تطور المشاعر والقدرات العاطفية خلال مرحلة المراهقة المبكرة

النمو الانفعالي خلال فترة المراهقة المبكرة

تعتبر فترة المراهقة المبكرة مرحلة مليئة بالتغيرات الجسدية والانفعالية والاجتماعية. في السطور التالية، نستعرض بعض الخصائص الرئيسية للنمو الانفعالي في هذه المرحلة.

التقلبات المزاجية

يمتاز المراهقون بتقلبات مزاجية شديدة بسبب التغيرات الهرمونية، مما يثير لديهم مشاعر أقوى وأكثر تنوعًا مقارنة بالأطفال والبالغين. غالبًا ما تكون تعبيراتهم عن المشاعر مبالغ فيها، حيث يشعرون في لحظة بالفرح والأمل، وفي اللحظة التالية يتعرضون للاكتئاب. تؤثر هذه التغيرات العاطفية على أدائهم الدراسي، مظهرهم، وخيارات صداقاتهم، فضلاً عن تأثيرها على قراراتهم.

الاندفاع في اتخاذ القرارات

تميل معظم المراهقين إلى اتخاذ قرارات بشكل متسرع دون التفكير في العواقب. يركزون في اتخاذ قراراتهم على ما يشعرهم بالرضا اللحظي، عندما يحاول الآباء توضيح دوافع قراراتهم بناءً على خبراتهم، غالبًا ما يكون رد فعل المراهقين عاطفيًا ولا يستمعون جيدًا للتفسيرات.

الصراع من أجل الاستقلالية

مع تقدمهم في العمر، يصبح المراهقون أقل اعتمادًا عاطفيًا على والديهم، مما يؤدي إلى صراعات متكررة حول الحاجة إلى المزيد من الاستقلالية والوقت الذي يقضونه مع الأصدقاء. يمر المراهقون خلال هذه المرحلة بمشاعر سلبية، لكن تأثير هذه المشاعر يتناقص غالبًا مع دخولهم المرحلة الثانوية.

البحث عن الهوية

تعتبر عملية تطوير الهوية محورية خلال هذه الفترة. عندما يستكشف المراهقون خيارات متعددة للهوية، قد يشعرون بقدر كبير من القلق، لكنهم يظهرون رغبة كبيرة في التعرف على هذه الخيارات. أظهرت الدراسات أن المراهقين الذين يلتزمون بهوية محددة مبكرًا يعانون من مستويات منخفضة من القلق ومن صراعات عائلية أقل. في المقابل، المراهقون الذين لا يستكشفون خيارات هويتهم يميلون إلى الشعور بالملل ويعانون من مشكلات في العلاقات مع أقرانهم، مما يزيد من مخاطر تعرضهم لمشاكل الصحة العقلية أثناء البلوغ.

من المهم ملاحظة أن المراهقين الذين يحققون شعورًا مستقرًا بالهوية يميلون إلى أن يكونوا أكثر تعاطفًا وقدرة على إدارة عواطفهم.

السعي نحو الانتماء إلى مجموعة الأقران

يسعى المراهقون دائمًا للتوافق مع الآخرين، حيث يشعرون بحاجة ملحة للانضمام إلى مجموعة من الأصدقاء بسبب مخاوفهم الاجتماعية وانعدام الأمن. يتعامل المراهقون بشكل متزايد مع القضايا الاجتماعية المعقدة، وغالبًا ما يبحثون عن مجموعة أقران مستقرة كوسيلة لفهم مشاعرهم وإدارتها بشكل أفضل. تنشأ العلاقات الإيجابية بين الأقران من الاعتراف بالمساواة والرغبة في تقديم الدعم العاطفي.

وقد ثبت أن المراهقين الذين يواجهون صعوبة في قبولهم من أقرانهم يتعرضون لمخاطر متعددة، بما في ذلك التسرب الدراسي والانحراف. في المقابل، يميل المراهقون الذين يتم قبولهم من قبل أقرانهم ولديهم صداقات قوية إلى تجربة زيادة في المشاعر السلبية مثل الغضب والقلق في البيئة الاجتماعية، مما يعزز نموهم العاطفي والصحة العقلية مع اقترابهم من مرحلة البلوغ.

عدم استقرار المشاعر

يمر المراهقون بفترات من عدم استقرار المشاعر، وأهم سماتها تشمل:

  • تعتبر المشكلات السلوكية والتمرد شائعة؛ رغم أنها قد تبدو مزعجة، إلا أن لها دورًا في تعزيز نمو هوية المراهق.
  • يعتقد المراهقون أنهم تحت المراقبة والتقييم الدائم من قبل الآخرين، مما يزيد من قلقهم حول مظهرهم.
  • تمر هذه المرحلة بتجارب عاطفية سلبية مرتبطة بزيادة القدرة على التفكير المجرد، حيث يعاني المراهقون غالبًا من ضغوط عاطفية نتيجة تبادل عواطف غامضة.
  • تبدأ المشاعر الرومانسية تجاه الجنس الآخر خلال هذه الفترة، مما قد يصرف انتباههم عن الأنشطة اليومية مثل الدراسة والرياضة، وأحيانًا قد يصاحب ذلك مشكلات عاطفية حادة تؤدي إلى الاكتئاب.

كيف يمكن تقليل التوتر والقلق لدى المراهقين؟

تعتبر المساندة الاجتماعية من أهم العوامل التي تساعد في تخفيف التوتر والقلق لدى المراهقين. يشمل ذلك الدعم المقدم من الأسرة، الأصدقاء، المعلمين، والمدربين، حيث يعزز هذا الدعم قدرة المراهقين على التعامل مع الظروف الصعبة. وجود شخص قريب يمكن الاعتماد عليه عندما يحتاجون للمساعدة يمكن أن يسهم في تطوير مهاراتهم في إدارة المواقف العصيبة.

بالإضافة إلى ذلك، يعتبر شعور الحماية والأمان عاملًا رئيسيًا في هذا السياق. المراهقون الذين يشعرون بالأمان والحماية عادة ما يتعاملون مع التحديات والتوتر بطرق أكثر إيجابية مقارنة بالمراهقين الذين يعانون من عدم الدعم أو انعدام الأمان من محيطهم (الأسرة، المجتمع، المدرسة). تساعد القواعد والحدود على تعزيز شعور الأمان والراحة، مما يجعل الشباب يشعرون براحة أكبر عندما يعرفون ما هو متوقع منهم.

Scroll to Top