النهج الوصفي في دراسة اللغة العربية

تعريف المنهج الوصفي في اللغة

يمكن تعريف المنهج الوصفي في اللغة بأنه الأسلوب المستخدم لدراسة وصف لغة أو لهجة معينة من خلال تحليل مستوياتها اللغوية المختلفة. يتضمن ذلك دراسة الجوانب الصوتية، الصرفية، النحوية، والدلالية، مع ضرورة تقييد البحث بمكان وزمان محددين، حيث لا يمكن للباحث اتباع هذا المنهج دون تحديد الزمان والمكان.

يمتاز المنهج الوصفي بدراسته للغة من منظورها الثابت، بخلاف المنهج التاريخي الذي يركز على التغيرات اللغوية والظواهر المتحركة.

أسس المنهج الوصفي في اللغة

تستند أسس المنهج الوصفي إلى البدء بدراسة اللغة المنطوقة ثم الانتقال إلى اللغة المكتوبة. لكن من المهم ملاحظة أن هذا الأساس قد لا يمكن تطبيقه على كافة الدراسات اللغوية، خصوصاً في فترات تاريخية حيث يصعب تجميع معلومات عن الصورة المنطوقة. لذا، تعتمد الدراسات اللغوية للغة العربية في العصر الجاهلي وحتى الوقت الحاضر على النصوص المكتوبة من شعر ونثر، نظراً لصعوبة الوصول للصيغ المنطوقة.

على النقيض، فإن دراسة الخصائص الصوتية للهجة العامية الأردنية المعاصرة في منطقة عمان، مثلاً، تعد دراسة ممكنة بسبب سهولة الوصول إلى الجوانب المنطوقة من اللهجة.

البدايات التاريخية للمنهج الوصفي في اللغة

ترجع بدءيات المنهج الوصفي في اللغة العربية إلى جمع النصوص من أفواه رواة اللغة، ثم انتقالها عبر الأجيال بشكل شفهي، مما أتاح استخراج القواعد واستنباطها نتيجة لعملية استقراء اللغة.

يعتبر الخليل بن أحمد الفراهيدي والكسائي من أبرز اللغويين الذين اتبعوا المنهج الوصفي، إذ اعتمدوا على نقل مباشر وغير مباشر من المتحدثين الأصليين، حيث كان النقل المباشر يتم من خلال مواجهتهم في البادية، بينما المؤرخين وغيرهم كانوا يعتمدون على ما يُجمع من رواية القادمين إلى المدن.

المحددات الأساسية لتطبيق المنهج الوصفي

لتطبيق المنهج الوصفي في اللغة، هناك أربعة محددات ضرورية يجب توضيحها، وهي كالتالي:

  • تحديد الزمان:

يعني ذلك تحديد الفترة الزمنية المراد تغطيتها في الدراسة، سواء كانت لفترة عشر سنوات، خمس سنوات، أو أي فترة زمنية أخرى.

  • تحديد المكان:

يجب الإشارة إلى الموقع الجغرافي الذي يتمركز حوله البحث، وذلك لأن لهجات المناطق الساحلية تختلف عن لهجات المناطق الجبلية، وتختلف لهجة أهل الشام عن لهجة أهل العراق، وهكذا تبرز الاختلافات اللغوية استنادًا للموقع الجغرافي.

  • تحديد المستوى اللغوي:

من الضروري تحديد المستوى اللغوي المراد دراسته، سواء كان يتعلق بالجوانب الصوتية، الصرفية، النحوية، أو الدلالية. كما يجب تحديد إذا كانت الدراسة ستتناول اللغة الفصحى أو اللهجة العامية.

  • تحديد العينة المستهدفة:

يقصد به أن يقوم الباحث بتحديد العينة المنطوقة (الصوتية) والعينة الكتابية (المكتوبة). تُجمع العينة المنطوقة من خلال اختيار مجموعة من الأشخاص المقيمين في منطقة الدراسة، بينما تُجمع العينة الكتابية من مصادر مثل المجلات، الكتب، الصحف، الدواوين، الروايات، والقصص.

خطوات المنهج الوصفي

تتألف خطوات المنهج الوصفي من ثلاث مراحل رئيسية، وهي: الاستقراء، التصنيف، والتقعيد، وسنشرح كل منها كما يلي:

  • الاستقراء:

الاستقراء يعني فهم كيفية استخدام اللغة بين الناطقين بها من خلال الاتصال المباشر، وتدوين ما يسمع، واختيار متحدثين أصليين للغة أو اللهجة المدروسة. يُفضل أن يكون المتحدثون غير متأثرين بعوامل خارجية مثل السفر إلى دول أخرى أو التفاعل مع ناطقين بلغات مختلفة، حيث قد تؤثر هذه العوامل على أصالة استخدامهم للغة.

  • التصنيف:

بعد جمع البيانات، يتم تصنيفها من خلال ملاحظة أوجه الاتفاق والاختلاف، وتصنيف المواد اللغوية المشابهة من حيث الشكل أو الوظيفة، وإعطائها أسماء محددة.

  • التقعيد:

بغرض وضع القواعد الأساسية، يجب أن تُعتمد في صياغتها على اللغة المدروسة كمركز، وليس كقواعد مفروضة على متحدثي اللغة. يجب أن تكون القواعد واضحة ومختصرة، مع مراعاة الاستثناءات التي يجب الإشارة إليها كظواهر فرعية.

Scroll to Top