آيات المنافقين
روى أبو هريرة -رضيَ الله عنه- عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنه قال: “آيَةُ المُنافِقِ ثَلاثٌ: إذا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذا وَعَدَ أخْلَفَ، وإذا أُؤتُمِنَ خانَ”. تشير هذه الآيات إلى العلامات التي تُميز المنافقين، حيث يُظهر المنافق الإسلام بينما يخفى داخله الكفر.
الكذب في الحديث
نهى الإسلام عن الكذب واعتبره من الصفات التي تُذم، وقد أشار رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إلى أن الكذب هو علامة من علامات المنافقين، حيث قال: “إنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إلى الفُجُورِ، وإنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إلى النَّارِ، وما يَزالُ الرَّجُلُ يَكذِبُ ويَتحَرَّى الكذب حتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا”.
لقد كان الكذب موجوداً منذ الجاهلية قبل الإسلام، وعندما جاء الإسلام، نهى عنه وحث على الصدق، مُكنتج عائدات مادية ومعنوية من الله -تعالى-، حيث يتم تصنيف من يُظهر الصدق ضمن الذين قال فيهم -سبحانه وتعالى-: “يا أَيُّها الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَكونوا مَعَ الصّادِقينَ”.
إخلاف الوعد
ذَمّ الإسلام إخلاف الوعد واعتبره من سمات النفاق، وهو من الصفات التي تُردع الناس عن الاقتراب من من يتصف بها. كما قال المثنى بن حارثة الشيباني: “لأن أموت عطشاً، أحب إليّ من أن أخلف موعداً”. وقد اتفق المسلمون على أن الوفاء بالوعد صفة محمودة، بينما يُعتبر الإخلاف به من الصفات الذميمة.
وقد أثنى الله -سبحانه وتعالى- على نبيّه إسماعيل -عليه السّلام- بسبب صفة الوفاء بالوعد، حيث قال: “إِنَّهُ كانَ صادِقَ الوَعدِ وَكانَ رَسولًا نَبِيّاً”. وفي سياق ذم إخلاف الوعد، قرر -تعالى-: “فَأَعقَبَهُم نِفاقاً في قُلوبِهِم إِلى يَومِ يَلقَونَهُ بِما أَخلَفُوا اللَّـهَ ما وَعَدوهُ وَبِما كانوا يَكذِبونَ”.
خيانة الأمانة
تناول القرآن الكريم صفات المؤمنين وأخلاقهم كوسيلة لمدحهم، لتكون مثالاً يحتذي به الآخرون. من هذه الصفات الحفاظ على الأمانة وأدائها، كما جاء في قوله -تعالى-: “وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ”. وقد اعتبر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- خيانة الأمانة علامة من علامات المنافقين، لأنها تدل على عدم الحفاظ على الروابط بينه وبين الله ورسوله، وبين العباد.
كما عظّم الله -تعالى- قيمة الأمانة ووظفها كشرط للتكليف من خلال الالتزام بما أمر الله به واجتناب ما نهى عنه والعمل على مراقبة الله لها في السر والعلن. وقد رفضت الكائنات العظيمة من السماوات والأرض والجبال حمل هذه الأمانة خوفاً من عدم القدرة على أدائها بشكل صحيح، ولكن الإنسان قبل بها رغم قصوره وجهله.
وقد خصص الله -تعالى- ثواباً عظيماً وجزاءً كبيراً لمن يلتزم بالأمانة، حيث قال: “إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا”. وهذا يشير إلى أن بعض الناس ظاهروا التزامهم بالأمانة في علانيتهم بينما كانوا يتجاهلونها في سرهم، وهؤلاء هم المنافقون، بينما يوجد المؤمنون الذين يلتزمون بها في جميع أحوالهم.