اختلافات احتفالات رأس السنة بين العصور القديمة والعصور الحديثة

إحياء حضارات قديمة لاحتفال رأس السنة

تُعتبر الاحتفالات برأس السنة من أهم المناسبات الاجتماعية التي يحتفي بها العديد من الأشخاص حول العالم. تعود أصول هذه الاحتفالات إلى العصور القديمة، حيث احتفلت بها ثقافات متعددة. نعرض فيما يلي بعض هذه الحضارات:

الحضارة البابلية القديمة

يُعتقد أن الشعوب البابلية في بلاد ما بين النهرين كانت من أوائل الحضارات التي احتفلت برأس السنة الجديدة. يُظهر التاريخ أنهم قد أقاموا مراسم خاصة للاحتفال بقدوم السنة الجديدة قبل أكثر من 2000 عام قبل الميلاد، حيث كان يبدأ عامهم الجديد بعد الاعتدال الربيعي المعروف، والذي يتزامن مع منتصف شهر آذار.

وأقام البابليون مهرجانًا يُعرف بـ “أكيتو”، احتفاءً بقدوم السنة الجديدة، حيث استمر المهرجان لعدة أيام. خلال هذا الوقت، كانوا يُظهرون تماثيل الآلهة في شوارع المدينة لتكريمها، إذ اعتقدوا أن تلك الآلهة هي سبب تطهير العالم وإعادة تشكيله بنحو أفضل.

الحضارة الرومانية القديمة

كانت الحضارة الرومانية من بين الحضارات القديمة التي شهدت احتفالات خاصة بمناسبة العام الجديد، والذي يتوافق عندهم مع بداية شهر كانون الثاني. تضمن الاحتفال ورش النذور للإله “يانُوس” أملاً في تحقيق الرزق الوفير خلال العام الجديد. كان الناس أيضًا يتبادلون الهدايا وأطيب التمنيات، ويقومون بأعمال بسيطة في هذا اليوم.

الحضارة المصرية القديمة

احتفل المصريون القدماء بعيد رأس السنة عبر إقامة مهرجانات متنوعة، التي غالبًا ما تضمنت طقوس الصلاة وشكر الآلهة. كانت رغبتهم تتمثل في كسب رضا الآلهة لضمان تدفق نهر النيل، الذي يعتبر شريان الحياة بالنسبة لهم.

كان المصريون يربطون احتفالاتهم بارتفاع منسوب نهر النيل، والذي يحدث عادة في منتصف يوليو. ولذلك، كانوا يقيمون احتفالات كبيرة تتضمن طقوس دينية متعددة خلال هذه الفترة.

الحضارة الصينية القديمة

أولت الحضارة الصينية القديمة أهمية كبيرة للاحتفال برأس السنة، حيث نشأت هذه الاحتفالات عادةً بسبب الخوف من الأساطير التي تتحدث عن وحش يظهر في نهاية كل عام ليهاجم الناس. لذلك، بدأ الناس بتنظيم احتفالات مليئة بالأضواء والأصوات الصاخبة لطرد هذا الوحش، مما أدى إلى فكرة الاحتفال برأس السنة الصينية التي تدوم عادةً حوالي 15 يومًا.

تتضمن الطقوس الصينية تنظيف المنازل للتخلص من الحظ السيء، وتزيين الأبواب ابتهاجًا بالعام الجديد. كما يسعى البعض لدفع الديون المتراكمة، مما يشير إلى بداية جديدة مليئة بالفرح.

الحضارة الإيرانية القديمة

احتفلت الحضارة الإيرانية بالعام الجديد المعروف بـ “النوروز” مع بداية فصل الربيع، واستمر الاحتفال لمدة 13 يومًا. يُعتبر الاحتفال جزءاً مهماً من الديانة الزرادشتية، حيث كان الملوك يشاركون المواطنين احتفالاتهم من خلال إقامتهم لمآدب طعام كبيرة وتقديم الهدايا، إلى جانب إشعال النيران في الشوارع تعبيرًا عن الفرح بقدوم العام الجديد.

احتفالات رأس السنة الحديثة

تتعدد طرق الاحتفال برأس السنة الجديدة في بلدان متعددة حول العالم. تبدأ الاحتفالات من مساء يوم 31 ديسمبر وتستمر حتى ساعات اليوم الأول من يناير. وتختلف هذه الممارسات باختلاف الثقافات والمناطق كما يلي:

الاحتفالات في أوروبا

تشهد دول أوروبا احتفالات مميزة ليلة رأس السنة، التي تدعمها الحكومات رسميًا، بالإضافة إلى تجمعات عائلية صغيرة تتضمن دعوة الأصدقاء. تُعد الأطباق المميزة جزءًا من هذه الاحتفالات.

يدخل الحفل طقوسًا مميزة في كل دولة، فعلى سبيل المثال في فرنسا يُخبز فطائر خاصة، وفي هولندا يُؤكل الكعك، بينما يُسقط السويسريون الكريمة على الأرض لجلب الحظ، وفي إيرلندا يُضرَب الخبز على الجدران طمعًا في الرزق.

الاحتفالات في أستراليا

تُقام الاحتفالات بشكل كبير في المدن الأسترالية، مع مسيرات موسيقية وحضور الشخصيات العامة. يُفضل البعض ارتداء الأزياء التنكرية بينما يرتدي الآخرون الملابس الرسمية، ويتم توزيع الجوائز للأكثر إثارة في الأزياء.

تشمل الاحتفالات أيضًا رحلات بالقوارب، وبدء العد التنازلي عند منتصف الليل، مع إطلاق الألعاب النارية في المدن الكبرى لاستقبال السنة الجديدة.

الاحتفالات في أفريقيا

تُجري الاحتفالات في إفريقيا في الأول من يناير، الذي يمثل بداية السنة الجديدة في التقويم الغريغوري. يُعتبر هذا اليوم عطلة في جنوب إفريقيا، حيث تُقام الاحتفالات في الساحات العامة وأماكن الهواء الطلق.

عادة ما تستمر الاحتفالات لمدة يومين، حيث يجتمع الأهل والأصدقاء للاحتفال بالعام الجديد ليلاً، مع إطلاق الألعاب النارية.

الاحتفالات في أمريكا الشمالية

تُحتفل أمريكا الشمالية بالعام الجديد من خلال إطلاق الألعاب النارية، وتنظيم حفلات خاصة وعامة تُبث مباشرة عبر التلفزيون، بالإضافة إلى المسيرات ومباريات كرة القدم.

تحتفل العائلات الأمريكية أيضًا بقدوم الطفل الأول في السنة الجديدة، مع تقديم الهدايا لهم، بينما يتم إغلاق المؤسسات ومرافق النقل في اليوم الأول من السنة الجديدة، مما يخلق جواً فريداً من الاحتفال.

الاحتفالات في أمريكا الجنوبية

تكتسب الاحتفالات في أمريكا الجنوبية طابعًا خاصًا بفضل تنوع ثقافاتها. يبدأ الناس بتناول وجبة عشاء تقليدية مع الأصدقاء قبل إطلاق الألعاب النارية احتفالاً بالسنة الجديدة.

الاحتفالات في آسيا

يطلق على احتفالات رأس السنة في آسيا غالبًا “مهرجان الربيع”، الذي يحتفل به الصينيون وغيرها من الدول الآسيوية. يبدأ هذا المهرجان عادةً من 21 يناير حتى 20 فبراير، حيث تقوم الأسر بتنظيف منازلها للإفراج عن الحظ السيء المتراكم.

تشمل ليلة رأس السنة احتفالات عائلية، حيث تُقام طقوس دينية تكريمًا للأجداد، مع توزيع الأموال في مظاريف حمراء كهدايا بمناسبة العام الجديد. تختتم الاحتفالات بمهرجان الفوانيس، حيث تُضاء الفوانيس الملونة وتُستعرض الأطعمة التقليدية.

Scroll to Top