المغرب الأقصى
تُعرف المنطقة الجغرافية التي تُعرف حاليًا بمملكة المغرب باسم المغرب الأقصى، وهو تعبير يبرز موقعها الجغرافي حيث تعني كلمة “أقصى” الأكثر بُعدًا. وتمت تسميتها بهذا الاسم بسبب بُعدها عن مركز الخلافة الأموية في أقصى الغرب.
تاريخ المغرب الأقصى
التاريخ القديم للمغرب
شهد تاريخ المغرب العريق تنوعًا في الحضارات منذ العصور القديمة، ابتداءً مع الفينيقيين الذين وصلوا إلى موكادور (الصويرة) في أقصى غرب البلاد. ثم تتابعت الحضارات، حيث تأثرت البلاد بالحضارة البونيقية وظهور التأثير القرطاجي في عادات الدفن وانتشار اللغة البونيقية. استمر هذا التسلسل الحضاري حتى الوصول إلى الحضارة الموريتانية الطنجية، والتي انتهت بموت الملك بتوليمي في 40 قبل الميلاد، ليدمج الرومانيون المملكة الموريتانية في الإمبراطورية الرومانية.
بعد قوة الرومان، شرعت روما في بناء مراكز عسكرية وإعادة إعمار بعض المدن مثل مودة وطنجة وتاموسيدة وزليل وبناصا ووليلي وشالة. وقد شهدت هذه الفترة ازدهار التجارة في البحر الأبيض المتوسط، واستمر النفوذ الروماني في المغرب حتى عام 285 م، عندما بدأت روما بتقليص سلطتها الإدارية من معظم المناطق الواقعة جنوب اللكوس باستثناء سلا وموكادور. وانتهت الفترة الرومانية في المغرب في بداية القرن الخامس الميلادي بانسحابها من جميع مناطق المغرب العربي.
تاريخ المغرب في العصر الإسلامي
ظهرت الحضارة الإسلامية في المغرب عام 681 م على يد عقبة بن نافع – رضي الله عنه – الذي واصل الفتح حتى عام 707 م، حيث اعتنق العديد من البربر الإسلام. وفي عام 788 م، أسس القائد العربي إدريس بن عبد الله الدولة الإدريسية، التي ضمت المناطق العربية والبربرية تحت حكمه. يمكن تعريف الدولة الإدريسية بأنها حكم يمتد بين أفراد العائلة الواحدة، حيث حظي حكامها بلقب السلاطين، واستمر حكمها لفترة تقارب 200 سنة.
تاريخ المغرب في عهد السلالات الأمازيغية
بدأ عصر هذه السلالات في القرن السادس عشر الميلادي مع تأسيس مجموعة من الرحالة المنتمين لقبيلة صنهاجة الأمازيغية تحت قيادة عبد الله بن ياسين، والذي نجح في توحيد القبيلة وتأسيس حركة المرابطين التي تطورت لتصبح دولة المرابطين بفضل تزايد أنصارها. يعود اسم الحركة إلى هدفها في خدمة المسلمين وحمايتهم. بعد معركة الزلاَّقة، التي أدت إلى عودة الأندلس إلى المسلمين بقيادة يوسف بن تاشفين، تم تأسيس العاصمة مراكش. انتهت فترة المرابطين بسبب تراجع الروح الدين لدى علمائهم وانشغالهم بالأمور الخارجية.
بعد فترة المرابطين، برز الموحدون بقيادة عبد المؤمن بن علي، الذي تمكن في عام 1147 م من السيطرة الكاملة على المغرب الأقصى بعد القضاء على المرابطين. ولم يدم حكم المرابين طويلاً بعد ظهور المرينيين القادمين من الحدود الشرقية، الذين شكلوا قوة عسكرية قادرة على الإطاحة بهم.
استطاع المرينيون السيطرة على عدد من المدن مثل الرباط، وسلا، والسهول الغربية، وتمكنوا في عام 1269 م من الاستحواذ على مراكش تحت قيادة أبي يوسف يعقوب. كما قاموا بتأسيس العديد من المدارس البارزة مثل مدرسة العطارين والمدرسة البوعنانية والمدرسة المرينية في سلا. في عام 1331 م، أسس أبو الحسن الإمبراطورية المرينية وضم مدينة تلمسان عام 1347 م، لكن الأمور لم تسير لصالحه عام 1340 م عندما فقد الجزيرة الخضراء في إسبانيا. كما ساهم انتشار الطاعون عام 1349 م في انهيار الإمبراطورية المرينية، بعد حدوث العديد من الثورات التي أدت إلى سقوط حكمهم.
تاريخ المغرب في عهد السعديين
تمكنت سلالة السعديين، التي تعود جذورها إلى وادي درعة، من السيطرة على مراكش عام 1525 م وجعلها عاصمتها. وفي عام 1548 م، تمكنوا من ضم فاس إلى منطقتهم. في عام 1578 م، بدأ عصر أحمد المنصور، المعروف باسم العصر الذهبي، الذي شهد انتصارات عسكرية بارزة مثل معركة الملوك الثلاثة في وادي المخازن، بالإضافة إلى فتح مدينة تمبوكتو. لم تقتصر إنجازات أحمد المنصور على المجال العسكري فحسب، بل شملت أيضًا:
- بناء قصر البديع.
- تطوير صناعة الأسلحة.
- إنشاء صناعة السكر.
- وصول السعديين إلى ذروة حكمهم خلال عهده.
تاريخ المغرب الحديث
في عام 1830 م، كانت فرنسا تسعى للسيطرة على المغرب، وبموجب اتفاقية فاس عام 1912 م، تمكنت من ضم المغرب إلى نطاق سيطرتها، واستمر ذلك حتى حصول المغرب على استقلاله عام 1956 م؛ حيث تولى الحكم السلطان محمد الخامس، وتبعه الملك الحسن الثاني من عام 1961 حتى 1999 م، وصولًا إلى الملك محمد السادس بن الحسن العلوي منذ عام 1999 م. وقد حكمت الأسرة العلوية المغرب منذ عام 1649 م وحتى الوقت الحالي.