تفسير الآية “ولقد خلقنا الإنسان في كبد” يعد من المواضيع التي أثارت نقاشات كثيرة بين العلماء والفقهاء في الدين الإسلامي. هذه الآية ترد في سورة البلد، رقم 4، وقد اجمع العديد من العلماء على أن تفسير هذه الآية يتصل بالسعي الدائم للإنسان في الأرض.
السعي المستمر للإنسان وعمله المتواصل في شتى مجالات الحياة يعكس جهوده للوصول إلى رضا الله سبحانه وتعالى في الدنيا والآخرة، ولإصلاح حياته وأداء رسالة تعود بالنفع على المجتمع.
تفسير: ولقد خلقنا الإنسان في كبد
تتعدد التفاسير المتعلقة بكلمة “كبد” ذاتها، والتي تختلف بحسب مذاهب واجتهادات العلماء، ومن بين هذه التفاسير:
- الكبد يعبر عن العناء والمشقة، مما يعني أن مغزى حياة الإنسان يتلخص في مواجهته لصعوبات الدنيا في سبيل تحقيق الآخرة.
- كما قد يدل الكبد على التعب الناتج عن القيام بعمل الخير، سواء كان هذا العمل يستر إنسان أو يقدم له المساعدة.
- كذلك يعكس الكبد المعاناة الناتجة عن مواجهة النفس وما تجره نحو السوء، وهو جهاد يُكافأ عليه الشخص من قبل الله عز وجل.
- من زاوية أخرى، يمكن أن يُعتبر الكبد ابتلاء إلهي يتحتم على الإنسان تحمله طوال حياته، وهو ما يعزز أجره عند الله.
- وأيضًا يمكن أن يكون الكبد عبارة عن الحرب والنضال، وهذا التفسير ينطبق على جهاد الإنسان ضد أي عدو له، سواء كان عدوًا للوطن أو الدين.
تفسير الشيخ الشعراوي
يفسر الشيخ الشعراوي في تفسيره للآية 6 من سورة البلد أن الإنسان خُلق ليعاني طوال حياته، مع عدم وجود وقت للراحة، وأن الهدف الأساسي من ذلك هو التأمل في عظمة الله والتعرف على حكمته من وجود الشقاء في الحياة.
إذا تمكن الإنسان من إدراك هذا التفسير وفهم الحكمة خلف كل ابتلاء، سيصل إلى مستوى عميق من الإيمان الذي ينبع من القلب، وبالتالي ستصبح حياته عبادة ترمي إلى التقرب من الله، مع الحرص على حسن المعاملة التي يشير إليها الدين.
كما يجب عليه الالتزام بأعماله بضمير، منطلقًا من إدراكه التام لنعمة الله عليه في مختلف جوانب حياته.
لماذا خلقنا الله في كبد؟
تتجلى حكمة الله في خلق الإنسان في شقاء خلال حياته، وهذا ما تشير إليه الآية “ولقد خلقنا الإنسان في كبد”. وقد اجتهد العلماء في تفسير هذه الحكمة، ومنها:
- لقد خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان ليدرك قيمة الحياة.
- فالذي لا يختبر الشقاء لا يستطيع أن يقدر نعيم الدنيا، ومن لا يجاهد نفسه لن ينعم بنعيم الآخرة.
- علاوة على ذلك، يتم خلق الإنسان في كبد لزيادة قربه من الله عز وجل، كما قال تعالى “وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون”.
- المؤمن هو من يستشعر حكمة الله في مشقة الحياة، ولا يعتبر الابتلاء ضارًا له.
- المؤمن الحقيقي يدرك أن شقاءه هو نعمة قريبة من الله، مما يقرب المسافة بين العبد وربه.
- يمكن القول إن عناء الإنسان ما هو إلا رحلة للتأمل في وجوده، ليعبد الله ويشكره على نعمه، لأن الشقاء يجعله يدرك نعم الله.
معنى “ولقد خلقنا الإنسان في كبد”
لا يمكن الجزم بمعنى محدد للتفسير “ولقد خلقنا الإنسان في كبد”، ولكن يمكن أن نجتهد لنفهم الحكمة من خلق الإنسان في شقاء، والتي تشمل:
- خُلِق الإنسان للمعاناة لكافة أشكالها.
- لذلك يشعر بأن له قيمة في الحياة.
- وكذلك فرض الله فرضيات تعكس المشقة، مثل الصيام والزكاة، ليكون للعبد رصيد عند الله من الإجلال.
- تحمل الإنسان لمصاعب الحياة يؤتي ثماره في الأجر في الآخرة.
- العناء الذي يعيشه الإنسان ليس عبثًا، بل هو جزء من تجربته.
- كما أن قسوة البحث عن لقمة حلال ترفع من شأن الإنسان عند الله وتفتح له أبواب الجنة.
الكَبَدْ في الآية 6 من سورة البلد
لا يزال الفقهاء يختلفون حول تفسير “ولقد خلقنا الإنسان في كبد”، لكن هناك العديد من المعاني التي تدور حول هذه الكلمة، ومنها:
- شقاء الإنسان في الدنيا يتمثل في جهوده لكسب ما يستطيع.
- لكن عليهم أن يتذكروا أن الكبد هو عدم التنازل عن الآخرة.
- معاناة الإنسان من المشاكل والصعوبات في الحياة تُمثل شقاء يمنح الأجر.
- محاربة النفس ووسواس الشيطان جهاد كبير أيضًا.
- لذا ذكر الله في كتابه “لقد خلقنا الإنسان في كبد”.
- المشقة التي يواجهها الإنسان تشمل تجارب حزينة، كفقدان أو خسارة أحبائه.
- يجب أن يدرك كل إنسان أن حياته لا تتوقف عند المحن، بل عليه مواصلة المسيرة التي خلق لأجلها.
معنى الكَبَدْ في القرآن الكريم
تختلف الآراء بين الفقهاء حول تفسير الآية “ولقد خلقنا الإنسان في كبد”، لكن تلك التأملات تقدم تفسيرات مهمة، من بينها:
- كلمة الكبد قد تشير فقط إلى الشقاء الجسدي.
- أي الجهد البدني الذي يبذله الإنسان في حياته اليومية.
- كما قد تعبر عن الأعباء النفسية التي تواجه الإنسان.
- أو قد تعني أن الإنسان يتحمل الشقاء النفسي والمادي معًا، مما يجعله في صراع طوال حياته.
- وصراع الإنسان مع الشيطان يعد من أصعب التحديات التي يواجهها.
سبب نزول آية ولقد خلقنا الإنسان في كبد
نزلت هذه الآية في سياق حديث عن أبي الأشد بن كلدة الجمحي، الذي أصابه الغرور نتيجة لقوته البدنية.