الفروق بين علم الأصوات والفونولوجيا
توجد اختلافات مهمة بين علم الأصوات والفونولوجيا، وفيما يلي توضيح لهذه الفروق.
الاختلاف من حيث المفهوم
يتعلق الفرق بين الصوت في معناه العام والصوت في معناه اللغوي. فالصوت العام هو ظاهرة سمعية تصل إليها الأذن بغض النظر عن مصدره، بينما الصوت اللغوي يتعلق بالأصوات التي يصدرها الإنسان، وهو محور اهتمام علم الأصوات. يركز هذا العلم على دراسة الأصوات الإنسانية التي تعبر عن الكلمات، حيث تمر عملية السماع بمراحل عدة تشمل:
- إصدار الصوت من المتحدث؛ وهو مجال بحث يحتوي على تحليل كيفية تشكيل الصوت في الإنسان، وكذا حركة الهواء من الرئتين لإنتاج الصوت، بالإضافة إلى وصف مخرجات الأصوات وخصائصها. وقد انصب معظم اهتمام العلماء العرب في العصور القديمة على هذا الجانب، والذي يُعرف في الوقت الحاضر بعلم الأصوات الفيزيولوجية.
- انتقال الصوت عبر الهواء بين المتحدث والمستمع، وهو ما يتم دراسته في علم الصوتيات الفيزيائية.
- استقبال الصوت بواسطة أذن المتحدث، حيث تلعب طبلة الأذن دورًا هنا، ويُعنى بهذا الجانب علم الصوتيات السمعية.
- إدراك المستمع للكلام المسموع، والذي يتطلب فهم المعنى المستفاد من الصوت، ويُعرف هذا المجال بعلم الصوتيات الإدراكي. وينتقل بعد ذلك التركيز إلى علوم أخرى مثل علم الدلالة.
يمكن الاستفادة من علم الأصوات في عدة مجالات، سواء داخل إطار اللغة أو خارجها، منها:
- تسهيل دراسة اللغة الأم وفهم أصواتها وتحسين النطق.
- مساعدة الجهات القضائية والشرطة في تحليل التسجيلات الصوتية وغيرها من الأدلة.
- تطبيقه في مجالات بحوث الذكاء الاصطناعي وتطوير البرمجيات.
أما علم الفونولوجيا، فهو يركز على دراسة الصوت ضمن بنية الكلمة، أو بعبارة أخرى، تحليل الوظيفة الدلالية التي تشكلها الأصوات. ومن أهم إنجازات هذا العلم هو مفهوم “الفونيم”، والذي يمثل أصغر وحدة صوتية، وبالتالي الوحدة الأساسية التي تُشكل اللغة.
الاختلاف من حيث مجال البحث
علم الأصوات (الفونيتيك) هو دراسة الأصوات التي تُستخدم في الكلام من حيث كونها حركات عضلية مرتبطة بالنغمات الصوتية، بينما علم تشكيل الأصوات يُعنى بسلوك الأصوات في أوضاع مختلفة.
لقد تميّز تربوتسكوي بين العلمين قائلاً: “إنّ دراسة أصوات الكلام هي علم الأصوات، بينما دراسة أصوات اللغة هي علم التشكيل الصوتي.” حيث يركز العلم الأول على دراسة الأصوات المجردة وخصائصها، في حين يتناول العلم الثاني الأصوات في سياقاتها ويضع لها القواعد.
يمكن اعتبار أن علم الصوت يتمحور حول المتحدث، بينما يتعلق علم تشكيل الأصوات بالباحث الذي يضع القواعد. يمكن القول كذلك إنَّ علم الأصوات يمتاز بخصوصيته في كل لغة، بينما يمكن تطبيق القواعد نفسها في علم التشكيل الصوتي على أكثر من لغة.
مجال الدراسة في كلا العلمين هو الأصوات الإنسانية، ويمكن أن تكون المواد الدراسية متشابهة بينهما، حيث يدرس كل علم جانبًا مختلفًا؛ فمثلاً، “نون النسوة” في كلمة “يذهبن” تعد مادة دراسية لكلا العلمين، لكن علم الأصوات (الفونيتيك) يدرسها من حيث خصائصها وظروف تشكيلها، بينما تدرسها الفونولوجيا كعنصر صوتي يلعب دورًا في تشكيل المعنى.