تعتبر عبارة “ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله” من المواضيع التي تثير تساؤلات العديد من المسلمين، نظرًا لرغبتهم في الابتعاد عن المكر وعدم الوقوع في براثنه.
في الفقرات التالية، سنستعرض معًا تفسير العبارة “ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله”.
تفسير الآية في سورة فاطر
سورة فاطر هي من السور المكية وتُعد من السور المثاني، حيث تحتوي على 45 ayah. تكتسب سورة فاطر أهمية بالغة بين سور القرآن الكريم للأسباب التالية:
- تأتي السورة في الترتيب رقم 35 ضمن سور القرآن.
- بدأ الله سبحانه وتعالى السورة بالحمد والثناء على ذاته، كما ورد في الآية: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۚ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
- اسم “فاطر” هو أحد أسمائه الحسنى، وقد نزلت السورة بعد سورة الفرقان، وتسبق سورتَي يس وسبأ.
- ذكر ابن عاشور أن السورة تُعرف أيضًا بسورة الملائكة، كما جاء في عدة مصاحف وكتب التفسير والحديث.
- تمت تسميتها بهذا الاسم بسبب بدايتها التي تتحدث عن الملائكة.
- تناولت السورة في نهايتها الحديث عن الكافرين، مسلطة الضوء على عقوبة من يخطط لمكر وخداع، وكيفية تعامل الله معهم، وهذا ما سنستعرضه من خلال تفسير “ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله”.
فهم الآية: ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله
قبل كل شيء، يجب أن نعلم أن هذه الآية وردت في سورة فاطر، وجاء تفسيرها كالتالي:
- تعد سورة فاطر من السور التي توضح معاندة الكافرين لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإعراضهم واستكبارهم وادعاءاتهم الزائفة.
- جاء في الآية: {اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ ۚ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ۚ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ ۚ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا}.
- تتحدث هذه الآية رقم 43 في السورة عن حال الكافرين الذين أقسموا أنهم إذا بعث الله لهم نذيرًا، سيؤمنون به.
- لكن عندما جاء رسول الله ودعاهم إلى الحق، استكبروا وأعرضوا وبدأوا محاربته بكل الوسائل.
- هذا القسم كان مجرد خداع ومكر، مع أن مكرهم سيكون وبالًا عليهم، لأن المكر والخداع لا يحيق إلا بأهله.
تفسير الإمام الطبري
أوضح الإمام الطبري في تفسيره لهذه الآية بعض النقاط الهامة، ومنها:
- أن الكافرين قد تكبروا في الأرض والتفوا حول المكر السيئ المسلمين.
- قاموا عمدًا بمنع الضعفاء من الإيمان بالدين الإسلامي وبتعليمات النبي.
- تشير الآية إلى معنى “المكر” الذي يمكن أن يعني الشرك، كما ذكر قتادة.
- تشير الإضافة “السيئ” للمكر كصفة تسلط الضوء على حقيقته.
- توضح الآية أن مكروه المكر لا ينزل إلا على أصحابه.
- تؤكد أيضاً أن المشركين لا ينتظرون إلا إتيان سنن الله وعقابهم بسبب مكرهم.
تفسير ابن كثير
استعرض الإمام ابن كثير في تفسيره جوانب عدة، ومن ضمنها:
- أشار الإمام إلى أن الكفار قد استكبروا ولم يتبعوا آيات الله، وسعوا لمكر الناس.
- لذا، سيكون مكرهم عاقبته وخيمة على أنفسهم.
- تمت الإشارة إلى أن الماكر سيواجه عقوبة من الله بسبب كفره، كما في قوله تعالى.
- وكما ذكر النبي “صلى الله عليه وسلم” في أحاديث تحذر من المكر السيئ.
- بيّنت الآيات في سورة فاطر أن الكافرين ينتظرون فقط العقوبات.
- تتحدث سنن الله دائمًا عن عقاب كل ماكر.
..
..
..
تفسير ابن عاشور
بينما استعرض ابن عاشور بعض التفسيرات المتعلقة بهذه الآية، جاء كما يلي:
- تم وصف المكر كأمر سوء يمثل إخفاء الأذى.
- تزامن ذكر صفة “السيئ” مع المكر ليدل على حقيقته.
- تم تطبيق المكر من الكفار ضد النبي وأصحابه.
- يشرح معنى “يحيق” على أنه ينزل بالشخص الأمر السيئ، ليؤكد أن الأذى لا يصيب إلا أهله.