دراسة حول أهمية بر الوالدين وتأثيره في الحياة الاجتماعية

دراسة حول بر الوالدين

يمكن تناول موضوع بر الوالدين من خلال النقاط التالية:

تعريف بر الوالدين

يمكن تعريف بر الوالدين بأنه: تقديم الفرد المسلم ما يملك من قدرات وموارد من أجل إرضاء الوالدين، مع الالتزام بتوجيهاتهما دون الانحراف عن الثوابت الشرعية. كما يعرف أيضًا بأنه: إحسان الفرد إلى والديه من خلال الأفعال والأقوال، سعيًا لمرضاة الله -تعالى-.

بناءً على التعريفات السابقة، يمكن القول أن بر الوالدين يعكس انقياد الفرد المسلم طواعية ووعي لأوامر والديه، في الحدود المباحة والمشروعة. مما يعني أن على الفرد توجيه جميع طاقاته النفسية والجسدية لخدمة والديه وإسعادهم.

أهمية بر الوالدين

تنقسم أهمية بر الوالدين إلى جانبين رئيسيين: الأهمية الإيمانية والأهمية الحضارية، ويمكن تفصيلهما كالتالي:

الأهمية الإيمانية

من يتفحص النصوص الشرعية يلاحظ بوضوح التوجيهات الربانية التي تحث على طاعة الوالدين والامتثال لأوامرهما. وغالبًا ما تتصدر هذه التوجيهات قائمة الأعمال الإيمانية الهامة.

من هذه التوجيهات قوله -تعالى-: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَىٰ …).

وكذلك قوله -تعالى-: (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ…وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا…).

لذا فإن بر الوالدين يعد جوهر الأعمال الإيمانية التي يجب على الفرد المسلم الالتزام بها، وذلك بالنظر إلى فضل الوالدين وإحسانهما إلى الأبناء في البداية، مما يحتم على الأبناء تقدير هذه الجهود والتفاعل الإيجابي معها من خلال الالتزام بتوجيهاتهم ضمن الحدود الشرعية.

الأهمية الحضارية

تشير الأهمية الحضارية إلى أن دعوة الشريعة الإسلامية للإحسان للوالدين تنبع من الحاجة إلى الحفاظ على السلام الاجتماعي في الأسرة والمجتمع المسلم، مما يسهم في رقي الهيكليات الاجتماعية.

قال -تعالى-: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا…).

كما ذكر -تعالى-: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا…إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ).

توضح النصوص السابقة أهمية بر الوالدين، خاصة عندما يكبر الوالدان ويحتاجان إلى الدعم والرعاية، فيعزز ذلك من التكافل الاجتماعي بين الأجيال المختلفة. حيث يتكفل الآباء بتقديم الدعم لأبنائهم في صغرهم، وبالتالي يجب على الأبناء تقديم الرعاية لوالديهم عند كبر سنهم، مما يساعد على تعزيز قيمة العطاء المتبادل في إطار الحضارة الإسلامية.

الأهمية النفسية

تتجلى تأثيرات بر الوالدين على تحسين الصحة النفسية لكل من الآباء والأبناء. لا شك أن تحسين المستوى النفسي للأفراد يساهم في تطوير المستوى الاجتماعي والثقافي للأمة الإسلامية ككل. قال -تعالى-: (قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا…).

تشير الآية الكريمة كذلك إلى الارتباط الوثيق بين بر الوالدين والسعادة النفسية والطمأنينة، مما يدل على غياب الشقاء والتعب النفسي عن الفرد المسلم الذي يحظى بعلاقة طيبة مع والديه. وقد روى عبد الله بن مسعود عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (سَأَلْتُ النبيَّ، أيُّ العَمَلِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قالَ: الصَّلَاةُ في أوقاتها… وبرز بر الوالدين في القائمة بعد الصلاة).

وبذلك فإن الوعي بقيمة بر الوالدين كواحد من أبرز الأعمال المحببة إلى الله -تعالى-، يساهم في تعزيز تقدير الأبناء لوالديهم ويشجعهم على بذل الجهد لتحقيق البر على قائمة أولوياتهم السلوكية.

Scroll to Top