا، وأميركا، يقر بضرورة محاسبة كل من ساهم في هذه الانتهاكات.

في 8 أغسطس 1945، تم إنشاء محكمة (نورنبرغ) بموجب الاتفاقية الشهيرة في لندن، وتم تقنين مبادئ هذه المحكمة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة. كما تم إنشاء محكمة في طوكيو لمحاكمة المسؤولين اليابانيين وغيرهم عن الجرائم المرتكبة أثناء الحرب.

على الرغم من إنشاء العديد من المحاكم الجنائية الدولية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، إلا أنها كانت في الأساس محاكم مؤقتة، مما عزز فكرة ضرورة إنشاء محكمة جنائية دائمة لضمان أمن واستقرار المجتمع الدولي.

Scroll to Top