عمر بن الخطاب رضي الله عنه
يمتاز التاريخ بتسجيل إنجازات العديد من الشخصيات العظيمة التي رسمت معالمه من خلال تأثيرها في جوانب متعددة من الحياة، تجمع بين الدين والدنيا. وعندما نتحدث عن هذه الشخصيات، نجد في مقدمتها عمر بن الخطاب. فهو واحد من الأعلام الذين تركوا أثرًا بارزًا في التاريخ الإسلامي، ويُعرف بلقب الفاروق.
اللقب والكنية
لقب عمر بن الخطاب بالفاروق، وكان يُكنّى بأبي حفص. حصل على هذا اللقب من الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- بسبب جهره بإسلامه في مكة، حينما أعلن إسلامه علنًا، بينما كان بقية المسلمين يعتنقون الدين الجديد سرًا. بفضل ذلك، أصبح يُعرف بقدرته على تمييز الحق من الباطل. وكان عمر يتمتع بشخصية قوية، مما جعل الكثير من الناس يخشونه.
علاوة على ذلك، كان عمر بن الخطاب هو أول من اطلق عليه لقب أمير المؤمنين، فقد عُرف أبو بكر الصديق خلال فترة خلافته بلقب خليفة رسول الله، لكن بعد أن تولى عمر الخلافة، تيسر للناس أن ينادوه بأمير المؤمنين.
نسبه ونشأته
عمر بن الخطاب هو ابن الخطاب بن نُفيل بن عبد العُزى بن رباح، والدته هي حنتمة بنت هشام بن المغيرة. أسلم في السنة الخامسة من بعثة النبي محمد، وكان في السابعة والعشرين من عمره. وكان قبل إسلامه معروفًا بمعاداته الشديدة للإسلام، ولكنه اعتنق المبادئ الإسلامية استجابة لدعاء النبي له بأن يفتح الله صدره للإسلام.
شخصية عمر كانت قوية، وإرادته لا تلين، مما جعله رجلًا ذا هيبة واحترام. نشأ كراعٍ ثم انتقل إلى التجارة، حيث كان يهتم بتبادل العلوم والخبرات مع الشخصيات البارزة. وقد كان واحدًا من عدد قليل من قريش يعرفون القراءة والكتابة. بالإضافة إلى ذلك، كان يمتاز بطوله وقوته، حيث كان إذا مشى بين الناس يبدو كأنه راكب على دابة.
خلال فترة الجاهلية، اعتاد عمر على شرب الخمر وملاحقة النساء، ولكن بعد إسلامه، أحدث تحولًا عميقًا في حياته ومبادئه.
إسلامه
شهدت فترة عمر قبل إسلامه قسوة غير عادية، إلا أن تلك القسوة كانت تحتوي على جوانب من الرحمة. وعندما علم بإسلام أخته وزوجها، توجه إليهما غاضبًا. أثناء ذلك، شاهد ورقة متساقطة تحتوي على آيات من القرآن، وحين قرأها أدرك أن هذا ليس من قول البشر، ففتح الله قلبه للإسلام.
موقفه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم
عقب وفاة النبي، شهد عمر حالة من الاضطراب. كان يتوقع عودة النبي ويعتقد أن وفاته ليست سوى فترة غياب مؤقت. لكن أبو بكر الصديق كان له دور حاسم في تهدئة الأمور، حيث أعلن وفاة النبي بشكل قاطع، مما أثر في عمر وجعله يتحرك للدفاع عن الإسلام خلال أوقات الفتنة.
عمر بن الخطاب أمير المؤمنين
بعد وفاة أبو بكر الصديق، بايعت الأمة عمر بن الخطاب ليكون خليفته. شهِد عهد عمر العديد من الفتوحات العسكرية والإصلاحات الإدارية، حيث قسم الدولة الإسلامية إلى عدة أمصار مع تعيين حكام لكل منها.
اتخذ المدينة المنورة عاصمة له، وبهذا، أسس نظامًا مركزيًا يسمح له بإدارة أمور الدولة بكفاءة.
وفاته
استمر الحقد ضد أمير المؤمنين، وفي أثناء تأديته لصلاة الفجر في أخر حجة له، طُعن على يد أبو لؤلؤة الفارسي. ورغم وجود من حاول الإيقاع بالمعتدي، إلا أن الهجوم أسفر عن إصابة عدد من المصلين. نزف عمر حتى أسلم روحه، تاركًا وراءه إرثًا عظيمًا في التاريخ الإسلامي.